اكتشف الإنسان في المشي بين مسارات الطبيعة أبعادًا جديدة ومعاني عميقة، حيث تتناغم خطواته مع تنوع البيئات بين السهول والوعورة، لترتبط حياته بالأرض وجودًا ورحيلًا، وفي كل خطوة على درب آمن، يسير نحو تحقيق أهدافه، مستلهمًا من الطبيعة مسارًا للحياة.

وأعادت جمعية مسارات ورحلات المشي -درب- إحياء قصة بداية العلاقة بين الإنسان والبيئة، مستحضرة التجارب الإنسانية الأولى من خلال مشاركتها بجناح توعوي في مؤتمر الأطراف COP16، إدراكًا منها أن المشي ليس مجرد نشاط بدني، بل وسيلة للاتصال بالطبيعة وإعادة اكتشاف الذات.

وتركز رسالة «درب» على تنفيذ مسارات مشي آمنة وسهلة، تهدف إلى حماية البيئة ومواردها الطبيعية، كما تسعى من خلال هذه المسارات إلى تقليل التأثير البيئي السلبي، مثل الحد من التلوث وحماية التنوع البيولوجي، مع تعزيز مبادئ السياحة البيئية التي تتيح الاستمتاع بجمال الطبيعة مع الحفاظ عليها للأجيال القادمة.

ورسمت جمعية «درب» مسارات بيئية مميزة، مستعرضة صورًا لدروب تاريخية عريقة، من أبرزها «درب المنجور»، الذي يعود تاريخه لآلاف السنين، حيث كان الدرب شريانًا حيويًا للتجارة والتواصل الاجتماعي، إذ استخدمه الأفراد والقوافل للتنقل بين المدن والقرى والقبائل الواقعة بين شرق وغرب جبال طويق.

ويقع درب المنجور على حافة جبال طويق الشهيرة، أحد أبرز المعالم الطبيعية في المملكة، ويتميز بمناظره الصحراوية الخلابة التي تمتزج مع تضاريس الجبال الشاهقة، مما يجعله وجهة مفضلة لمحبي رياضة المشي واستكشاف الطبيعة. ويُعد جبل التوباد في مدينة الأفلاج -جنوب غرب الرياض- معلمًا طبيعيًا وتاريخيًا بارزًا، ارتبط بأحد أشهر قصص الحب في الأدب العربي -قصة قيس بن الملوح وليلى العامرية-، ويحمل في طياته ذكريات تلك القصة التاريخية التي وقعت في القرن السابع الميلادي 65هـ -685م-، مما يجعله رمزًا ثقافيًا وأدبيًا يعكس عمق التراث العربي، يُضاف إلى ذلك جمال موقعه الطبيعي الذي يجذب الزوار والمحبين لاستكشاف إرثه الأدبي والطبيعي في آن واحد. ويعتبر مسار مصيقرة من أبرز المواقع الأثرية والفنية في المملكة، لما يحتويه من نقوش صخرية وفنون تعود لآلاف السنين، حيث تتميز هضبة مصيقرة بوجود 15 واجهة صخرية غنية بالنقوش الثمودية والفنون الصخرية، التي تقدم لمحات فريدة عن الحياة اليومية للإنسان القديم.

وتشكل الهضبة رمزًا لاهتمام المملكة بتراثها الأثري، ومصدرًا قيمًا لدراسة تاريخ الجزيرة العربية من النواحي البيئية والاجتماعية، وبفضل أهميتها التاريخية والفنية، أصبحت وجهة مميزة للباحثين في مجال الآثار، وللزوار الراغبين في استكشاف تاريخ المنطقة وثقافتها العريقة.

تعزيز مبادئ السياحة البيئية
استذكار كيفية تنقل الأفراد والقوافل بين المدن والقرى