الجيش اللبناني يدعو إلى الوحدة الوطنية
ميقاتي: عملية النزوح «الأكبر» والعدد يناهز «المليون»
ترسانة الحزب محور خلاف ونقطة حساسة في المشهد اللبناني
ضربت إسرائيل امس الأحد عدة أهداف في لبنان في مواصلة للضغط على جماعة حزب الله بمزيد من الهجمات بعد أن وجهت لها ضربة ضخمة بقتل الأمين العام حسن نصرالله.
وقال مصدر طبي وآخر أمني الأحد إنه تم انتشال جثة حسن نصر الله من موقع الهجوم الجوي الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت وإنها سليمة. ولم يذكر بيان حزب الله لتأكيد مقتل نصر الله السبت كيف قُتل أو موعد جنازته، لكن المصدرين قالا إن جثته لم تكن بها جروح مباشرة ويبدو أن سبب الوفاة صدمة حادة من قوة الانفجار. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان صدر صباح الأحد إن القوات الجوية "ضربت عشرات المواقع التابعة لحزب الله الإرهابي في لبنان بما شمل منصات إطلاق مصوبة نحو إسرائيل ومنشآت تخزين للأسلحة إضافة إلى بنية تحتية إرهابية لحزب الله". وأضاف أن القوات البحرية اعترضت مقذوفا لدى اقترابه من إسرائيل من منطقة في البحر الأحمر وأن ثمانية مقذوفات أخرى قادمة من لبنان سقطت في مناطق مفتوحة. وقُتل نصرالله في غارة جوية إسرائيلية ضخمة استهدفت مقر القيادة المركزي للجماعة اللبنانية في الضاحية الجنوبية لبيروت يوم الجمعة. وأعلنت إسرائيل قتله السبت وأكد حزب الله في وقت لاحق النبأ. وزاد التصعيد من مخاوف توسع نطاق الصراع بما يخرج عن السيطرة.
وتتبادل إسرائيل وحزب الله إطلاق النار، وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن 33 قُتلوا في ضربات إسرائيلية على لبنان السبت مما رفع عدد قتلى الأعمال القتالية التي نشبت في الثامن من أكتوبر إلى أكثر من 1670 من بينهم 104 أطفال.
وفي بيروت، قضت أسر نازحة الليل على مقاعد في منطقة خليج زيتونة التي تضم عددا من المطاعم والمقاهي الراقية التي تطل على البحر في العاصمة بيروت، فقد فردت أسر ليس لديها سوى حقائب بالية من الملابس بعض الحاشيات للنوم وصبوا لأنفسهم بعض الشاي. وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في بيان الأحد إنه أطلق عملية طارئة لتقديم الطعام لما يصل إلى مليون متضرر من الصراع في لبنان.
ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مقتل نصر الله بأنه خطوة ضرورية نحو "تغيير ميزان القوى في المنطقة لسنوات مقبلة". وأضاف نتنياهو في بيان "لم يكن نصر الله إرهابيا، بل كان الإرهابي" وأشار إلى أن الأيام المقبلة ستنطوي على تحديات.
كما قالت إسرائيل إنها قتلت قياديا آخر كبيرا في حزب الله هو علي كركي وقادة آخرين مع نصر الله. وقال الجيش الإسرائيلي الأحد إنه قتل القيادي الكبير في جماعة حزب الله اللبنانية نبيل قاووق وسط تبادل مستمر للقصف بين الجانبين. ولم تعلق الجماعة بعد على مصير قاووق، لكن أنصارا له نشروا رسائل نعي له منذ السبت.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إن مقتل نصر الله "إجراء عادل" بالنظر لما وصفه بالعدد الكبير من الخسائر البشرية التي تسبب فيها وضمت آلاف الأميركيين والإسرائيليين واللبنانيين، مضيفا أن الولايات المتحدة تدعم تماما حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
لكن عند سؤاله عما إذا كان التوغل البري الإسرائيلي في لبنان حتميا، قال للصحفيين السبت "حان وقت وقف إطلاق النار".
وفي رسالة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، دعت إيران إلى اجتماع للمجلس بخصوص تصرفات إسرائيل في لبنان وفي أنحاء المنطقة، وحذرت من أي هجوم يستهدف مقارها الدبلوماسية أو ممثليها. وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن عباس نيلفوروشان نائب قائد الحرس الثوري الإيراني قُتل أيضا في هجمات الجمعة. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت إن حرب إسرائيل ليست مع الشعب اللبناني، ووصف نصر الله بأنه "قاتل لآلاف من الإسرائيليين والمواطنين الأجانب". وعقد جالانت محادثات في وقت متأخر من مساء السبت بشأن توسيع محتمل للحملة العسكرية الإسرائيلية على الجبهة الشمالية وفقا لما ذكره مكتبه. ويقول حزب الله إنه لن يوقف إطلاق النار إلا إذا أوقفت إسرائيل حملتها العسكرية على قطاع غزة. وأعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي أن عدد النازحين جراء الضربات الإسرائيلية المتواصلة في لبنان قد يكون وصل إلى "مليون شخص"، معتبرا أن عملية النزوح هذه ربما هي "الأكبر" في البلاد. وقال ميقاتي خلال مؤتمر صحافي "هناك 778 مركز إيواء، يضمون حتى الآن 118 ألف شخص" لكن "المقدر أن عدد النازحين أكبر بكثير من هذا العدد وقد يصل لحد المليون شخص" نزحوا في الأيام الأخيرة من جنوب البلاد وشرقها ومن الضاحية الجنوبية لبيروت. وأضاف ميقاتي "العدد كبير جدا، قد يصل إلى مليون لبناني تحركوا من مكان إلى مكان خلال أيام، قد تكون هذه أكبر عملية نزوح حصلت في المنطقة ولبنان وفي التاريخ"، في بلد يقدّر عدد سكانه بنحو ستة ملايين نسمة. وكانت الأمم المتحدة أعلنت في وقت سابق هذا الأسبوع نزوح نحو 118 ألف شخص جراء القصف.
وتتعرض مناطق في جنوب وشرق لبنان وصولا إلى ضاحية بيروت الجنوبية منذ الإثنين لقصف اسرائيلي كثيف أدّى إلى مقتل المئات، وأرغم كثرا على الفرار من بيوتهم. بعد نحو عام من بدء تبادل حزب الله القصف مع إسرائيل بوتيرة ارتفعت حينا وتراجعت حينا آخر.
من جهته قال وزير الإعلام اللبناني بعد جلسة لمجلس الوزراء الأحد إن الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار مع إسرائيل لا تزال "مستمرة". وترسانة حزب الله محور خلاف ونقطة حساسة في المشهد اللبناني منذ فترة طويلة في بلد شهد من قبل حربا أهلية. ويقول معارضون ومنتقدون لحزب الله إن الجماعة جرت منفردة البلاد لصراعات وقللت من شأن الدولة. وحثّ الجيش اللبناني الأحد على "عدم الانجرار وراء أفعال قد تمس بالسلم الأهلي" و"الحفاظ على الوحدة" في بلد يشهد انقساما سياسيا وطائفيا، غداة إعلان حزب الله مقتل أمينه العام بغارة اسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية.
وقال الجيش في بيان "تهيب قيادة الجيش بالمواطنين الحفاظ على الوحدة الوطنية وعدم الانجرار وراء أفعال قد تمس بالسلم الأهلي في هذه المرحلة الخطيرة والدقيقة من تاريخ وطننا". وأكّد الجيش استمراره "في اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة(...) للحفاظ على السلم الأهلي". واعتبر الجيش أن "العدو الإسرائيلي" يعمل "على تنفيذ مخططاته التخريبية وبث الانقسام بين اللبنانيين".
وأتى ذلك فيما ينفذ الجيش انتشارا داخل العاصمة بيروت التي نزح إليها الآلاف إثر قصف اسرائيلي عنيف على معاقل حزب الله في جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية، على ما أكّد مسؤول في الجيش.
ودعت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جنين هنيس-بلاسخارت الأحد "في هذه اللحظة الحرجة للبنان" إلى أن "يركز البلد على المصلحة المشتركة التي توحد شعبه: دولة يمكنها أن توفر، بسرعة وحسم، الاحتياجات الأمنية والإنسانية العاجلة".
وأعلنت الحكومة اللبنانية السبت الحداد الرسمي لثلاثة أيام بدءا من الاثنين على الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بعد ساعات من تأكيد مقتله بغارة اسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية.
ودعا رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري السبت اللبنانيين إلى "التعالي عن الخلافات" بعد قتل إسرائيل الأمين العام لحزب الله.. ودعا "في هذه المرحلة" إلى "التضامن والوحدة" حتى "يبقى لبنان فوق الجميع، فوق الأحزاب والطوائف والمصالح".