في مشاهد لا تتكرر في كبرى المدن العالمية، والوجهات الدولية، أصبحت مكة المكرمة رائدة مدن العالم في تخصيص أنفاق فاخرة، بخدمات مساندة، حيث تؤدي -هذه الأيام- دوراً محورياً في إدارة الحشود الهائلة من معتمري العالم والمصلين من المواطنين والمقيمين، منها نفق «جرول» الرابط بين الساحات الشمالية للتوسعة السعودية الثالثة، وبين الجهات الغربية للمنطقة المركزية.
«الرياض» شاركت الجموع الغفيرة استخدام النفق الأهم للمشاة، ورصدت حزمة خدمات فاخرة، حيث تتوفر داخل النفق الذي يمتد بمسارين منفصلين لقرابة 1000م وبعرض 16 متراً لكل نفق منها تسعة أمتار للمشاة والبقية لعربات الغولف التي تحمل ذوي الإعاقة وكبار السن والعجزة من مدخل النفق إلى بلاط ساحات المسجد الحرام.
«النفق الفاخر» و»النفق الرخامي» و»النفق الإلكتروني» عبارات لتسميات يمكن أن تطلق على نفق «جرول» أحدث أنفاق المشاة بمكة المكرمة، المزود بأنظمة الأمن والمراقبة والتكييف، ومخارج طوارئ، وشبكة إطفاء، ومكافحة الحريق وشاشات ولوحات إرشادية، ومسارات خاصة لعربات الغولف.
وأصبحت مشاهد مرور الحشود الكبيرة من مختلف الجنسيات ليلاً بعد انقضاء صلاة التراويح بانسيابية واضحة جاذبة لعدسات هواتف المعتمرين والمصلين المحمولة لتوثيق المشاهد المبهرة.
ويحتوي النفق على 112 دورة مياه، ثمانٍ منها مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة مدعومة بخدمات الصيانة والتشغيل والنظافة، وما بين عشرة إلى خمسة عشرة دقيقة تقريباً، عمر المارثون الأضخم والأجمل والأشهر للمشاة من قاصدي بيت الله الحرام، من معتمري العالم الذين أصابتهم الدهشة من فكرة وضخامة المشروع الفاخر.
وحقق النفق نقلة نوعية في حركة المشاة، حيث تولى عزل حركة المشاة عزلاً تامًا عن الحركة المرورية، مما ولد انسيابية عالية في الحركة المرورية.
وفي اتجاه متصل، أحدث تشغيل نفق «جرول» للمشاة حراكاً اقتصادياً حول الأسواق والمحلات التجارية، والفنادق، والأحياء القريبة من النفق، مثل البياري والعتيبية وعين زبيدة والحجون إلى حراك تجاري يكاد لا يتوقف.
ورصدت «الرياض» فنادق وبنايات غرف وشقق مخدومة، كانت قبل رمضان مغلقة، وبركود واضح، أصبحت تعيش ذروة الانتعاشة مع تشغيل النفق نظراً لقربها من المنطقة المركزية.
النفق الشهير حمل اسم «جرول» كونه الأقرب للحي المكي التاريخي «جرول»، الذي يعتبر ملتقى أسواق مكة المكرمة لأكثر من 60 عاماً، حيث كان يضم عدة أسواق مثل: أسواق المواشي والفحم والحطب والطيور والعلف والخردة، وما زال يحتفظ بدوره في بيع الخضروات والفواكه والتمور والمواد الغذائية والسمن والبهارات والعسل والدقيق، ويعتبر ملتقى سكان مكة المكرمة وأهل البادية من قرى وهجر أم القرى الذين يقدمون على جرول لبيع منتجاتهم.
ويضم حي «جرول» عدداً من المواقع التاريخية منها «بئر طوى»، وهي المكان الذي نزل بقربه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بجيشه عام ثمانية للهجرة، وبات في ذلك الموقع الليلة التي سبقت فتح مكة، واغتسل منها صلى الله عليه وسلم، كما يشتهر الحي باحتضان عدة قصور تاريخية يزيد عمرها على ثمانين عاماً ما زالت قائمة بطرز معمارية مميزة.