يحتفل العالم اليوم الأحد 24 من نوفمبر باليوم العالمي للتوائم الملتصقة، وقد تم اعتماد هذا التاريخ وبمبادرة من المملكة؛ وبموافقة الأمم المتحدة، وسبق أن أكد ذلك المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة على أن ذلك يهدف إلى رفع مستوى الوعي حول هذه الحالات الإنسانية والاحتفاء بالإنجازات في مجال عمليات فصل التوائم الملتصقة، مضيفاً أن اليوم العالمي للتوائم الملتصقة مناسبة سنوية للتأكيد على أهمية مجال فصل التوائم الملتصقة ودوره الأساسي في منح الأمل للتوائم وأسرهم حياة جديدة بعيدًا عن الأمراض والتشوهات الخلقية، وتنشئة أجيال قادمة تتمتع بالصحة الجيدة والسلامة البدنية، موضحاً أن هذا القرار يجسّد اهتمام القيادة الرشيدة -أيدها الله- بالبرنامج السعودي لفصل التوائم الملتصقة، فبتوجيهاتها الكريمة تستقبل حالات التوائم من جميع الدول حول العالم وتلبي نداءات أهالي التوائم بغضّ النظر عن العرق أو الانتماء؛ للتخفيف من معاناتهم التي يمرون بها، حتى أضحت المملكة موئلًا لهم؛ مُشيدًا كذلك بالجهود الحثيثة التي بذلتها المملكة -ممثلة في وزارة الخارجية والوفد الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك- لإصدار هذا القرار الدولي المهم بتحديد يوم 24 نوفمبر يومًا عالميًّا للتوائم الملتصقة.

نجاحات كبرى

وسبق أن بيّن د. الربيعة أن مبادرة المملكة لتقديم مشروع القرار بتخصيص يوم عالمي للتوائم الملتصقة؛ يأتي انطلاقًا من جهودها الرائدة في البرنامج السعودي لفصل التوائم الملتصقة الذي حقق إشادة دولية ونجاحات كبرى منذ انطلاقه في عام 1990م؛ حيث أجرى البرنامج خلال 33 عامًا أكثر من 61 عملية لفصل التوائم الملتصقة في المملكة والتقييم الطبي لـ139 حالة من 26 دولة في العالم، بدعم كريم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله-، داعياً المجتمعَ الدولي والمنظمات الدولية والإقليمية المعنية إلى الاحتفال باليوم العالمي للتوائم الملتصقة كل عام بجميع الطرق الممكنة؛ من أجل تعزيز الوعي بأهمية التوائم الملتصقة وتكريس الجهود البحثية والعلمية والطبية الدولية لإيجاد حلول ملائمة تُنهي معاناتهم.

تعزيز التفاهم

وفي هذا اليوم سيتم عقد المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة، والذي يهدف إلى جمع خبراء طبيين عالميين وممثلين من المنظمات الإنسانية وغيرهم من المهتمين بموضوع التوائم الملتصقة لتسليط الضوء على قصص النجاح والتحديات المتعلقة بفصل التوءم الملتصق، ومناقشة التعاون المحتمل والتوصيات، وسيتبادل المشاركون من مختلف أنحاء العالم بما في ذلك بعض التوائم الملتصقة الذين تم فصلهم في إطار البرنامج تجاربهم؛ لتعزيز التفاهم حول التحديات والفرص القائمة في هذا المجال، وتعزيز جبهة موحدة لمعالجة الصعوبات، علاوةً على ذلك، سيحتفل المؤتمر بالإنجازات الرائعة للبرنامج السعودي للتوائم الملتصقة منذ بدايته عام 1990م حتى اليوم، والبرنامج مخصص لفصل ورعاية التوائم الملتصقة من جميع أنحاء العالم في المملكة، ويحظى بدعم ورعاية كاملة من قبل حكومة المملكة العربية السعودية.

منارة عالمية

وأصبح هذا البرنامج منارة عالمية للأمل والتميز الطبي، فقد قيّم الفريق الجراحي التابع للبرنامج 139 حالة أحيلت من 26 دولة ونجح في فصل أكثر 60 توءماً، ومن خلال الجلسات والمناقشات العلمية، فإن الخبراء في مجال فصل التوائم الملتصقة من جميع أنحاء العالم، إضافة إلى المنظمات الإنسانية التي تركز على صحة الأطفال وحمايتهم، مثل اليونيسف، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة أطباء من أجل السلام، سيتبادلون الخبرات ويناقشون سبل تحقيق نتائج أفضل لتحسين جودة الحياة بشكل عام، وسيشتمل الحضور والمشاركة في المؤتمر على المهنيين الطبيين والجراحين والباحثين وصانعي السياسات وشركات التكنولوجيا الطبية والجامعات والمستشفيات والتوائم الملتصقة وأسرهم وخبراء في مجال التوائم الملتصقة وغيرهم من الأفراد والمؤسسات ذات الصلة.

منح الأمل للتوائم وأسرهم لتجاوز الأمراض والتشوهات الخلقية

معرفة وخبرة

وكجزء لا يتجزأ من جلسات المؤتمر وجلساته العلمية، سيشارك خبراء في مجال فصل التوءم الملتصق والمنظمات الإنسانية في جلسات علمية تركز على هذا الموضوع وصحة وحماية الأطفال بشكل عام، ستتضمن الأهداف الرئيسة للجزء العلمي من المؤتمر مناقشات في المجالات الآتية؛ المعرفة والخبرة، والتقدم الطبي، والتعلم والتواصل، والاعتبارات الأخلاقية والقانونية، وزيادة الوعي لدى الأسر، وفرص التواصل، والعروض الطبية ودراسات الحالة، وكذلك العروض الجراحية والأبحاث وعروض الملصقات العلمية وورش العمل والدورات التدريبية ستكون أيضًا جزءًا من الجزء العلمي للمؤتمر، وسيتم تضمين الجوانب الإنسانية لفصل التوائم، إضافة إلى المنظمات الإنسانية التي تركز على صحة الأطفال وحمايتهم، مثل منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية بهدف تحديد طرق لدعم التوائم الملتصقة والمنفصلة وأسرهم ودعم الرعاية الصحية لجميع الأطفال المستضعفين.

خدمات استثنائية

وتُعد المملكة من الدول الرائدة عالميًا في مجال فصل التوائم الملتصقة، ومن خلال مبادرة المملكة الإنسانية، التي انطلقت منذ أكثر من ثلاثة عقود، قدمت المملكة خدمات طبية متقدمة واستثنائية أنقذت حياة عشرات التوائم من مختلف أنحاء العالم، وأبرز إنجازات المملكة حتى عام 2024م إجراء أكثر من 60 عملية فصل ناجحة للتوائم الملتصقة، شملت هذه العمليات توائم من 23 دولة مختلفة، ما يعكس طابع المملكة الإنساني والعالمي، واستقبلت المملكة توائم من دول متعددة مثل الدول العربية: اليمن، السودان، العراق، مصر، الدول الآسيوية: ماليزيا، باكستان، الهند، الفلبين، الدول الأفريقية: نيجيريا، تنزانيا، المغرب، دول أخرى مثل بولندا وأوكرانيا، وأطول عملية فصل كانت للتوءم السيامي اليمني عبدالله وعبدالرحمن بنحو 18 ساعة، وكانت من أطول العمليات التي أجرتها الفرق الطبية السعودية، ويشارك في كل عملية نحو 35-50 مختصًا، من أطباء جراحة، تخدير، تجميل، وعناية مركزة، بالإضافة إلى طواقم تمريض مدربة، وتبلغ تكلفة العمليات التي تتحمل الحكومة السعودية كامل التكاليف، كتكلفة تقديرية للعملية الواحدة بين 1.5 مليون إلى 2.5 مليون دولار أميركي، شاملة جميع مراحل الرعاية الطبية، وحققت المملكة معدل نجاح تجاوز 90 % وهو من أعلى المعدلات عالميًا في هذا المجال، وأبرز العمليات الناجحة التوءم المصري حسن ومحمود -2003-، حيث استغرقت العملية 13 ساعة، ونجحت بفصل التوءم بالكامل، والتوءم السوداني رنا ورنيم -2018-، حيث أجريت العملية في 11 ساعة، بمشاركة فريق طبي سعودي مميز، وكذلك التوءم العراقي علي وعمر -2021-، واستغرقت العملية 12 ساعة وشملت ست مراحل معقدة.

أصعب وأدق

وكل ذلك بفضل الله ثم بفضل ما تم تأسيسه من مراكز متخصصة على مستوى عالمي داخل مستشفيات المملكة مثل مستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال، ومدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني، وتمثل إنجازات المملكة في فصل التوائم الملتصقة نموذجًا عالميًا للريادة الطبية والإنسانية، والأرقام تعكس الالتزام الكبير الذي تبذله المملكة في خدمة المحتاجين، ما جعلها وجهةً عالميةً لإجراء هذا النوع من العمليات المعقدة، وتعزيز مكانتها كمركز طبي متقدم على مستوى العالم، ويعد فصل التوائم الملتصقة من أصعب وأدق العمليات الجراحية التي تجري في عالم الطب، ويتطلب الأمر تخطيطًا دقيقًا وفرقًا طبية متعددة التخصصات لضمان تحقيق أفضل النتائج الممكنة، وشهد العالم تطورًا كبيرًا في هذا المجال، حيث أصبحت تقنيات فصل التوائم أكثر تقدمًا وأمانًا مع مرور الوقت، وهناك أنواع التوائم الملتصقة أشقاء يولدون مع التصاق جزء من أجسادهم بسبب فشل انقسام البويضة المخصبة بشكل كامل، وتختلف درجة الالتصاق ونوعه من حالة لأخرى، ومن أشهر أنواع التصاق التوائم، الرأس، حيث يتشارك التوءمان في الجمجمة، والتصاق الصدر مع احتمال مشاركة القلب، والتصاق البطن، حيث يتشاركون أعضاء الجهاز الهضمي، وكذلك التصاق الحوض، والتصاق العمود الفقري، حيث يتشاركون جزءًا من العمود الفقري، وشهد العالم العديد من العمليات الجراحية الناجحة لفصل التوائم الملتصقة، وتعد مبادرة المملكة لفصل التوائم، واحدة من أبرز المبادرات العالمية في هذا المجال، وتكمن التحديات الطبية في فصل التوائم بأن عمليات فصل التوائم تتطلب تخطيطًا دقيقًا ومعرفة عميقة بالأعضاء المشتركة.

تشخيص وتقنيات

ومن أبرز التحديات في عمليات فصل التوائم المتلاصقة تشخيص مدى الالتصاق، حيث يستخدم الأطباء تقنيات التصوير مثل الأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي لتحديد طبيعة الالتصاق، والحفاظ على حياة التوءمين تتطلب توازنًا دقيقًا بين تقليل المخاطر وضمان بقاء كلا التوءمين على قيد الحياة، وإعادة بناء الأعضاء قد يحتاج الجراحون إلى تصميم أعضاء صناعية أو إجراء عمليات زراعة لتعويض الأعضاء المشتركة، وتتميز الدول الرائدة في هذا المجال من عدة دول من بالخبرة والكفاءة في مجال فصل التوائم الملتصقة، ومن أبرزها أولاً: الولايات المتحدة الأميركية، حيث تتميز بمراكز طبية متقدمة، ثانياً: المملكة العربية السعودية، وتبرز بتلك المبادرة الإنسانية لفصل التوائم، حيث أجريت عشرات العمليات الناجحة، وثالثاً: الهند، والتي اشتهرت بفرقها الطبية المتميزة وتكاليف العلاج المناسبة، وتعد عمليات فصل التوائم الملتصقة إنجازًا طبيًا وإنسانيًا كبيرًا يساهم في تحسين حياة التوائم وأسرهم، وبفضل الله ثم بفضل التطور التكنولوجي والتعاون الدولي المستمر في هذا المجال بما يعزز الأمل في تحقيق المزيد من النجاحات في المستقبل، ما يجعل الحياة أكثر إشراقًا للعديد من الأسر حول العالم.

د. الربيعة مع التوءم السيامي العراقي عمر وعلي بعد عدة أشهر من فصلهما
عمليات تتطلب توازنًا دقيقًا بين تقليل المخاطر وضمان بقاء التوءمين على قيد الحياة
المملكة سعت إلى تنشئة أجيال قادمة متمتعة بالصحة الجيدة والسلامة البدنية
تقديم الرعاية للتوائم الملتصقة من جميع أنحاء العالم