أعربت وزارة الخارجية عن إدانة المملكة العربية السعودية حادثة الدهس التي وقعت في سوق بمدينة ماغديبورغ في جمهورية ألمانيا الاتحادية، ونتج عنه وفاة وإصابة عدد من الأشخاص، معبرةً عن تضامنها مع الشعب الألماني وأسر الضحايا.

وتؤكد المملكة موقفها في نبذ العنف، كما تعبّر عن تعاطفها وصادق تعازيها لأسر المتوفين ولجمهورية ألمانيا الاتحادية حكومةً وشعباً، مع تمنياتها للمصابين بالشفاء العاجل.

دوافع غير واضحة

وقُتل شخصان أحدهما طفل وأصيب أكثر من 60 آخرين بجروح في هجوم بسيارة استهدف حشدا في سوق ل"عيد الميلاد" في مدينة ماغديبورغ في ألمانيا، بينما أوقفت السلطات مشتبها به هو طبيب لا تزال دوافع تنفيذه الهجوم غير واضحة.

المستشار أولاف شولتس قال على منصة إكس "المعلومات الواردة من ماغديبورغ تثير أسوأ المخاوف".

في ساعات الصباح الباكر، وضع عدد قليل من الأشخاص الشموع على شرفة كنيسة يوهانسكيرغي قبالة السوق مباشرة، وكان بعضهم يبكي، وفقا لمراسلي وكالة فرانس برس في المكان.

وقال مايكل راريغ وهو مهندس متقاعد يبلغ 67 عاما، "أنا حزين ومصدوم. لم أكن أتصوّر أبدا أنّ هذا الأمر ممكن".

وتأتي هذه العملية بعد ثماني سنوات على هجوم مماثل استهدف سوقا ل"عيد الميلاد" في برلين. كما تأتي في وقت تشهد ألمانيا حملة انتخابية وقد وضعت قواتها الأمنية في حال تأهب قصوى تحسبا لأي هجمات محتملة.

وقال حاكم ولاية ساكسونيا أنهالت راينر هاسيلوف إن ما حصل ليس صدفة، بل عملية ذات أهداف "سياسية".

والمشتبه في تنفيذه الهجوم طبيب يبلغ 50 عاما وصل إلى ألمانيا عام 2006 وحصل على وضع لاجئ، كما عمل في منطقة ساكسونيا أنهالت التي تقع عاصمتها ماغديبورغ على بُعد 160 كيلومترا من برلين.

والرجل الذي قدّمته وسائل الإعلام المحلية باسم "طالب" قد "تصرف بمفرده" وفق هاسيلوف.

ولا تزال دوافعه غير واضحة.

وأفادت وسائل الإعلام بأنّ لديه صلات مع اليمين المتطرّف في ألمانيا.

وسترافق شولتس وزيرة الداخلية نانسي فيزر لمحاولة معرفة مزيد من المعلومات وتقديم الدعم للسكان الذين أصيبوا بصدمة جراء هذا الهجوم الذي وقع في خضم الحملة الانتخابية في البلاد.

وقالت الشرطة "في المرحلة الحالية من التحقيق، ليس ممكنا حتى الآن تصنيف ما حدث في سوق عيد الميلاد".

وأوضح متحدث باسم شرطة ماغديبورغ لوكالة فرانس برس إن السيارة اصطدمت بالحشد "لمسافة 400 متر على الأقل في سوق عيد الميلاد".

وكان المُنفّذ يقود سيارة دفع رباعي سوداء اخترقت حواجز أمنية، ثم أكمل القيادة في شكل مُتعرّج داخل السوق، وفقا لروايات زوار نقلها موقع "فولكسشتيمي" الإخباري المحلي.

وكانت نادين (32 عاما) مع صديقها ماركو في السوق عندما وقع الهجوم. وقالت لصحيفة بيلد "لقد دُهِس ودُفِع بعيدا، كان الأمر مروعا، حتى إنه لم يصرخ".

أسوأ المخاوف

ونقلت قناة "فيلت تي في" عن شاهد عيان قوله "رأينا سقف السيارة (بين الجموع)، ثمّ حدث ما حدث. كان الجميع ممدّدين على الأرض بعد الحادث، أطفال ورجال وأشخاص مصابون بكسور، إنّه أمر لا يمكن تصوّره".

أضافت صديقته "إنه أمر فظيع، كانت هناك جثة بجواري طوال الوقت. اعتقدت أنّني ذاهبة إلى سوق الميلاد فقط، وحدث شيء مثل هذا. العالم مريض".

وقال المهندس المتقاعد مايكل راريغ الذي ينتقد حكومة شولتس بشدّة، إنه "عندما يأتي إلينا هذا العدد الكبير من الناس، يتعيّن علينا أن نراقب عن كثب. الآن نحن ندفع الثمن".

وسارع اليمين المتطرف، في ألمانيا وخارجها، إلى التعليق على الهجوم، في ظل جدل يدور في البلاد حول الأمن واستقبال المهاجرين.

وسألت الرئيسة المشاركة لحزب "البديل من أجل ألمانيا" أليس فايدل عبر منصة إكس "متى سينتهي هذا الجنون؟". ويحل حزبها ثانيا في استطلاعات الانتخابات التي ستجرى في 23 فبراير.

من جانبه، حذر المسؤول في الحزب الديموقراطي الاجتماعي ديرك فايسي السبت من استخلاص استنتاجات متسرّعة.

وقال "يبدو أنّ الأمور هنا مختلفة عمّا كان مفترضا في البداية"، مضيفا أنّ ملف المشتبه به يشير إليه كمتعاطف مع حزب البديل من أجل ألمانيا ومع إيلون ماسك، الثري الأميركي مالك منصة إكس.

وحذرت أجهزة الاستخبارات الألمانية قبل موسم الأعياد من أن أسواق "عيد الميلاد" هي من الناحية الأيديولوجية هدفا مناسبا.

وقد أعربت عواصم عدة عن "صدمتها"، بينها روما ومدريد وواشنطن.

وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر أن الولايات المتحدة "مصدومة وحزينة" بسبب الهجوم. وقال "الولايات المتحدة تشعر بالصدمة والحزن بسبب الأخبار المأسوية الواردة من ماغديبورغ"، مؤكدا أن واشنطن مستعدة "لتقديم المساعدة".

وعبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن "صدمته العميقة" مساء الجمعة جرّاء الهجوم. وقال عبر منصة إكس "فرنسا تشاطر الشعب الألماني حزنه".

وأكد ماكرون ورئيس وزرائه الجديد فرانسوا بايرو "تضامن فرنسا" مع ألمانيا.

كما أعربت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني عن "صدمتها العميقة" من هذا الهجوم "الوحشي".