واشنطن: «الحزب» في موقف دفاعي.. لندن: الوضع خطر بشكل لا يصدّق
الاحتلال يسيطر على موقع عسكري لـ «الحزب»
حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الثلاثاء اللبنانيين من أنّهم سيواجهون "دمارا ومعاناة" أشبه بما حصل للفلسطينيين في قطاع غزة إذا لم "يحرّروا" بلدهم من حزب الله الذي توسّع الدولة العبرية نطاق هجومها البري ضده في جنوب لبنان.
ويأتي هذا التهديد غداة توعد نتنياهو "بمواصلة القتال" حتى الانتصار على حزب الله وحماس، وذلك في الذكرى السنوية الأولى للهجوم غير المسبوق للحركة الفلسطينية على جنوب الدولة العبرية في السابع من أكتوبر 2023، والذي أشعل شرارة حرب في غزة امتدت الى لبنان، وتثير مخاوف من نزاع إقليمي واسع النطاق. وقال نتنياهو في خطاب بالإنجليزية وجّهه إلى الشعب اللبناني "أقول لكم، يا شعب لبنان، حرّروا بلدكم من حزب الله لكي تتوقف هذه الحرب". وأضاف "لديكم فرصة لإنقاذ لبنان قبل أن يقع في هاوية حرب طويلة الأمد ستؤدي إلى دمار ومعاناة أشبه بما نشهده في غزة" حيث دخلت الحرب عامها الثاني بعد أن أوقعت عشرات آلاف القتلى وخلّفت دمارا لا يوصف. وقال نتنياهو إن القوات الإسرائيلية "قضت على آلاف الإرهابيين بمن فيهم حسن نصرالله وخليفة نصرالله وخليفة خليفته"، من دون ذكر أيّ أسماء.
وقبيل ذلك، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إنّ حزب الله أصبح الآن "منظمة منهكة ومدمّرة" بعد الضربات الإسرائيلية المكثفة التي استهدفته. وأرجأ غالانت الثلاثاء زيارة كان من المقرر أن يجريها هذا الأسبوع إلى واشنطن ويلتقي خلالها نظيره لويد أوستن للتباحث في أوضاع الشرق الأوسط، في حين تقول إسرائيل إنها تتهيأ لشنّ هجوم على إيران ردا على ضربة وجّهتها طهران إلى الدولة العبرية بمئتي صاروخ في الأول من أكتوبر.
والثلاثاء أعلن الجيش الإسرائيلي الذي يشن منذ 30 سبتمبر عملية برية في جنوب لبنان، نشر فرقة رابعة من قواته لتنفيذ "عمليات محدودة" ضد حزب الله في الجنوب الغربي. وفي مدينة صيدا الساحلية البعيدة 40 كيلومترا إلى جنوب بيروت، لم تخرج المراكب فجر الثلاثاء إلى البحر لصيد السمك الذي يشكل مصدر رزق لمئات العائلات، وذلك بعدما أنذر الجيش الإسرائيلي السكان بالابتعاد عن المنطقة البحرية "حتى إشعار آخر". وأعلن الجيش الإسرائيلي أن ثلاثة جنود أصيبوا بجروح خطيرة في حوادث منفصلة بجنوب لبنان. وتم نقلهم إلى المستشفيات للعلاج الطبي ، حسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل الأربعاء
وواصلت إسرائيل شن غارات على جنوب وشرق لبنان، وكذلك على الضواحي الجنوبية لبيروت، معاقل حزب الله الثلاثة.
ومساء الثلاثاء، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية بتعرض الضاحية الجنوبية لبيروت، المعقل الأساسي لحزب الله، لسلسلة غارات إسرائيلية أدت إلى "دمار هائل".
وفي سورية، أعلنت وزارة الدفاع مقتل سبعة مدنيين بينهم نساء وأطفال الثلاثاء في غارة إسرائيلية استهدفت مبنى سكنيا في دمشق قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه على صلة بالحرس الثوري الإيراني وحزب الله. وعلى الرغم من الضربات التي يتلقاها حزب الله وحماس التي اغتيل رئيس مكتبها السياسي اسماعيل هنية أيضا، يتواصل إطلاق الصواريخ على إسرائيل التي تحد قطاع غزة من الجنوب ولبنان من الشمال. وبعدما أعلن إطلاق صواريخ على مواقع عسكرية ومدينة حيفا في شمال إسرائيل الثلاثاء، هدد حزب الله بتكثيف هجماته إذا استمر القصف الإسرائيلي على لبنان. وأعلن الحزب الثلاثاء أن مقاتليه تصدوا لقوة اسرائيلية "تسللت" خلف موقع لليونيفيل داخل بلدة حدودية في جنوب لبنان.
من جهته، أكد نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم قدرة الحزب على القتال على رغم الضربات المكثفة التي تشنّها إسرائيل منذ أسبوعين، واغتيال عدد كبير من قياداته، وقال في كلمة متلفزة "أنا أحب أن أطمئنكم أن إمكاناتنا بخير"، مشيرا إلى أن قيادة الحزب "منتظمة بدقة" رغم الضربات الإسرائيلية "الموجعة". ولم تعد تشترط قيادات جماعة الحزب تطبيق هدنة في قطاع غزة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان في تراجع عن تعهد دأبت الجماعة على تكراره بمواصلة القتال حتى توقف إسرائيل هجومها على حركة حماس. وأكدت قيادات حزب الله باستمرار أن الأعمال القتالية عبر الحدود لن تتوقف حتى تنهي إسرائيل الحرب في غزة. وبدأت الجماعة في إطلاق الصواريخ على إسرائيل بعد يوم من هجوم قادته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر العام الماضي.
لكن نعيم قاسم، فك ذلك الرابط في خطاب بثه التلفزيون الثلاثاء على الرغم من تعهده بمواصلة دعم جانب حماس والفلسطينيين في معركتهم ضد إسرائيل. وقال قاسم إنه يدعم جهود رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، حليف حزب الله، للتوصل إلى هدنة، دون وضع شروط مسبقة. وأصبح قاسم الآن المسؤول الأعلى في حزب الله بعد مقتل حسن نصر الله في غارة إسرائيلية. وقال قاسم "نؤيد الحراك السياسي الذي يقوده بري بعنوانه الأساس وقف إطلاق النار". وأضاف قائلا "إن تابع العدو حربه، فالميدان يحسم ونحن أهل الميدان ولن نستجدي حلا". وقبل يومين، تحدث قياديان أقل مرتبة في حزب الله عن هدنة في لبنان من دون ربطها بغزة.
والثلاثاء أعلن الجيش الإسرائيلي أنه عثر على نفق حفره حزب الله يمتد إلى داخل إسرائيل. وصرح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري "أبلغنا الليلة أننا عثرنا على نفق يبلغ طوله نحو 25 مترا وتم تحييده". وأضاف أن النفق "يمتد تحت السياج الحدودي لمسافة نحو 10 أمتار... إلى الداخل الإسرائيلي". وأضاف "اكتشفناه قبل بضعة أشهر".
وقالت مصادر أمنية في لبنان إن القوات البرية الإسرائيلية سيطرت على موقع عسكري تابع لحزب الله اللبناني خلال تقدمها داخل الأراضي اللبنانية. وأكد حزب الله، أن علما إسرائيليا رفع على الموقع بالقرب من بلدة مارون الراس. وقالت مصادر أمنية لبنانية إنه جرى رصد مركبات عسكرية إسرائيلية بالقرب من تمركز للجنود في المنطقة كجزء من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل). ولم يصدر أي تأكيد من الجيش الإسرائيلي حتى الآن.
كما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في إفادة صحفية دورية الثلاثاء إن دعوة حزب الله لوقف إطلاق النار اليوم تظهر أن الجماعة المسلحة أصبحت في موقف دفاعي.
وتخشى منظمات أممية من أن يواجه شعب لبنان نفس مصير سكان قطاع غزة في ظل الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة.
وقال جيريمي لورانس، المتحدث باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، إن نفس الأساليب العسكرية تُستخدم في كلا منطقتي الحرب، مضيفا: "الدمار في لبنان لا يصدق كما هو الحال في غزة". وقال ماثيو هولينجورث، مدير برنامج الأغذية العالمي في لبنان، إن المنظمة تدعم حاليا حوالي 200 ألف شخص يوميا بالطعام، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى مليون. وأضاف هولينجورث، الذي عمل في قطاع غزة حتى يونيو، أن السكان في لبنان يخشون أن يحدث لهم ما حدث للناس في غزة. وقال: "يظل هذا الأمر يراودني منذ لحظة استيقاظي حتى أنام، أننا قد ندخل في نفس دوامة الهلاك".
كما دعا وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي فجر الأربعاء المجتمع الدولي إلى مواصلة الجهود الرامية للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار في كلّ من قطاع غزة ولبنان، وذلك في الوقت الذي يجري فيه رحلة شرق أوسطية. وقال لامي "يجب ألا نضعف في هذا الوقت الحرج لضمان وقف لإطلاق النار في غزة ولبنان وإيصال المساعدات التي يحتاج إليها بشدّة قطاع غزة وتأمين إطلاق سراح جميع الرهائن". وأضاف في بيان نشرته وزارته أنّ الوضع الراهن في الشرق الأوسط "خطر بشكل لا يصدّق". وأعلنت فرنسا أنّها أجلت الثلاثاء من بيروت إلى باريس نحو 50 فرنسيا "ظروفهم صعبة"، مشيرة إلى أنّهم سافروا على متن طائرة وصلت إلى العاصمة اللبنانية وعلى متنها مساعدات إنسانية. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان إنّ "وزارة أوروبا والشؤون الخارجية وبالتعاون مع وزارة الجيوش مكّنت امس نحو 50 من مواطنينا ممن ظروفهم صعبة من العودة إلى فرنسا، في رحلة العودة لطائرة محمّلة بالمساعدات الإنسانية الطارئة وصلت إلى لبنان امس". وتابعت الوزارة "نعمل على تنظيم رحلات جوية أخرى لتسهيل مغادرة مواطنينا من لبنان". كما أعلنت تركيا أنها ستبدأ إجلاء رعاياها من لبنان.