ساحات عالمية للالتقاء والتعارف كأنه عالم آخر بملامح فريدة، بل كأنها مشافي روحية مفتوحة، لمن ينشد عن السكينة، والاستقرار النفسي، تلك هي أروقة ومطاف، وساحات، وأسطح المسجد الحرام، بروحانيتها المفعمة، وأجوائها الإيمانية، والهدوء الذي لا تقطعه إلاّ أصوات التكبير والتهليل وآيات القرآن الكريم.
هناك تدرك أسرار توافد قوافل المعتمرين التي تكاد لا تنقطع وهي قادمة من كل بقاع الدنيا من قارات العالم، والتي تركت الطبيعة الساحرة، والشلالات والسواحل الفاتنة، متجه إلى وادي غير ذي زرع قاصدة بيت الله المعظم.
"الرياض" دلفت إلى ساحات الحرم المكي من الجهة الغربية الأكثر زحاماً، ومقصد الألوف من قاصدي بيت الله الحرام من المعتمرين والمصلين، لسهولة الوصول، وتوفر المجمعات التجارية والسكنية الفاخرة، حيث رصدت حزمة من المشاهدات.
أولى تلك المشاهدات تناغم وتكامل الخدمات الحكومية بين الفرق الميدانية، حيث رصدنا أكثر من عشرين خدمة تقدمها تلك الجهات لقاصدي البيت العتيق.
ونحن نرصد المشاهدات في الطرق إلى الحرم المكي حيث سلكنا طريق جبل الكعبة منطلقين من حلقة جرول لمسنا أن ثمة أشواق تسابق عشرات المعتمرين المتدثرين برداء الإحرام في اتجاه البيت العتيق لرؤية الكعبة المشرفة وهي تتوسط المطاف بكل هيبة وجلال.
وكشفت جولة "الرياض" أن 70 % ممن التقينا بهم يؤدون العمرة لأول مرة، وتتراوح أعمارهم ما بين 35 إلى 45 عاماً، كانت مشاعرهم أكثر وضوحاً، ومبللة بالشكر والحمد لأداء العمرة، كذلك ظهرت ساحات الحرم المكي كأكبر باحة عالمية فاخرة، وأصبحت ساحات مفتوحة للتعارف الدولي بين أبناء عشرات الدول من قارات العالم على مدار الساعة، فيما بدت لنا الساحة الرخامية بلونها الأبيض المشهور، وكأنها تزهو بالنظافة والتنظيم دخول وخروج الحشود العالمية بمختلف لغاتها وثقافاتها، أمّا ساحات الصلاة المخصصة للنساء فكانت بملامح مغايرة، حيث تميزت بالكثافة العالية مما ضاعف خدمات الفرش وسقيا زمزم وخدمات النظافة، مقابل أعداد كبيرة من العاملات بزي موحد.
وكشفت الجولة أيضاً حجم استعداد الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، في ظل التدفق الكبير لقاصدي بيت الله الحرام من المعتمرين والمصلين، بتوفير مصادر سقيا زمزم، وآليات النظافة والصيانة والتشغيل.
ومن ظاهر النوافذ المضاءة تكتشف لأول وهلة حجم إشغال الفنادق بالمنطقة المركزية، حيث آلاف الغرف بدت لنا مضاءة مما يعكس حجم الإقبال هذه الفترة في ظل اعتدال الطقس وتحسن الأجواء، وإذا كان هذا الواقع الممتع لباحات المسجد الحرم فإن الأروقة الداخلية أكثر بهاءً، حيث مشاهدات انقطاع المئات للعبادة، بالوقوف بين يدي الله تعالى متجهين إلى القبلة، بين حامل لكتابه، وبين مصل لا يفتر من أداء الصلوات اغتناماً لفضل المائة ألف حسنة للصلاة الواحدة، ببيت الله العتيق والتي تعادل صلاة خمسين عاماً فيما سواها.
وظهرت خدمات أبناء المملكة من مختلف الجهات الصحية، والاجتماعية، والأمنية، والخيرية، والتطوعية كمنظومة متكاملة، بل وأصبحت حديث المعتمرين الذين يرصدون تلك الخدمات بأفواه مفتوحة من شدة الدهشة.
يقول حازم قاسم: هذه أول مرة أتشرف بأداء العمرة وزيارة المملكة، أذهلتني فخامة مبان وبوابات الحرم المكي والكهرباء التي شغلت هذا المبنى العملاق بدوت انقطاع، مضيفاً: "بالفعل رفعت المملكة عن الأمة عبء رعاية وصيانة وعمارة الأماكن المقدسة بمكة المكرمة والمدينة النبوية".