تعد بطولة كأس العالم لكرة القدم أكثر الأحداث الرياضية متابعة على مستوى العالم، حيث تجمع بين شغف الرياضة والتأثيرات الاقتصادية العميقة التي تتركها على الدول المستضيفة، وتمثل فرصة لتعزيز النمو الاقتصادي، وتنشيط القطاعات المختلفة، وترسيخ مكانة الدولة عالميًا، ورغم ذلك، فإن تحقيق الفوائد المرجوة يتطلب تخطيطًا دقيقًا واستثمارات مستدامة.
ويتجاوز كأس العالم الإطار الرياضي، حيث وصل لأن يكون منصة اقتصادية ضخمة تدعم قطاعات متعددة، إذ تشير الدراسات إلى أن تنظيم البطولة يسهم في تحفيز الاقتصاد الوطني من خلال رفع معدلات الإنفاق، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وزيادة الإيرادات الضريبية، وعلى المدى القصير، يؤدي الحدث إلى زيادة ملحوظة في الطلب الكلي نتيجة ارتفاع الإنفاق السياحي وزيادة استهلاك الخدمات المحلية، بينما على المدى الطويل، تسهم استضافة البطولة في تحسين البنية التحتية وتعزيز قطاع السياحة، مما يجعل الاقتصاد أكثر تنافسية.
تعزيز الناتج المحلي الإجمالي
وأظهرت تقارير اقتصادية أن استضافة كأس العالم يمكن أن ترفع الناتج المحلي الإجمالي للدولة المستضيفة بنحو 1-2 % خلال عام البطولة، في حالة ألمانيا 2006، ساهمت البطولة في تعزيز الاقتصاد عبر تدفقات مالية تجاوزت 12 مليار دولار، بجانب تحسين صورة البلاد كمقصد سياحي واستثماري، أما في جنوب إفريقيا 2010، فقد حققت البطولة مكاسب اقتصادية وصلت إلى 5 مليارات دولار، وساهمت في تطوير البنية التحتية مثل الطرق والمطارات، مما انعكس إيجابيًا على الاقتصاد المحلي لسنوات بعد انتهاء الحدث.
وتعتبر السياحة من أهم القطاعات المستفيدة من استضافة البطولة، فخلال فترة الحدث، تستقبل الدول المستضيفة ملايين الزوار من جميع أنحاء العالم، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على خدمات الفنادق، والمطاعم، والنقل الداخلي، تشير الإحصاءات إلى أن متوسط إنفاق السائح الواحد خلال كأس العالم قد يبلغ نحو 5000 دولار، ما يعزز العائدات السياحية بشكل كبير، وفي مونديال 2018، استقبلت روسيا أكثر من 3 ملايين زائر، مما أسهم في تحقيق دخل سياحي تجاوز 3 مليارات دولار، كذلك، ساهمت البطولة في تعزيز سمعة روسيا عالميًا، مما جذب استثمارات طويلة الأجل.
السعودية 2034.. بين الشغف الكروي والطموح الاقتصادي
الإيرادات المالية للبطولة
كما توفر البطولة إيرادات ضخمة للدولة المستضيفة، تأتي من مصادر متنوعة مثل مبيعات التذاكر، وحقوق البث التلفزيوني، والرعاية التجارية، فقد بلغت إيرادات البرازيل من مونديال 2014 حوالي 28 مليار دولار، مما ساعد في تقليل العجز المالي، على الرغم من تجاوز التكاليف التقديرية، وتعتبر حقوق البث التلفزيوني المصدر الأكبر للإيرادات، وفقًا لتقديرات الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA)، حققت البطولة في البرازيل أكثر من 1.7 مليار دولار من عائدات البث وحدها، بالإضافة إلى ذلك، توفر مبيعات التذاكر دخلًا إضافيًا كبيرًا، حيث قدرت عائدات مبيعات التذاكر النهائية بنحو مليار دولار.
وتتوزع الفوائد الاقتصادية لاستضافة البطولة على عدة قطاعات، من بينها البنية التحتية، حيث تستثمر الدول المستضيفة في تحسين شبكات النقل، وتوسيع المطارات، وبناء الفنادق، في البرازيل 2014، أُنفقت 14 مليار دولار على تحسين البنية التحتية، مما ساهم في تعزيز قدرة البلاد على استضافة فعاليات أخرى، كما يزداد الطلب على المنتجات والخدمات المحلية، مثل الملابس الرياضية، والمعدات، والمواد الغذائية. خلال مونديال 2018، شهدت روسيا ارتفاعًا ملحوظًا في مبيعات القمصان الرياضية والتذكارات، إلى جانب ذلك تسهم البطولة في توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، في جنوب إفريقيا، وفر الحدث نحو 130 ألف وظيفة مؤقتة في قطاعات الضيافة، والأمن، والبناء.
الملف السعودي
وكشف ملف الترشّح بشكل حصري عن المخطط العام لكأس العالم FIFA™ الذي ستستضيفه المملكة -بإذن الله- في خمس مدن رئيسية، هي: الرياض، وجدة، والخبر، وأبها، إضافة إلى نيوم التي تمثّل أحد أهم المشاريع الكبرى لمدن المستقبل في المملكة والعالم بأسره، وستتزين المدن الخمس المستضيفة بـ( 15) ملعبًا متطورًا، منها 11 ملعبًا جديدًا بالكامل. حيث ستضم الرياض ثمانية ملاعب مُخصّصة لاستضافة مباريات كأس العالم، بما فيها استاد الملك سلمان الجديد الذي يتسع لأكثر من 92 ألف متفرج، الذي من المقرر أن يستضيف المواجهتين الافتتاحية والنهائية للبطولة وعلى أن يُصبح الملعب الرئيس الجديد للمنتخب السعودي.
واستثماراً للمساحة الجغرافية للمملكة واستغلالاً لمناطقها المتنوعة، فإن خطة الاستضافة ستمتد لـ 10 مدن داعمة للمدن المضيفة، يتم فيها احتضان بعض معسكرات المنتخبات المشاركة قبيل واثناء البطولة، حيث تتميز هذه المدن بمناطقها السياحية التي ستمكّن المنتخبات المشاركة والجماهير الحاضرة من استكشاف موروث حضاري للمملكة، وخوض تجارب سياحية مميزة خلال فترة الاستضافة.
وفيما يتعلق بالإقامة يستعرض الملف ما يزيد على 230 ألف غرفة موزعة على المدن المضيفة والمدن الداعمة لكبار الشخصيات ووفود الاتحاد الدولي والمنتخبات المشاركة والإعلاميين وجماهير البطولة، وفيما يتعلق بمراكز تدريب المنتخبات تم اقتراح 132 مقر تدريب، في 15 مدينة ستستضيف المنتخبات الـ 48 المشاركة والوفود المرافقة لها، تشمل 72 ملعباً مخصصاً للمعسكرات التدريبية، إضافة إلى مقرّي تدريب مخصصة للحكام.
ويقدم ملف الترشح العديد من التفاصيل حول 10 مواقع مختلفة في المدن المضيفة لاستضافة مهرجان المشجعين FIFA Fan Festival™، حيث سيقوم الاتحاد الدولي لكرة القدم باختيار موقع واحد في كل مدينة مضيفة، إذ تشمل قائمة المواقع المقترحة حديقة الملك سلمان في الرياض المقرر أن تصبح أكبر حديقة حضرية في العالم.
كما تشمل قائمة المواقع المقترحة الأخرى واجهة جدة البحرية على البحر الأحمر، وساحة البحار في أبها ضمن مشروع "وادي أبها"، والمرسى ضمن مشروع "ذا لاين" في نيوم، وحديقة الملك عبدالله بالخبر، ومناطق أخرى تمكن الجماهير من مشاهدة المباريات وخوض تجارب استثنائية وسط أجواء ترفيهية مميزة على مدار أسابيع البطولة، وتهدف المملكة إلى تنظيم نسخة تحتل المرتبة الأولى على قائمة البطولات الرياضية الأكثر مشاهدة في التاريخ، وتوفير تجارب لا تنسى لكافة من سيوجد على أرض المملكة من منتخبات مشاركة أو جماهير رياضية، تجسد من خلالها بأنها وجهة الرياضة والرياضيين الجديدة، ومركزًا استراتيجيًا دوليًا مهمًا يربط أنحاء العالم كافة.