حملت رئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- لوفد المملكة العربية السعودية لحضور قمة الدورة الـ45 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي، في طياتها الكثير من الرسائل الداعمة لتوجه القادة الأشقاء في تلك الظروف الصعبة التي تشهدها المنطقة والعالم، والتطورات الكبيرة للأوضاع في قطاع غزة ولبنان والأزمة السودانية والتوترات الإقليمية، مما يستوجب التشاور وتنسيق الجهود بين قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بما يدعم تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
ومن أهم الرسائل التي يحملها سمو ولي العهد، القدرة على اتخاذ القرارات التي تدعم القضايا العربية، والعمل على ما قامت به المملكة من جهود مع العديد من دول العالم، التي كان لها أثرها في اعتراف الكثير من دول العالم بدولة فلسطين، ورئاسة المملكة للجان المتابعة، والاجتماعات التي جمعت قادة الدول العربية والإسلامية لدعم القضايا العربية، ما يعزز الدور الدبلوماسي السعودي، حيث جاءت القمة لتضع على طاولة القادة ملفات سياسية تلقي بظلالها على أولويات القمة، خاصة في إطار مساعي دول مجلس التعاون لتعزيز وحدتها ورسم رؤية استراتيجية لمواجهة التحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة والعالم.
وكان للجولة الخليجية التي قام بها سمو ولي العهد عام 2021م بالغ الأثر في فتح آفاق جديدة لرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، لتعزيز العمل الخليجي المشترك، من خلال تكثيف التواصل مع قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتنسيق المواقف حيال التحديات السياسية والاقتصادية التي يمر بها العالم وخلق المزيد من فرص التكامل الاقتصادي بين دول المجلس.
وتؤكد مشاركة ولي العهد، العمل المشترك مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على تعزيز جهودها في تنفيذ قرارات القمة العربية الإسلامية غير العادية التي ترأس أعمالها سمو ولي العهد -حفظه الله - التي جددت الموقف العربي والإسلامي الموحد في التصدي للعدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة ولبنان، والعمل على إنهاء تداعياته الإنسانية الكارثية على المدنيين، وحماية حقوق الشعب الفلسطيني، ومواصلة التحرك، بالتنسيق مع المجتمع الدولي، لوضع حد للانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، فلقد حددت رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- أطر تعزيز التكامل بين دول مجلس التعاون، وأولويات العمل الخليجي المشترك، عبر منظومة خليجية راسخة تتسم بالفعالية والكفاءة، وتسهم في الحفاظ على الاستقرار والسلم الإقليمي والعالمي، وتعزيز المكانة الدولية للمجلس، وإنجاز الشـراكات الاستراتيجية والاقتصادية التي تعود بالنفع على مواطني دول الخليج وعلى المنطقة، حيث جدد الاجتماع التنسيقي الدعم للجهود المباركة التي تقودها المملكة العربية السعودية في قيادة التحالف الدولي لدعم الاعتراف بدولة فلسطين.
وإيماناً برؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، ودورها المحوري في تحقيق التكامل بين دول المجلس، فقد أسهمت المملكة بشكل فاعل في إنجاح أعمال الدورة الـ44 لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، حرصاً من المملكة على تفعيل الشراكة مع دول الخليج بما يحقق أولويات العمل الخليجي المشترك، مما يزيد الآمال على نجاح قمة الكويت ورئاستها للدورة الـ45 لمجلس التعاون، على جميع الأصعدة، خاصة وأن هناك أرضية مشتركة يجتمع عليها قادة دول المجلس، أهمها الأهداف المشتركة في الاستقرار العالمي، وأمن المنطقة، وزيادة التعاون سياسياً واقتصادياً، خاصة وأن المملكة لديها خطط طموحة للربط الكهربائي مع دول المنطقة، والمساهمة في دعم المشروعات التنموية في دول مجلس التعاون.
وانسجاماً مع رؤية خادم الحرمين الشريفين، وبدور قيادي من المملكة، عمل مجلس التعاون لدول الخليج العربية على تطوير وتعزيز الحوارات والعلاقات والشراكات الاستراتيجية مع كبرى دول العالم، بهدف تعزيز العلاقات معها، وفتح آفاق جديدة لتوسيع مصالح دول الخليج في جميع المجالات، حيث يُجري المجلس حوارات منتظمة مع نحو 16 دولة ومنظمة إقليمية، أبرزها الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، والهند، والبرازيل، والاتحاد الأوروبي، ورابطة دول الآسيان، وتماشياً مع تلك الرؤية شهد العام الجاري 2024م تطورات مهمة على صعيد الشراكات الدولية لدول مجلس التعاون مع الدول والمنظمات الإقليمية، حيث عُقدت القمة الخليجية الأوروبية الأولى، وعُقدت اجتماعات وزارية وحوارات استراتيجية بين دول المجلس وكل من الولايات المتحدة، وروسيا، والهند، والبرازيل، وتركيا، ودول آسيا الوسطى، إضافة إلى الاجتماع الوزاري غير الرسمي بين وزراء دول الخليج ووزير الخارجية الإيراني.
وتحرص المملكة على زيادة التبادل التجاري مع دول مجلس التعاون الخليجي، وتؤكد على أهمية توطيد التعاون والتواصل بين دول الخليج، ومعالجة كافة المعوقات والتحديات، بما يسهم في رفع حجم التبادل التجاري بين الدول الأعضاء، وتحقيق تطلعات قادة دول المجلس وشعوبها، وانعكس ذلك في وصول حجم التبادل التجاري بين المملكة ودول الخليج إلى 208 مليارات ريال، خلال العام 2023م، ما يمثل نحو 10.5 % من حجم تجارة المملكة مع العالم.
حالة من التفاؤل بين القادة لتكون هذه القمة عنواناً بارزاً للعمل العربي الخليجي المشترك، ودعم مسيرة العمل الخليجي المشترك ومواصلة الجهود لتعزيز التنسيق والتكامل والترابط وليظل مجلس التعاون كياناً متماسكاً ومتضامناً؛ والحرص على تعزيز شراكاتها الإستراتيجية مع دول العالم لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية، ودور هذه القمة في المضي قدما نحو مستقبل واعد يجسد شعار قمة الكويت وهو "المستقبل خليجي".، والرؤية الخليجية لزيادة أطر التعاون في جميع المجالات، خاصة الاقتصادي عامة والمجال التجاري بشكل خاص، والعمل على رفع نسبة التبادل التجاري بينها، وتذليل جميع المعوقات، وكذلك تعزيز الجهود المبذولة لانسيابية مرور السلع والخدمات والوصول للوحدة الاقتصادية بينها، وفي دورات سابقة أطلق مجلس التعاون ومنذ تأسيسه العديد من المشروعات الخليجية المشتركة، لدعم الاقتصاد الخليجي، والإسهام في التنمية الشاملة والمستدامة، ورفع جودة حياة شعوب دول المجلس، ومن أبرزها مشروع الربط الكهربائي، والموافقة على إنشاء هيئة السكك الحديدية، لربط الدول الأعضاء، وتسهيل الحركة التجارية وتنقل السكان، وإنشاء شركة المدفوعات الخليجية، والربط بين البنوك المركزية الخليجية، وإنشاء وتطوير المجلس الصحي الخليجي، والمركز الخليجي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، وإصدار القوانين الموحدة المتعلقة بسلامة الأغذية، وغيرها من المشروعات، لتجسيد عُمق الروابط الأخوية التي تجمع دول مجلس التعاون، والحرص المشترك على تعزيز وحدة الصف الخليجي ودفع مسيرة التعاون بما يخدم مصالح شعوبنا ويواكب تطلعاتها، وأيضا آليات تطوير السوق الخليجية المشتركة وتعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا والتحول الرقمي بالإضافة إلى مشاريع الربط البيني في البنية التحتية والطاقة، وهي قضايا ملحة تشغل الشأن الخليجي، وتدعمه بقوة المملكة وتعمل عليه، لما يمثل من قوة لدول المجلس.
يمثل انعقاد هذه القمة في دولة الكويت محطة مهمة لمواصلة تعزيز أُطر التكامل بين دول المجلس، والعمل على مواكبة المستجدات الإقليمية والدولية التي تتطلّب منا تنسيقاً أعمق ومواقف أكثر وحدة، حيث أصبح القادة اليوم أمام فرصة متجددة لمواصلة البناء على ما تحقق من إنجازات، ورسم ملامح مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً لمنطقتنا، مستندين إلى إرث مشترك ورؤية طموحة تعكس تطلعات شعوبنا نحو الوحدة والتنمية الشاملة، ومن ثم مناقشة القمة لعدد من القضايا الاستراتيجية ذات الأولوية منها قضايا الأمن الإقليمي وتعزيز التكامل الاقتصادي الخليجي ومواجهة التحديات الإقليمية والعالمية، والخروج بقرارات تخدم الأهداف الاستراتيجية للمجلس وتدفع مسيرة العمل الخليجي المشترك إلى آفاق جديدة وتأكيد الالتزام المستمر للدول الأعضاء بتحقيق التكامل المشترك، بما يضمن تعزيز مكانة دول المجلس على الصعيدين الإقليمي والدولي، إضافة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي مع الدول العالمية، وعلى رأسها الصين، وفي هذا الصدد، حيث جرت مفاوضات بين دول المجلس مع الصين بشأن اتفاقية التجارة الحرة وصلت إلى المرحلة النهائية، والأمل كبير في إنجاز الاتفاقية، في ظل المكانة المرموقة التي تتمتع بها دول المجلس، والقواسم المشتركة بين القادة المتمثلة في وجود سياسة خارجية واحدة داعمة للأمن والسلم الدوليين.
وهناك السعي بقوة لدعم قطاع الخدمات اللوجستية، حيث تعد منطقة الخليج ممراً رئيسياً يخدم الدول الأوروبية، حيث إن جزءًا من التجارة العالمية يمر بالبحر الأحمر، وهو ممر رئيس للتجارة من الصين أو الهند وآسيا، كما أن خطط الممرات البرية القادمة من الصين أو الهند تجعل المملكة ودول الخليج ممراً رئيسياً ينتهي بدول أوروبا وقارة إفريقيا، ما يجعل لهذه المنطقة أهمية بالغة على المستوى العالمي، ولدول أوروبا على وجه خاص، أضف إلى ذلك الاستثمار في الطاقة التقليدية والمتجددة، التي تهتم به الدول الأوروبية وتستثمر فيها دول الخليج بصورة متنامية، مما يعزز توثيق العلاقة بتصدير التقنية المتقدمة في هذه الصناعة، التي ما زال الاستثمار فيها غير المأمول منه، ولكنه يظل قطاعاً واعداً للاقتصادات الخليجية، ليصبح الخليج العربي، ومجلس التعاون تكتلاً اقتصادياً سياسياً محورياً في العالم كله، ويمكن لهذا التكتل أن يحقق الكثير من العوائد الاقتصادية لدول المنطقة والعالم، خاصة في قطاعات تتعلق بالطاقة، والتعدين، والاستثمار والسياحة والقطاع اللوجستي والصناعة وسلاسل الإمداد، ما يعزز فرص النمو الاقتصادي. في دول العالم، ويحقق الأمن الاقتصادي، ويدعم الخطط الاستراتيجية السياسية لدول مجلس التعاون.