لم يكن عام 2024 عامًا عاديًا لشركة أرامكو السعودية، التي واجهت تحديات متزايدة في أسواق الطاقة العالمية، لكنها رغم ذلك، تمكنت من تحقيق صافي دخل بلغ 398.42 مليار ريال سعودي (106.23 مليار دولار). وعلى الرغم من تراجع الأرباح بنسبة 12.4% مقارنة بعام 2023، إلا أن أرامكو حافظت على التزامها القوي تجاه مساهميها، عبر توزيعات نقدية ضخمة.
شهدت أسواق النفط العالمية عامًا مليئًا بالتحديات، حيث تأثرت الأسعار بالتقلبات المستمرة، إلى جانب تراجع إمدادات المملكة بسبب التخفيضات الطوعية في الإنتاج ضمن تحالف أوبك+. ورغم هذه العوامل، أثبتت أرامكو مرونتها، حيث بلغ إجمالي إيراداتها لعام 2024 نحو 1.637 تريليون ريال (436.61 مليار دولار)، متراجعًا بنسبة 0.97% عن 2023.
ويرجع الانخفاض بشكل أساسي إلى تراجع أسعار النفط الخام والكميات المبيعة، إضافة إلى انخفاض أسعار المنتجات المكررة والبتروكيماوية، رغم تحسن مبيعات بعض المنتجات الأخرى.
في خطوة تؤكد على استقرار سياساتها المالية، أعلنت أرامكو عن توزيع أرباح نقدية أساسية بقيمة 79.3 مليار ريال عن الربع الرابع من 2024، بزيادة 4.2% عن نفس الفترة من العام الماضي.
ورغم هذا النمو في الأرباح الأساسية، إلا أن الأرباح المرتبطة بالأداء تراجعت بشكل حاد، حيث بلغت 800 مليون ريال فقط، بانخفاض 98% مقارنة بالفترة المماثلة من 2023.
وبإجمالي توزيعات بلغت 429.4 مليار ريال لعام 2024، سجلت أرامكو زيادة بنسبة 5% عن 2023، مع عائد توزيع نقدي بلغ 6.5%، استنادًا إلى سعر السهم البالغ 27.5 ريال.
أما بالنسبة لعام 2025، فتتوقع الشركة أن تنخفض توزيعات الأرباح إلى 320.4 مليار ريال، أي بتراجع 25% مقارنة بعام 2024، مع عائد توزيع نقدي 4.8% وفقًا للأسعار الحالية للسهم.
لم تقتصر أرامكو على تحقيق أرباح قوية، بل واصلت الاستثمار في مشاريع استراتيجية تدعم مستقبلها على المدى البعيد. وبلغت التدفقات النقدية من أنشطة التشغيل 508.9 مليار ريال (135.7 مليار دولار) لعام 2024، مقارنة بـ537.8 مليار ريال (143.4 مليار دولار) في 2023.
كما بلغت التدفقات النقدية الحرة 320 مليار ريال (85.3 مليار دولار)، مقابل 101.2 مليار دولار في العام السابق. أما الاستثمار الرأسمالي، فقد بلغ 199.9 مليار ريال (53.3 مليار دولار)، مع توقعات بأن يتراوح بين 195 و217.5 مليار ريال لعام 2025.
أكدت أرامكو أنها مستمرة في تنفيذ خطط النمو في التنقيب والإنتاج والتكرير والبتروكيماويات، مع توقعات بإضافة 9 إلى 10 مليارات دولار من التدفقات النقدية بحلول عام 2030، من خلال التوسع في أعمال الغاز والتكرير.
كما تحتفظ الشركة بمرونة تشغيلية تتيح لها الاستفادة من مليون برميل يوميًا من الطاقة الاحتياطية عند الحاجة، ما قد يحقق 45 مليار ريال (12 مليار دولار) إضافية في التدفقات النقدية.
وفي تعليقه على النتائج، قال المهندس أمين بن حسن الناصر، الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو: "صافي الدخل القوي وتوزيعات الأرباح المتزايدة يعكسان مرونة أرامكو الاستثنائية، وقدرتها على الاستفادة من نطاق أعمالها الفريد، وتكلفة إنتاجها المنخفضة، ومستوياتها العالية من الموثوقية، مما يضمن تقديم أداء ريادي لمساهمينا وعملائنا".
وأضاف: "رغم التحديات، واصل الطلب العالمي على النفط تسجيل مستويات مرتفعة في 2024، ونتوقع نموًا إضافيًا في 2025، حيث تبقى الطاقة المستدامة مفتاح التنمية الاقتصادية العالمية".
إلى جانب توسعها في إنتاج النفط والغاز، تواصل أرامكو التركيز على تقنيات الذكاء الاصطناعي والرقمنة لتعزيز كفاءة عملياتها التشغيلية. كما تواصل الاستثمار في حلول الطاقة الجديدة، مما يعزز دورها كشركة عالمية قادرة على التكيف مع التحولات في قطاع الطاقة.
ورغم التحديات التي مرت بها الأسواق العالمية، أظهرت أرامكو السعودية قدرة فائقة على الحفاظ على توزيعات أرباح جذابة، واستثمارات استراتيجية تعزز مكانتها العالمية. ومع استمرار نمو الطلب على النفط، واستقرار سياسات التوزيع، تبدو الشركة مستعدة لمواصلة ريادتها في قطاع الطاقة خلال السنوات المقبلة.