مصادر أمنية لبنانية: إسرائيل زرعت المتفجرات في مرحلة الإنتاج
وزير الخارجية اللبناني يحذر من جر المنطقة كلها إلى حافة الهاوية
إسرائيل زرعت متفجرات في خمسة آلاف جهاز اتصال طلبها حزب الله قبل أشهر
الوحدة الوطنية هي الرد الأقوى على العدوان الإسرائيلي على لبنان
الكرملين يحذر من أن هجوم لبنان قد يشعل حرباً أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط
أعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية فراس الأبيض الأربعاء ارتفاع ضحايا الانفجارات المنسقة لأجهزة الاتصالات المحمولة "البيجر" في جميع أنحاء لبنان إلى 12 قتيلا و2800 مصاب. وقال الأبيض، في مؤتمر صحفي، إن "عدد الشهداء حتى الآن 12 شهيدا بينهم طفلان والجرحى ما بين 2750 و2800، وعدد الإصابات الخطيرة بلغ نحو 300". ولفت إلى أنه "خلال نصف ساعة توافد إلى المستشفيات ما بين 2750 و2800 جريح، والإصابات تركزت على منطقة الوجه واليدين ولا تزال هناك إصابات حرجة". وأكد الأبيض أنه "لم يكن لدينا أي إنذار سابق للتفجيرات التي وقعت"، موجها الشكر إلى "القطاع الصحي في لبنان الذي أدى عملا جبارا بكامل قطاعاته"، كاشفا عن أنه "تم إجراء 460 عملية للمصابين أغلبها في العيون".
وأثار تفجير خمسة آلاف جهاز اتصال لاسلكي "بيجر" استوردتها جماعة حزب الله اللبنانية قبل شهور غموضا من تايوان إلى المجر بينما زاد احتمالات اتساع نطاق الحرب في الشرق الأوسط بين الجماعة المدعومة من إيران وإسرائيل. وقال مصدر أمني لبناني كبير ومصدر آخر إن جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد" زرع متفجرات داخل أجهزة البيجر قبل أشهر من تفجيرات الثلاثاء. وتعد العملية خرقا أمنيا لم يسبق له مثيل يستهدف حزب الله تم خلاله تفجير آلاف الأجهزة في أنحاء لبنان مما أدى إلى سقوط قتلى وآلاف الجرحى بينهم مقاتلون من الجماعة والسفير الإيراني في بيروت. وذكر المصدر الأمني اللبناني أن أجهزة البيجر من إنتاج شركة مقرها تايوان. إلا أنها قالت في بيان إنها لم تصنع الأجهزة موضحة أنها من إنتاج شركة تتخذ من العاصمة المجرية بودابست مقرا ولديها ترخيص لاستخدام العلامة التجارية.
وتوعدت الجماعة بالرد على إسرائيل. ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق على الانفجارات. وتأتي هذه الانفجارات في وقت يتزايد فيه القلق بشأن التوترات بين إسرائيل وحزب الله، اللذين يتبادلان إطلاق النار عبر الحدود منذ اندلاع الصراع في غزة في أكتوبر الماضي. وفي حين أن الحرب في غزة هي محور تركيز إسرائيل الرئيس منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر، فإن الوضع الهش على طول الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان يثير المخاوف من اندلاع صراع إقليمي قد يستقطب الولايات المتحدة وإيران.
وأكد رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي أن "الوحدة الوطنية هي الرد الأقوى على العدوان الإسرائيلي على لبنان وشعبه". وأشاد ميقاتي، في تصريح أوردته الوكالة الوطنية للاعلام الأربعاء، "بالوحدة الوطنية التي تجلّت بالأمس بعد الحادث الجلل الذي حصل"، وعبّر عن شكر لبنان وتقديره لكل الدول التي عبرت عن "تضامنها معه في هذه الظروف الصعبة". وحيا رئيس الحكومة كل الطاقم الطبي في لبنان، مستشفيات وأطباء وممرضين ومسعفين وإداريين، الذين "أثبتوا بوقفتهم المشرفة منذ يوم أمس أن الروح الوطنية أقوى من كل شر وأن الإنسانية فوق كل اعتبار"، كما حيا وزير الصحة فراس الأبيض والوزارة على "العمل الاستثنائي في إدارة هذه الأزمة الطبية العصيبة التي يعيشها لبنان والتي سيتجاوزها اللبنانيون بتضامنهم ووحدتهم".
وحذر الكرملين الأربعاء من أن الهجوم على جماعة حزب الله اللبنانية وغيرها باستخدام أجهزة اتصال لاسلكية (بيجر) متفجرة قد يشعل صراعا إقليميا أوسع نطاقا وطالب بتحديد المسؤول عنه. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين "ما حدث، مهما كان، يؤدي بالتأكيد إلى تصعيد التوتر. الوضع متفجر في الشرق الأوسط نفسها، ومن المؤكد أن واقعة مثل هذه، قد تدفع الوضع للخروج عن السيطرة". وأضاف "بالطبع، نرى ضرورة لإجراء تحقيق شامل في هذا الحادث، وتحديد أسبابه وملابساته والمسؤول عن هذه الانفجارات الجماعية لأجهزة الاتصالات". وتابع بيسكوف أن نتائج مثل هذا التحقيق ستتيح للمتخصصين فرصة درء خطر حدوث شيء مماثل في روسيا أو في أي مكان آخر. وذكرت وزارة الخارجية الروسية في وقت سابق أمس أن الهجوم على جماعة حزب الله بمثابة عمل من أعمال الحرب الشاملة ضد لبنان وتسبب في إصابة آلاف الأبرياء. وقالت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا في بيان "يبدو أن مدبري هذا الهجوم عالي التقنية سعوا عمدا إلى إثارة مواجهة مسلحة واسعة النطاق من أجل إشعال حرب كبرى في الشرق الأوسط".
وحذر وزير الخارجية والمغتربين اللبناني عبدالله بوحبيب من جر المنطقة كلها إلى حافة الهاوية. ووفق الوكالة الوطنية للاعلام، تلقى الوزير بوحبيب اتصالًا هاتفيا في وقت متأخر من مساء الثلاثاء من الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، حيث وضعه الوزير بوحبيب في آخر المعطيات المتعلقة بالهجوم السيبيراني الذي تعرض له لبنان، وما نتج عنه من ضحايا وجرحى. ونبَّه الوزير بوحبيب إلى "خطورة هذا التصعيد وجر المنطقة كلها إلى حافة الهاوية". بدوره، وعد بوريل بـ "الدعوة إلى مشاورات أوروبية لدراسة ما يمكن اتخاذه من خطوات ومواقف تساهم في لجم التصعيد وخطر الحرب الموسعة".
وبينما يتطلع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لإعطاء دفعة للجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة إلى جانب تعزيز العلاقات الثنائية مع مصر خلال زيارته للقاهرة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في إفادة صحفية دورية إن من السابق لأوانه القول ما إذا كانت التفجيرات التي وقعت في لبنان ستؤثر على محادثات وقف إطلاق النار في غزة، لكنه قال إن الولايات المتحدة تؤمن بأن الدبلوماسية هي السبيل لتهدئة التوتر. واجتمع بلينكن مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قصر الاتحادية بالقاهرة صباح اليوم الأربعاء قبل إجراء محادثات مع وزير الخارجية بدر عبد العاطي ومسؤولين آخرين.
وقال ميلر إن جدول لقاءات بلينكن مع المسؤولين المصريين يركز بشكل مباشر على "كيفية التوصل إلى مقترح نعتقد أنه سيحصل على موافقة الطرفين" لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
ويقول مسؤولون أميركيون منذ أسابيع إن مقترحا جديدا سيُطرح قريبا من أجل التوصل إلى اتفاق يشمل إطلاق سراح الرهائن الذين خطفتهم حماس من إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وقال ميلر "هناك بعض القضايا التي نحتاج إلى مناقشتها مع الحكومة المصرية لعلاقتها بمقترح وقف إطلاق النار هذا الذي نحاول تحقيقه".
وذكر مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية أن بلينكن سيتوجه من القاهرة إلى باريس غدا الخميس لعقد اجتماع مع وزراء خارجية فرنسا وإيطاليا وبريطانيا لبحث قضيتي الشرق الأوسط وأوكرانيا وقضايا أخرى غيرهما. وأضاف المسؤول أن بلينكن سيجتمع أيضا مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
ولن يزور بلينكن إسرائيل في هذه الجولة، لتكون الأولى التي لا يزور خلالها أقرب حليف لواشنطن بالمنطقة منذ اندلاع الحرب في غزة قبل نحو عام إثر هجوم شنته حماس على إسرائيل.
وأوضح ميلر أن السبب في ذلك هو أن واشنطن تهدف إلى مناقشة القضايا الثنائية مع مصر في هذه الرحلة وأن مقترح وقف إطلاق النار في غزة الذي تعمل عليه الولايات المتحدة والوسطاء ليس جاهزا بعد لتقديمه إلى إسرائيل.
وأضاف "لذلك سيكون من السابق لأوانه عرض مثل هذا المقترح، أو القيام بأي ارتباطات دبلوماسية أخرى".
وتضطلع مصر، إلى جانب قطر، بدور حيوي في الجهود الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب، إذ تشارك في نقل المقترحات والمقترحات المقابلة بين حماس وإسرائيل. وتعتمد واشنطن أيضا على القاهرة في جهودها لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وتشير الإحصاءات الإسرائيلية إلى أن المسلحين الفلسطينيين قتلوا 1200 شخص وأسروا نحو 250 رهينة في الهجوم على إسرائيل العام الماضي. وتقول وزارة الصحة في غزة إن الهجوم الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة ردا على ذلك أسفر عن مقتل أكثر من 41 ألف شخص وتدمير القطاع إلى حد كبير. وفي تحالفها المستمر منذ عقود مع مصر، قدمت واشنطن مساعدات عسكرية بمليارات الدولارات، رغم الاتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق في ظل حكومة السيسي بما في ذلك التعذيب والاختفاء القسري. وتنفي الحكومة المصرية هذه الاتهامات. وأعلن الجيش الإسرائيلي أن عناصر سلاح الجو والمدفعية قصفت العديد من الأهداف التابعة لحزب الله، في جنوب لبنان، منذ الثلاثاء، بما في ذلك مبنى تابع لحزب الله في منطقة مجدل سلم، حيث تم رصد عناصر حزب الله وهم يعملون هناك. بالإضافة إلى الغارة الجوية على منطقة مجدل سلم، قصف سلاح الجو الإسرائيلي، مباني تابعة لحزب الله، في خمس مناطق أخرى بجنوب لبنان، حسب صحيفة جيروزاليم بوست الأربعاء.
فقد أعلن الجيش الإسرائيلي صباح أمس أن طائرات تابعة لسلاح الجو استهدفت مواقع عسكرية تابعة لحزب الله، الليلة الماضية، في بلدات عديسة ومركبا وبليدا ومارون الرأس، وشيحين ، بجنوب لبنان، حسب الموقع الإلكتروني لصحيفة يديعوت أحرونوت واي نت أمس.