مع نهاية عام 2024، برز مصطلح “تعفن الدماغ” كواحد من أكثر المصطلحات التي أثارت النقاش في الأوساط الثقافية والعلمية، بعد أن اختاره قاموس أكسفورد ليكون كلمة العام. ولكن خلف هذا المصطلح اللافت، تكمن قصة أكثر عمقاً عن تأثير التكنولوجيا على حياتنا اليومية.

البروفيسور آشقين أسن خاصتورك، أخصائي جراحة الدماغ والأعصاب، أطلق تحذيراً واضحاً بشأن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أن هذا السلوك لا يمر دون أثر. فبينما توفر هذه الوسائل تواصلاً سريعاً ومحتوى غزيراً، إلا أن الإفراط في استخدامها يؤدي إلى ما يشبه “تخدير الدماغ”.

وأوضح آشقين أن متابعة المحتوى الترفيهي المتكرر وغير الهادف، مثل الفيديوهات القصيرة والمعلومات السطحية، يملأ عقولنا بمحتوى أشبه بالنفايات الرقمية. هذا الأمر يضعف من قدراتنا الفكرية، يقلل من تركيزنا، ويعزلنا اجتماعياً، مما قد يؤدي إلى الاكتئاب وفقدان الشغف بالحياة الواقعية.

وأضاف أن بعض السلوكيات اليومية قد تكون مؤشراً على “تعفن الدماغ”، مثل التعلق المستمر بالهاتف، إهمال العلاقات الإنسانية، واستبدال الأنشطة المفيدة بتصفح لا نهاية له عبر الشاشات. الحديث عن “تعفن الدماغ” ليس مجرد تحذير علمي؛ بل هو دعوة للتفكير في كيفية استغلال أوقاتنا بشكل أفضل. التكنولوجيا ليست عدواً، لكنها سلاح ذو حدين. يمكننا الاستفادة منها، ولكن يجب أن نتعلم متى نتوقف، وأن نعيد بناء علاقتنا مع الحياة الواقعية، مع العائلة، ومع أنفسنا.

بينما نستعد لاستقبال عام جديد، تبقى هذه الظاهرة تذكيراً بأن أدمغتنا تحتاج إلى راحة من زخم التكنولوجيا، وأن حياتنا تستحق أن نعيشها بوعي وبساطة بعيداً عن عالم افتراضي قد يستهلك كل شيء جميل بداخلنا.