بمشاركة صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، وزير الخارجية، عقد الاجتماع الوزاري المشترك للحوار الإستراتيجي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وروسيا الاتحادية، وذلك بمقر الأمانة العامة للمجلس في العاصمة الرياض.
ويهدف الاجتماع لاستعراض العلاقات الخليجية الروسية وسبل تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى مناقشة مستجدات الأزمة (الروسية - الأوكرانية)، والجهود الدولية الرامية لحل الأزمة سياسياً، ودعم كافة الجهود التي تحقق الأمن والسلم الدوليين.
كما تطرق الاجتماع إلى تكثيف التنسيق المشترك في العديد من القضايا الإقليمية والدولية، والعمل المتعدد الأطراف، بالإضافة إلى بحث تعزيز التعاون الاقتصادي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة الدولية.
أمين مجلس التعاون: دول المجلس تولي موضوع التعاون مع روسيا الاتحادية أهمية قصوى في ضوء ما يربطنا معها من علاقات تاريخية وإستراتيجية هامة.
أولويات السياسة الروسية
من جانبه شدد سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، في كلمته أمام الاجتماع، على أن التعاون بين بلاده ومجلس التعاون الخليجي يأتي ضمن أولويات السياسة الخارجية الروسية.
وشدّد وزير الخارجية الروسي على استحالة السلام في الشرق الأوسط «دون حل القضية الفلسطينية»، مضيفاً أن المجتمع الدولي «فشل في وقف العدوان والقتل الجماعي في غزة» وشدد على أن العنف القائم ضد الفلسطينيين «غير مسبوق ولم تشهد أيٌّ من الحروب العربية - الإسرائيلية مثله».
وأشار لافروف إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت السبب الرئيس في عرقلة كل قرارات الشرعية الدولية المتعلّقة بوقف النار في غزة، بينما تبذل روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي كل الجهود من أجل التوصل لوقف إطلاق النار وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على أساس قرارات الشرعية الدولية، محذّراً في الوقت ذاته من أن عدم تسوية الملفات في المنطقة سيؤدي إلى حرب شاملة.
علاقات تاريخية وإستراتيجية
أكَّد معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الأستاذ جاسم محمد البديوي، أن دول مجلس التعاون تولي موضوع التعاون مع روسيا الاتحادية أهمية قصوى في ضوء ما يربطنا معها من علاقات تاريخية وإستراتيجية هامة، ونعمل على تسريع وتيرة تنفيذ خطة العمل المشترك (2023-2027) التي تم الاتفاق عليها في الاجتماع الوزاري السابق الذي عُقد بموسكو في يوليو 2023.
جاء ذلك خلال الاجتماع الوزاري المشترك السابع للحوار الإستراتيجي بين مجلس التعاون وروسيا الاتحادية، برئاسة معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بدولة قطر -رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري-، بمشاركة أصحاب السمو والمعالي والسعادة وزراء الخارجية بدول مجلس التعاون، بحضور معالي، وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرجي لافروف.
وقال معاليه خلال الاجتماع: "إن الحوار الإستراتيجي بين مجلس التعاون وروسيا الاتحادية بالاجتماع الوزاري المشترك السابع، يأتي انعقاده في إطار الحوار الإستراتيجي، الذي تأسس بموجب مذكرة التفاهم التي تم التوقيع عليها في أبوظبي في نوفمبر 2011، واستكمالا للجهود الحثيثة التي يبذلها الجانبان لتقوية أواصر العلاقات الصديقة بينها بما يحقق تطلعاتهم، لا سيما وأن هذا الحوار يمثل منصة دائمة للحوار على المستوى الوزاري لتبادل وجهات النظر حول أبرز القضايا ذات الاهتمام المشترك بما فيها مهددات الأمن الإقليمي والعالمي من جانب، وبحث سبل تعزيز التعاون في مختلف المجالات لخدمة المصالح المشتركة من جانب آخر".
وأضاف معاليه: "إنه لمن المؤسف أن يشوب صورة عالمنا اليوم العديد من الصراعات والأزمات، بما يؤثر جديًا على أمنه واستقراره، وتبذل دول مجلس التعاون أقصى الجهود الممكنة للإسهام في حل النزاعات وتسوية الخلافات من خلال الحوار والمفاوضات والوسائل السلمية والدبلوماسية"، مؤكداً على أهمية تغليب الحكمة ولغة الحوار، واحترام سيادة القانون، بما يتوافق مع الأعراف والقيم والاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تكفل لهذا العالم المحافظة على أمنه واستقراره، وهو ما من شأنه أن يحق لكافة دول العالم ازدهارها ولشعوبه رفاهيتها".
وأشار إلى أن استمرار الانتهاكات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين، وجرائم الحرب التي تواصل القيام بها القوات الإسرائيلية تناقض كل القيم الإنسانية وتتعارض مع جميع المواثيق، بما في ذلك القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقرارات الأممية ذات الصلة، وهو ما يؤكد مع شديد الأسف فشل المجتمع الدولي في إيجاد الحل الشامل والنهائي والدائم لهذه القضية المأساوية حتى هذه اللحظة، حيث قد أدان المجتمع الدولي استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مؤكداً وقوف مجلس التعاون جنباً إلى جنب مع الشعب الفلسطيني الشقيق، مطالباً بالوقف الفوري والدائم لإطلاق النار والعمليات العسكرية التي تقوم بها عمليات الاحتلال الاسرائيلي، مشدداً على أهمية ضمان تأمين وصول كافة المساعدات الإنسانية والإغاثية والاحتياجات الأساسية اللازمة لسكان غزة، ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني الشقيق.
كما طالب معاليه المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات جادة وحازمة على نحو عاجل، لتوفير الحماية للمدنيين في قطاع غزة، وأن يساند جهود دولة فلسطين في نيل اعتراف المزيد من دول العالم، ودعمها للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وعقد مؤتمر دولي من أجل تحقيق السلام الشامل القائم على حل الدولتين.
إحياء العملية السياسية اليمنية
وأضاف معاليه أنه فيما يتعلق بالوضع في اليمن، فإن مجلس التعاون يشيد بالجهود المخلصة التي تبذلها المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، والاتصالات القائمة مع كافة الأطراف اليمنية لإحياء العملية السياسية، بما يفضي إلى تحقيق حل سياسي شامل ومُستدام في اليمن، ويؤكد أهمية انخراط الحوثيين بإيجابية مع جهود الأمم المتحدة الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية والتعاطي بجدية مع مبادرات وجهود السلام لتخفيف المعاناة عن أبناء الشعب اليمني الشقيق.
وفي سياق متصل قال معاليه: "إن التطورات في البحر الأحمر تمس بأمن الملاحة الدولية وتؤثر سلبًا على عمليات التبادل التجاري العالمي، وقد بات من الضروري والملح خفض التصعيد للمحافظة على أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر وخليج عدن، واحترام حق حرية الملاحة البحرية فيها، وفقاً لأحكام القانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، حفاظاً على مصالح العالم أجمع.
وجدد معاليه دعمه لجهود الوساطة التي قامت بها دول المجلس فيما يخص الوضع في أوكرانيا، فإن مجلس التعاون يجدد دعمه لحل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، ووقف عمليات إطلاق النار، وحل هذه الأزمة سياسياً، وتغليب لغة الحوار، وتسوية النزاع القائم بينهما من خلال المفاوضات؛ بهدف الوصول إلى حل سياسي مستدام للأزمة، والتخفيف من آثارها وتداعياتها، بالإضافة إلى دعم المجلس لكافة الجهود الرامية إلى تسهيل تصدير الحبوب وكافة المواد الغذائية والإنسانية للمساهمة في توفير الأمن الغذائي للدول المتضررة.