استشهد عشرات الفلسطينيين خلال ثلاثة أيام في عملية إسرائيلية واسعة النطاق في الضفة الغربية المحتلة، بينهم ثلاثة أعضاء في حماس قضوا الجمعة في غارة جوية، فيما تتواصل الحرب في غزة حيث تقول الأمم المتحدة إن المعاناة تصل «إلى أبعد مما يمكن لأي إنسان تحمّله».

وفي القطاع الفلسطيني المحاصر، أفادت منظمة «أنيرا» الأميركية غير الحكومية بمقتل أربعة أشخاص الخميس في غارة إسرائيلية بينما «كانوا في السيارة الرئيسية» لإحدى قوافلها الإنسانية، مشيرة إلى أنه «لم يتم التنسيق مع الأفراد الأربعة مسبقا».

من جانبه، أكد الجيش الإسرائيلي أنه نفذ «ضربة دقيقة» بعدما «سيطر مهاجمون مسلحون على السيارة».

وفي الضفة الغربية المحتلة، قال الجيش إنه قضى على ثلاثة من مقاتلي حماس في بلدة الزبابدة جنوب غرب جنين الجمعة، بينهم قائد الحركة في المدينة وسام خازم، ورجل رابع يبلغ 82 عاما وفق وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا).

كما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية تسجيل استشهاد 20 شخصا منذ الأربعاء، بينهم شابان يبلغان 13 و17 عاما، وفق الهلال الأحمر الفلسطيني.

وأعلنت حماس وحركة الجهاد الإسلامي أن 13 على الأقل من القتلى ينتمون إلى كتائب القسام وسرايا القدس.

كما سجل الهلال الأحمر 55 جريحا منذ الأربعاء وهجمات عدة على سيارات إسعاف تابعة له.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «إلى وقف فوري للعمليات» الإسرائيلية، مدينا «بشدة الخسائر في الأرواح البشرية، خصوصا في صفوف القصّر». واعتبرت الأمم المتحدة أن «التطورات الخطيرة تغذي الوضع المتفجر أصلا في الأراضي الفلسطينية».

وأطلق الجيش الإسرائيلي هذه العملية «لمكافحة الإرهاب»، وأرسل أرتالا من المدرعات مدعومة بالطائرات إلى جنين وطولكرم وطوباس ومخيماتها، وقال إنه اعتقل 17 «مشتبها بهم في أنشطة إرهابية» وصادر «كميات كبيرة من الأسلحة».!

وحذر مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) من العمليات العسكرية التي تنفّذ «قرب المستشفيات» ومن «الأضرار الجسيمة» في البنى التحتية.

قلـق دولـي من جرائــم الاحتـلال

عنـف غـير مسـبوق بحاجـة لوقـف التصـعيد

وقال سكان إن القوات الإسرائيلية نشطت الجمعة في جنين فقط بعد انسحابها من طوباس وطولكرم. ومساءً، سمُعت أصوات إطلاق نار وانفجارات في أنحاء جنين. وفي مخيم نور شمس في طولكرم، عاين سكان الأضرار أمام المباني المدمرة والطرق المجروفة.

واعتبرت فرنسا أنّ العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية «تفاقم جو عدم استقرار وعنف غير مسبوق»، فيما ندّدت إسبانيا بـ»اندلاع أعمال العنف»، مشدّدة على أنّه «أمر غير مقبول إطلاقا».

كذلك، أعربت لندن عن «قلقها العميق» جراء «الأساليب» التي تستخدمها القوات الإسرائيلية في العملية العسكرية، و»التقارير عن ضحايا مدنيين وتدمير البنى التحتية المدنية» في الضفة الغربية، مؤكدة أنّ «الحاجة إلى وقف التصعيد ملحّة».

وفي قطاع غزة، أفاد الدفاع المدني بوقوع غارات إسرائيلية جديدة خلفت ثلاثة شهداء على الأقل شرق خان يونس (جنوب)، واثنين آخرين أحدهما طفل في مخيم جباليا للاجئين (شمال). وأفاد مراسل فرانس برس بحصول قصف مدفعي على غرب مدينة غزة (شمال). وقبل الغارة التي استهدفت قافلة «أنيرا» والتي نُفذت بحسب المنظمة غير الحكومية «بلا أي تحذير أو اتصال مسبق» من الجيش، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أنه سيعلق تحركات طواقمه في القطاع المحاصر، غداة إطلاق قوات إسرائيلية النار على إحدى شاحناتها.

وتحدث الجيش الإسرائيلي عن استهداف منصة استخدمت لإطلاق مقذوفات باتجاه الدولة العبرية. وأفاد بأنه قضى خلال اليوم المنصرم «على عشرات الإرهابيين» وسط القطاع وجنوبه على حد زعمه.

من جهة أخرى، أعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة أن «قوات الفرقة 98 استكملت عمليتها في منطقتي خان يونس (جنوب) ودير البلح (وسط)، بعد نحو شهر من النشاط العملاني المتزامن فوق الأرض وتحتها». وأضاف «في إطار العملية، قضت القوات على أكثر من 250 مسلحا ودمّرت عشرات البنى التحتية للإرهاب». وأكد متحدث عسكري لفرانس برس أن لا عمليات أخرى تجري في هاتين المنطقتين حاليا.

ووصف سكان من خان يونس مشاهد الدمار الواسع في المدينة الرئيسية في جنوب قطاع غزة بعدما عادوا إليها الجمعة.

وتسبّب القصف والعمليات البرية الإسرائيلية على قطاع غزة ردا على هجوم حماس باستشهاد ما لا يقل عن 40602 شخص، وفقا لآخر أرقام لوزارة الصحة التابعة لحماس. وتؤكد الأمم المتحدة أن غالبية الشهداء هم من النساء والأطفال.

في هذه الأثناء، أعلنت منظمة الصحة العالمية الخميس أن إسرائيل وافقت على سلسلة «هدن إنسانية» تستمر كلّ منها ثلاثة أيام في وسط القطاع وجنوبه وشماله لتنفيذ حملة تلقيح ضد شلل الأطفال. وقال ممثل المنظمة في غزة ريك بيبركورن «ما ناقشناه واتُفق عليه، هو أن تبدأ الحملة في أول سبتمبر في وسط قطاع غزة لثلاثة أيام، وستكون هناك هدنة إنسانية» لساعات يوميا، لافتا الى أن الإجراء نفسه سيتخذ لاحقا في الجنوب والشمال. واتخذ قرار الحملة بعد تأكيد تسجيل حالات شلل أطفال في القطاع الفلسطيني. وشدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على أن هذه الهدن المؤقتة «ليست وقفا للنار» في الحرب.

ودعا نائب السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة روبرت وود إسرائيل إلى «الامتناع عن العمليات العسكرية» خلال هذه الفترات، و»تجنب مزيد من أوامر الإخلاء».

وفجر أمس، استشهد عدد من الفلسطينيين وأصيب آخرون، في قصف لقوات الاحتلال على مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.

ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) عن مصادر محلية أن طائرات الاحتلال شنت عدة غارات على جنوب مدينة جان يونس ما أدى لاستشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة آخرين. واقتحمت قوات الاحتلال، بلدة حجة شرق قلقيلية، ومدينة طولكرم، ومخيم نور شمس شرقا، وتجولت في عدة وشوارع وأحياء، ومن ثم تمركزت بحي النصر في مخيم نور شمس.

وفي مخيم النصيرات وسط غزة، استشهد تسعة فلسطينيين وأصيب عدد آخر بجروح، في قصف للاحتلال صباح امس، وأفادت مصادر طبية فلسطينية في مستشفى العودة، بانتشال تسعة شهداء من عائلة واحدة، جراء قصف مدفعي على منزل في المخيم، بالتزامن مع ذلك واصلت قوات الاحتلال تفجير منازل عدة شمال مخيم النصيرات، خاصة في مدينة الأسرى وبلدة المغراقة.

وفي خان يونس، استشهد خمسة فلسطينيين وأصيب عدد آخر بجروح مختلفة، في القصف الإسرائيلي، وأفادت مصادر طبية فلسطينية في مستشفى ناصر، بانتشال خمسة شهداء و15 جريحاً من تحت أنقاض منزل تعرض لقصف عنيف من الاحتلال الإسرائيلي.

وفي الضفة الغربية، أفادت مصادر أمنية فلسطينية باعتقال قوات الاحتلال، السبت، فلسطينيين من مدينة الخليل. ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية «وفا» عن المصادر قولها إن «قوات الاحتلال داهمت عدة أحياء في مدينة الخليل واعتقلت شابين بعد أن فتشت منزليهما». ووفق المصادر، «أغلقت قوات الاحتلال مداخل الخليل وبلداتها بالبوابات الحديدية والمكعبات الإسمنتية، منها مدخل الخليل الشمالي رأس الجورة، ومدخل فرش الهوا غربا، والمدخل الجنوبي الحرايق، بالإضافة إلى مدخل الظاهرية والسموع ودورا جنوبا، ومداخل مخيمي الفوار، والعروب، وطرقا فرعية». وكان الجيش الإسرائيلي أعلن «تحييد» عدد من المشتبه بهم في ثلاثة حوادث أمنية في جوش عتصيون ومستوطنة كرمي تسور شمالي الخليل في الضفة الغربية، مضيفا أن هناك تقارير عن «عدد من الإصابات».

الغارات الإسرائيلية دمرت كل شيء (ا ف ب)
آليات الاحتلال تنشر الرعب (رويترز)
جرائم الاحتلال تتواصل (ا ف ب)