هدفي التركيز على صناعة الإنسان وتحسين جودة الحياة

حوّلت التحديات والفقد إلى فرص ونجاحات شخصية

مشاعل السعيدان، سيدة أعمال سعودية لامعة، تمكنت من حجز مكانة متميزة في القطاع العقاري والتكنولوجي، مشكّلة رمزًا للطموح السعودي. اتخذت مشاعل خطواتها بثبات عبر تأسيس مشروع تقنيات البناء الحديث، الذي يهدف إلى تصدير المنتجات وتدريب الكفاءات السعودية، مرتكزة على معرفتها التي اكتسبتها خلال دراستها في بريطانيا ضمن برنامج الابتعاث. ومن خلال رحلتها المهنية، نجحت في تحويل التحديات إلى فرص، متخذة قرار الزواج المبكر انطلاقًا من تجربة شخصية مليئة بالصعوبات؛ حيث واجهت فقدان والدتها في سن مبكرة، ما جعلها تطمح للتأثير الإيجابي في حياة أبنائها، واختيار شريك يشاطرها نفس الرؤية والطموح. تتطلع مشاعل إلى أن تصبح جزءًا فاعلًا في مسيرة التحول الوطني، وذلك عبر تقديم مبادرات غير ربحية تستهدف رفع جودة الحياة، وتمكين رواد الأعمال الشباب. وتضع نصب عينيها هدفين محوريين هما: «صناعة الإنسان» بتطوير قدرات الشباب السعودي، و»صناعة العقار» لتلبية احتياجات المجتمع بطرق مبتكرة. تمثل مشاعل السعيدان تجسيدًا لطموح المرأة السعودية نحو المشاركة الفاعلة في التنمية الاقتصادية، بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030.

حضور لافت في العقار

بدأت اهتمامات مشاعل بالعقار منذ صغرها، إذ كانت تتابع عن كثب عمل والدها ومحادثاته التجارية في المنزل والمزرعة، مما خلق لديها ارتباطاً عميقاً بهذا المجال. لاحظت أن النساء لم يكنّ حاضرات فيه بشكل فعال، وحتى المستثمرات منهن كنّ يعتمدن على الرجال. وبتفكيرها المتفرد، رأت أن للمرأة لمساتها المميزة، خاصةً فيما يتعلق بالمساكن، مما يضيف جودة ويقلل من تكاليف المشاريع.

في مطلع مسيرتها المهنية، تخرجت مشاعل من المرحلة الثانوية وبدأت بتأسيس قسم نسائي في الشركة، مركزة على المدارس في استراتيجيات التسويق، حيث كانت العديد من المعلمات مستثمرات محتملات. وبفضل نجاح هذه التجربة، افتتحت الشركة قسمًا نسائيًا مستقلًا، كما قادت مشاعل الشراكة مع كولدويل بانكر العالمية، حيث أدارت بنجاح فرعها في السعودية. بعد ذلك، أنشأت شركة «المسكن الميسّر»، التي ضمّت قسماً نسائيًا منذ البداية. ومع توسع مسؤولياتها، انضمت مشاعل إلى قطاع الصناديق العقارية، حيث تعاونت شركة بن سعيدان مع «كسب المالية» لإطلاق «صندوق طيبة» كأول صندوق عقاري تديره النساء. وكان هذا المشروع جذب استثمارات واسعة من النساء، مما عزز من حضور المرأة في هذا المجال.

طموح يتجاوز الحدود

تؤمن مشاعل أن رؤية 2030 ليست مجرد خطوة لتمكين المرأة، بل هي دعوة حقيقية لتفعيل دورها في المناصب القيادية والمجالات الحيوية. وتتطلع إلى حضور أوسع للسيدات السعوديات في المناصب الريادية، مؤكدة على أهمية الثقة في الذات واستثمار الفرص التي وفرتها الرؤية الطموحة للمملكة.

قررت مشاعل بنت سعيدان، رئيسة مجلس إدارة مصنع سعيدان لتقنيات البناء الحديثة، خوض تجربة جديدة وطموحة بالسفر إلى بريطانيا ضمن برنامج الابتعاث، رغم نجاحها المهني في السعودية. هدفها من هذه الخطوة كان استكمال تعليمها العالي وتطوير مهاراتها في اللغات الأجنبية ونقل التجارب العالمية إلى السعودية، بعيدًا عن اعتمادها على إرث العائلة المعروفة في قطاع العقارات. خلال دراستها في جامعة شيفيلد، واجهت ظروفًا صعبة بفقدان والدها وأختها، لكنها تجاوزت هذه التحديات وأكملت دراستها بنجاح، لتتلقى بعد التخرج عرضًا وظيفيًا مغريًا من البنك المركزي البريطاني.

ريادة وتطوير تقني

رغم الإغراءات، اختارت مشاعل العودة إلى وطنها والمساهمة في تطوير القطاع العقاري، حيث تأسست لديها رؤية ملهمة حول دور التكنولوجيا في تعزيز البناء السعودي. بدأت العمل على مشروعها الطموح بتأسيس مصنع متخصص في تقنيات البناء الحديثة، ساعيةً إلى تحقيق رؤية مستقبلية تتطلع من خلالها إلى تصدير المنتجات محليًا وعالميًا، وتأهيل قادة المستقبل في هذا المجال. يسهم مصنعها في إدخال تقنيات متقدمة تعزز الجودة وتقلل التكاليف ومدة البناء، وهو ما يساعد على خلق فرص عمل جديدة للمواطنين. كما ركزت مشاعل على التحوّل الرقمي في قطاع العقار، حيث استعانت بتقنيات الـ»ميتافيرس» لتجربة التصاميم الافتراضية قبل التنفيذ، ما يتيح اكتشاف الأخطاء وتقليل التكاليف، إلى جانب الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي لتوحيد المعايير وتحسين كفاءة الإنتاج. هذا التحوّل يعزز من كفاءة عملية البناء، ويدعم العملاء في الحصول على منازلهم وفق تصاميم مخصصة وبسرعة أكبر. وبفضل شراكات استراتيجية مع شركات يابانية وألمانية وسنغافورية، تقوم مشاعل بتطوير تقنيات تتماشى مع متطلبات السوق السعودي، وتخطط لتسجيل ثلاث براءات اختراع لتوسيع تأثيرها وتقديم حلول تنافسية تعزز من مكانة الصناعة المحلية في السوق العالمي.

دعم رواد الأعمال

قررت سيدة الأعمال خوض تجربة الزواج المبكر، مستندةً إلى تحديات قاسية عاشتها في سن مبكرة، بعد فقدان والدتها وهي طفلة، ومواجهة خسارات متكررة داخل الأسرة. انطلقت في قرارها رغبةً في تكوين عائلة والاستمتاع بوقت أطول مع أطفالها، لتحقيق تأثير أعمق في حياتهم. ورغم استغراب المحيطين بها لهذه الخطوة، فقد كانت ترى الزواج بمنظور مختلف، معتبرةً أهميته في اختيار الشريك المناسب الذي يشاركها رؤاها وطموحاتها الهادفة لتغيير وتحسين جودة الحياة والمساهمة في تطوير المجتمع. أما عن علاقتها بأبنائها، فتقر بأن انشغالاتها المهنية قد تفرض بعض التقصير، لكنها تسعى لزرع قيم الطموح والعمل والاستقلالية لديهم، معبرةً عن فخرها بما وصلوا إليه اليوم. أما في خططها المقبلة، تطمح للتركيز على مبادرات تنموية غير ربحية تسهم في رفع جودة حياة الأفراد ودعم رواد الأعمال. وتؤكد أن «صناعة الإنسان وصناعة العقار» هما الأساس في رؤيتها، حيث ترى أن الاستثمار في تطوير العقول البشرية وبناء القدرات الذاتية هو الركيزة الأقوى لتحقيق أثر مستدام.