تعتبر المرأة عنصرًا أساسيًا في بناء المجتمعات ونهضتها، فهي شريك رئيس في التنمية والتطور، وتستمر المرأة في عصرنا الحالي في تنمية قدراتها واستثمار مواهبها، مما يمكنها من تحقيق طموحاتها والوصول إلى جميع الفرص التي تسهم في بناء مستقبلها وتعزيز دورها في المجتمع، فالمرأة اليوم ليست مجرد عنصر داعم، بل أصبحت قائدة ورائدة في مختلف القطاعات، تسهم بفاعلية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية، وفي اليوم العالمي للمرأة -8 مارس من كل عام- نستذكر جزءًا حيويًا من مسيرة التقدم في الدول، فالمرأة أثبتت جدارتها في جميع المجالات، وبرزت كقوة مؤثرة في الطب والهندسة والاقتصاد والإدارة والعلوم والتكنولوجيا وحتى في الفضاء، ونجحت في تحقيق إنجازات غير مسبوقة جعلتها مصدر فخر لوطنها ومجتمعها، وبإصرارها وإرادتها استطاعت تجاوز التحديات والعوائق، وتمكنت من الوصول إلى أعلى المناصب القيادية، وأصبحت نموذجًا للنجاح والتميز في مختلف الميادين، ومع رؤية المملكة 2030 التي أولت اهتمامًا كبيرًا بتمكين المرأة، ازدادت الفرص أمام السعوديات لإثبات أنفسهن والإسهام بفعالية في تطوير المملكة وتعزيز مكانتها عالميًا، فالمرأة السعودية اليوم لا تكتفي بالنجاح داخل حدود وطنها فحسب، بل أصبحت تنافس عالميًا، محققة إنجازات مذهلة ومبهرة في جميع المجالات.

رخصة طيران

ومن أبرز الأسماء التي ظهرت وبرزت بإنجازاتها هي ياسمين الميمني والتي تعتبر أول سعودية تقود طائرة وتصبح "كابتن طيار"، حيث حصلت على رخصة الطيران من أميركا واستبدلتها برخصة سعودية في عام 2013، وتعتبر واحدة من ضمن خمس سيدات سعوديات فقط حصلن على رخصة طيار، وفقًا للرخص التي أصدرتها الهيئة العامة للطيران المدني السعودي، والهيئة العامة للطيران المدني تمكن المرأة السعودية في مجال النقل الجوي، وذلك لما تحققه المملكة من إنجازات كبيرة نحو تمكين المرأة وتأهيلها في الدخول إلى سوق العمل، ومنحها جميع التراخيص اللازمة في العمل في مجال النقل الجوي داخل المملكة، وذلك بدعم حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- للمرأة السعودية، واستنادًا لرؤية المملكة 2030 التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، ومن الأسماء البارزة أسيل الحمد، وهي أول امراة تقود سيارة "فورمولا وان"، حيث أنها حققت هذا الإنجاز مؤخراً على هامش الجولة الثامنة من بطولة العالم للسباقات، ومريم فردوس تعتبر أول سعودية والثالثة على مستوى العالم التي تغوص في القطب الشمالي، حيث إنها حصلت على شهادة البكالوريوس في الطب عام 2008، بالإضافة إلى شهادتين ماجستير في نفس المجال، وأصبحت مريم متخصصة في الغوص في المياه المفتوحة والغوص على مستوى الإنقاذ، بالإضافة إلى الغطس الليلي، وحصلت سمر صالح على أول ملحق تجاري في ملحق المكتب التجاري السعودي في طوكيو، حيث حصلت على درجة البكالوريوس في الصحافة ووسائل الإعلام من الجامعة الأميركية في الشارقة، وأكملت أيضا برنامج القيادة التنفيذية في جامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأميركية، وخلود موسى هي أول سعودية تفوز برخصة محاسب قانوني معتمد في المملكة وعضو في الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين والمعتمدين في المملكة، ورها محرق تعتبر أول وأصغر امرأة سعودية تتسلق الجبال المرتفعة، بعد تغلبها على صعوبة المرتفعات وتسلق جبل إيفرست والوصول لقمته وذلك في عام 2013.

صورة جديدة

وتعتبر الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان واحدة من أبرز الشخصيات النسائية في المملكة، حيث حققت العديد من الإنجازات في مختلف المجالات وأسهمت في رسم صورة جديدة لدور المرأة السعودية على المستوى المحلي والدولي، حيث شغلت عدة مناصب قيادية كان أبرزها تعيينها كأول امرأة سعودية تشغل منصب سفيرة للمملكة في الولايات المتحدة عام 2019م، حيث عملت على تعزيز العلاقات السعودية الأميركية والترويج لرؤية المملكة 2030، كما بذلت جهودًا كبيرة في مجالات تمكين المرأة والتعريف بالإصلاحات التي شهدتها المملكة في السنوات الأخيرة، قبل عملها في المجال الدبلوماسي تولت منصب وكيل رئيس الهيئة العامة للرياضة للتخطيط والتطوير، حيث كان لها دور محوري في إدماج المرأة في القطاع الرياضي، وأسهمت في إصدار قرارات تاريخية مثل السماح للعائلات بحضور المباريات، وتشجيع مشاركة المرأة في الرياضة بشكل أوسع، كما أسهمت في تطوير عدد من المبادرات الرياضية والصحية التي تستهدف تحسين جودة الحياة في المملكة، إلى جانب عملها الحكومي لها إسهامات بارزة في مجال ريادة الأعمال والمسؤولية الاجتماعية، حيث أسست عدة مبادرات تهدف إلى دعم المرأة وتعزيز دورها في المجتمع، كما كانت من أوائل الداعمين لريادة الأعمال النسائية في المملكة مما جعلها نموذجًا يحتذى به في القيادة والتمكين.

محافل دولية

وشهد المجال الثقافي والفني في المملكة تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، وكان للمرأة دور بارز في هذا التحول، فقد برزت أسماء نسائية سعودية في مجالات الأدب، السينما، الفن التشكيلي، والإعلام، مما أسهم في إثراء المشهد الثقافي المحلي والدولي، وباتت المرأة السعودية تكتب الروايات وتنشر الكتب التي تناقش قضايا مجتمعية وثقافية متنوعة، كما أصبح لها حضور قوي في المعارض الفنية والمهرجانات السينمائية الدولية، حيث أنتجت وأخرجت أفلامًا لاقت إشادة واسعة، كما ساعدت رؤية المملكة 2030 في تعزيز مشاركة المرأة في المجال الثقافي عبر دعم المشاريع الفنية وإطلاق المبادرات التي تتيح لها فرصًا أوسع للإبداع والتأثير.

وشهدت السنوات الأخيرة نقلة نوعية في مشاركة المرأة السعودية في المجال السياسي، حيث تمكنت من تولي مناصب قيادية والمشاركة في صنع القرار، كانت البداية مع تعيين عدد من النساء في مجلس الشورى، تلاها تعيين أول سفيرة سعودية، الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، التي مثلت المملكة في الولايات المتحدة الأميركية، كما تقلدت المرأة السعودية مناصب وزارية وإدارية عليا في الحكومة، مما يعكس توجه المملكة نحو تمكين المرأة وتعزيز دورها في الشأن العام، هذه المشاركة السياسية لم تقتصر على الداخل السعودي فحسب، بل امتدت إلى المحافل الدولية، حيث أصبحت المرأة السعودية تمثل بلادها في المنظمات العالمية وتسهم في رسم السياسات الدبلوماسية والاقتصادية.

تأثير حقيقي

وأصبحت المرأة السعودية عنصرًا فاعلًا في المؤتمرات والمحافل الدولية، حيث شاركت في لقاءات اقتصادية وسياسية وعلمية كبرى، ما ساعد في تعزيز صورة المملكة عالميًا، تمثلت مشاركتها في مؤتمرات الأمم المتحدة، ومنتديات حقوق الإنسان، والملتقيات الاقتصادية العالمية، إضافةً إلى مشاركتها في منظمات دولية معنية بالصحة، البيئة، والتعليم، ولم تعد مشاركة السعوديات رمزية فقط، بل أصبحت تحمل تأثيرًا حقيقيًا حيث تسهم في اتخاذ القرارات وصياغة السياسات التي تعود بالنفع على بلادها وعلى المستوى الدولي. هذه المشاركة عززت من حضور المرأة السعودية كقوة مؤثرة قادرة على قيادة الحوارات العالمية وتمثيل وطنها بأفضل صورة.

وكان للإعلام دور محوري في تسليط الضوء على إنجازات المرأة السعودية، حيث لعبت الصحافة، التلفزيون، ومواقع التواصل الاجتماعي دورًا رئيسا في إبراز النجاحات التي تحققها السعوديات في مختلف المجالات، من خلال البرامج الحوارية، والتقارير الصحفية، والمقابلات التلفزيونية، وتم تسليط الضوء على قصص نجاح المرأة السعودية وإبراز إنجازاتها على المستوى المحلي والعالمي، كما أسهمت وسائل التواصل الاجتماعي في خلق مساحة للمرأة السعودية للتعبير عن أفكارها ومشاركة نجاحاتها، مما عزز من حضورها في المجتمع وأعطاها فرصة للتواصل مع جمهور أوسع. هذا الاهتمام الإعلامي لم يكن مجرد تغطية، بل أصبح جزءًا من استراتيجية وطنية لدعم وتمكين المرأة وتحفيز الأجيال القادمة لتحقيق المزيد من الإنجازات.

تطلعات للمستقبل

وتمثل المرأة السعودية اليوم نموذجًا ملهمًا للنجاح والتميّز في مختلف المجالات، حيث استطاعت أن تثبت وجودها في المشهد الثقافي والفني، وتشارك في إحياء التراث السعودي وتعزيز الهوية الوطنية من خلال الأدب، السينما، والفنون التشكيلية، ولم تعد المرأة مجرد متلقٍ للإبداع، بل أصبحت صانعة له، تكتب وتنتج وتشارك في المحافل الفنية العالمية، مما ساهم في إبراز الصورة الحديثة والمتطورة للمجتمع السعودي.

ومع كل ما تحقق من إنجازات، لا تزال تطلعات المرأة السعودية للمستقبل تتجه نحو المزيد من التقدم والمشاركة في مختلف المجالات، حيث تسعى إلى تحقيق مزيد من التمكين في المجالات العلمية والتكنولوجية، والوصول إلى مناصب قيادية أعلى في القطاعين الحكومي والخاص، بالإضافة إلى أن المرأة تم تعزيز حضورها في مجالات الابتكار وريادة الأعمال، والإسهام بشكل أكبر في التنمية المستدامة، ومع دعم الحكومة والمجتمع، فإن المستقبل يبدو واعدًا للمرأة السعودية، حيث يتوقع أن تحقق إنجازات أكبر وتسهم في بناء مجتمع أكثر ازدهارًا وتقدمًا، يجعل من المملكة نموذجًا عالميًا في تمكين المرأة.