شنت إسرائيل سلسلة غارات منذ فجر السبت على بيروت وضاحيتها الجنوبية، ما أدى إلى تدمير مبنى سكني بصورة تامة ومقتل ما لا يقل عن 15 شخصا بحسب السلطات اللبنانية، فيما تتواصل الحرب بين الدولة العبرية و"حزب الله" رغم الجهود الدولية المبذولة بهدف التوصل إلى وقف إطلاق نار.
واستيقظ سكان العاصمة اللبنانية على وقع ثلاثة انفجارات ضخمة عند الفجر، وأدت الضربات إلى تدمير مبنى سكني بالكامل في منطقة البسطة المكتظة في قلب بيروت.
وألحقت الضربة أضرارا بعدد من المباني المجاورة وهرعت سيارات إسعاف إلى موقع المبنى المستهدف الذي استحال كومة من الانقاض، بحسب صور بثتها خدمة الفيديو في فرانس برس.
والتقط مصور لفرانس برس صورا تظهر صاروخا لحظة اقترابه من مبنى، ثم انفجاره داخل الطبقات العليا التي انهارت تماما وتطاير الركام في محيطها.
وأثارت الإنذارات حالا من الهلع. فأفادت الوكالة الوطنية بحركة نزوح من منطقة عين الرمانة التي تقطنها غالبية مسيحية والمتاخمة للشياح.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في وقت لاحق أن مقاتلاته "أتمّت سلسلة من الضربات على مراكز قيادة" تابعة لحزب الله في معقله في ضاحية بيروت الجنوبية.
وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة سقوط 11 قتيلا وإصابة 63 آخرين بجروح في أحدث حصيلة للغارة.
ويواصل المسعفون رفع الانقاض بحثا عن ناجين محتملين.
وروى سمير (ستون عاما) الذي يقيم قبالة المبنى المستهدف "كنا نائمين وفجأة سمعنا دوي ثلاثة أو أربعة صواريخ. كانت الضربة قوية إلى درجة اعتقدنا أن المبنى سيسقط فوق رؤوسنا".
وأضاف سمير الذي لم يشأ كشف هويته الكاملة أنه "شاهد جثتين على الأرض" حين خرج من منزله مع زوجته وابنيه (ثلاثة أعوام و14 عاما)، لافتا إلى أن "زوجتي وولدي بدؤوا بالبكاء".
وردا على سؤال عن الضربة على منطقة البسطة، رفض الجيش الإسرائيلي الادلاء بتعليق في الوقت الحاضر.
إلى ذلك أفاد مصدر أمني لبناني وكالة فرانس برس أن "قياديا كبيرا" في حزب الله تم استهدافه في الغارة الإسرائيلية التي طاولت فجر السبت حيا مكتظا في منطقة البسطة في بيروت.
وقال المصدر الذي لم يشأ كشف هويته إن "الضربة الإسرائيلية في البسطة كانت تستهدف شخصية قيادية في حزب الله"، من دون أن يؤكد إن كان المستهدف قتل أم لا.
كذلك استهدفت ضربات ضاحية بيروت الجنوبية، معقل "حزب الله"، غداة يوم من الغارات العنيفة على هذه المنطقة وعلى جنوب لبنان وشرقه.
وفي الشياح أحد الاحياء المستهدفة، تحول مبنى إلى ركام من الحديد والحجارة، تحوطه واجهات مدمرة ونوافذ محطمة. وفي الحدث، يواصل عناصر الاطفاء مكافحة النيران التي اندلعت في عدد من المباني بسبب القصف.
تصاعد الوتيرة
ويعلن الجيش الإسرائيلي الذي يوجه أحيانا إنذارات بالإخلاء قبل شن ضرباته، استهداف "مراكز قيادة إرهابية لحزب الله" و"منشآت لتخزين الأسلحة" ومواقع أو أفرادا على ارتباط بالحزب.
وكان "حزب الله" أعلن غداة هجوم حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 واندلاع الحرب في غزة، فتح جبهة "إسناد" للقطاع.
وبعد عام من القصف المتبادل بين الحزب وإسرائيل عبر الحدود، أعلن الجيش الإسرائيلي أواخر سبتمبر نقل مركز ثقل عملياته العسكرية إلى جبهته الشمالية مع لبنان حيث يشن مذّاك حملة غارات جوية مدمرة تتركز على معاقل "حزب الله" بضاحية بيروت الجنوبية وبشرق لبنان وجنوبه. وباشر بعد ذلك عمليات برية في جنوب لبنان.
وأسفرت الحرب منذ 23 سبتمبر عن مقتل أكثر من 3640 شخصا على الأقل في لبنان، حسب تعداد لفرانس برس يستند إلى بيانات وزارة الصحة.
وللمرة الأولى منذ بدء عملياتها البرية، توغّلت القوات الإسرائيلية في بلدة دير ميماس على مسافة 2,5 كلم من أقرب نقطة حدودية مع إسرائيل.
وتقول إسرائيل إنها تريد إبعاد "حزب الله" عن حدودها للسماح بعودة حوالي 60 ألف شخص نزحوا من شمال الدولة العبرية هربا من تبادل إطلاق النار اليومي الجاري مع الحزب.
كذلك اضطر عشرات آلاف السكان إلى النزوح من جنوب لبنان.
وارتفعت وتيرة الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في لبنان منذ إنهاء المبعوث الأميركي آموس هوكستين زيارته بيروت الأربعاء، في إطار مساع يبذلها سعيا للتوصل إلى وقف إطلاق نار.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل مدير أحد المستشفيات الكبرى في شرقي لبنان، الجمعة، خلال غارة جوية إسرائيلية.
وأضافت الوزارة أن على راكان علم، مدير مستشفى دار الأمل الجامعي، قد قتل مع ستة من زملائه في "عدوان غادر" على منزله.
ويعتبر المستشفى هو الأكبر من نوعه في محافظة بعلبك الهرمل الواقعة شمال شرقي لبنان، وفقا لما ذكرته الوزارة.
وأوضحت الوزارة في بيان لها أن "هذا الاستشهاد يأتي في ظل الاعتداءات المتواصلة التي ينفذها جيش العدو الإسرائيلي على العاملين في المجال الصحي والمؤسسات الصحية في تراكم لجرائم الحرب".
ولم يصدر تعليق فوري من الجيش الإسرائيلي.
اليونيفيل
حمل الجيش الإسرائيلي "حزب الله" المسؤولية عن إطلاق قذائف أدت إلى إصابة أربعة مراقبين إيطاليين من بعثة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، في موقع متقدم في منطقة شمع في جنوب لبنان الجمعة.
وقال الجيش إن عمليات الإطلاق نفذت من قرية دير قانون النهر، بحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" في موقعها الإلكتروني أمس السبت.
كانت يونيفيل قد ذكرت في بيان أن صاروخين ضربا مقر قيادة القطاع الغربي في قرية شمع، مما أسفر عن إصابة أربعة أفراد إيطاليين من قوات حفظ السلام.
وأفاد البيان بأن الصاروخين، اللذين من المحتمل أن يكون "حزب الله" أو جماعات مرتبطة به أطلقهما، ضربا خندقا ومنطقة لوجستية تستخدمها الشرطة العسكرية الدولية، مما سبب ضررا فادحا في البنية التحتية القريبة.
وأحصى لبنان مقتل 3640 شخصا على الأقل بنيران اسرائيلية منذ بدء "حزب الله" وإسرائيل تبادل القصف في 8 أكتوبر 2023 على وقع الحرب في غزة.