استشهد عدد من الكوادر الطبية في مستشفى كمال عدوان في جباليا شمال قطاع غزة، حرقا بالنيران التي أشعلتها قوات الاحتلال في المستشفى وامتدت لأقسام واسعة منه.

وقد، أحرقت قوات الاحتلال الإسرائيلي “مستشفى كمال عدوان”، واقتحمته بعد ساعات من حصاره، وطلبت من إدارته إخراج الطاقم الطبي والمرضى والمرافقين، بالتزامن مع إطلاق نار وقصف من الدبابات في محيطه.

وقالت الممرضة بمستشفى كمال عدوان شروق الرنتيسي، إن قوات الاحتلال اعتدت بالضرب على طاقم المستشفى، وأحرقت محتوياته، وأجبرت طواقم المستشفى على إخلائه، وتعمدت إهانتهم.

وأضافت أن قوات الاحتلال اعتقلت الدكتور حسام أبو صفية، مدير المستشفى، واقتادته مع عدد آخر من الكوادر والنازحين والمرضى، إلى جهة غير معلومة.

وأشارت "أبلغنا الجيش بإخلاء المستشفى، وطُلب من المصابين مغادرة المكان، خرجنا لاحقا مع جزء من الكادر الطبي وسرنا مسافة طويلة جدا على الأقدام".

ولفتت إلى أن الجيش "فصل الرجال عن النساء، ثم أخذونا على شكل مجموعات، وأجبرونا على خلع ملابسنا، ومن كانت ترفض خلع ملابسها تضرب، كما صادروا الهواتف المحمولة".

وتابعت أن الجنود أجبروا النساء على خلع ملابسهن كما فعلوا مع الرجال، في مشهد مليء بالسخرية والاستهزاء.

ولفتت الرنتيسي إلى أن الجنود أجروا عمليات تفتيش دقيقة، ثم أعادوهن للجلوس لمدة بين ساعة وساعتين قبل السماح لهن بالسير مسافات طويلة.

وأكملت "كان هناك مراقبة مستمرة من جيب عسكري أمامنا وآخر خلفنا حتى تركونا في منطقة قريبة من مدينة غزة".

وأشارت إلى أنها "لا نعلم شيئا عن بقية الأشخاص الذين كانوا في المستشفى، لكن هناك حوالي 25 إلى 30 شخصا طلبهم الجيش ولم يعد أحد يعرف مصيرهم".

تحت تهديد السلاح

فيما وصفت المواطنة مها مسعود ما جرى قائلة "مع منتصف الليل، بدأ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية في محيط المستشفى، وعند بزوغ الفجر اقتحمه الجنود، وأجبرونا على الخروج منه تحت تهديد السلاح".

وقالت إن "جنود الاحتلال بدأوا من داخل دباباتهم بالمناداة على مدير المستشفى د. حسام أبو صفية لإخلاء المكان من المرضى والطواقم الطبية والنازحين".

وأضافت مسعود النازحة داخل المستشفى "طلبوا من الجميع الخروج إلى الساحة، دون أي مراعاة لظروفنا الإنسانية".

وأوضحت أن المستشفى تم إخلاؤه بالكامل، حيث نقل الموجودون إلى منطقة قريبة تحت ظروف قاسية وفي ظل البرد الشديد.

وتابعت "لم يراعوا حالتنا الإنسانية، بل تعاملوا معنا بوحشية، الجنود اعتدوا علينا، وطلبوا من النساء خلع الحجاب، وجردوا الرجال من ملابسهم واعتدوا عليهم دون أي رحمة".

وعن خروجهم من شمال القطاع، أشارت مسعود إلى أن الدبابات الإسرائيلية ظلت ترافق النازحين طوال الطريق منذ خروجهم من المستشفى وحتى وصولهم إلى أقرب نقطة على مشارف مدينة غزة.

وقالت إن "الجنود حذرونا من الالتفات إلى الخلف خلال المسير".

وأضافت مسعود "شاهدت خلال الطريق دمارا كبيرا في كل المناطق التي مررنا بها".

وزادت "في طريق الخروج، كان هناك أطفال ومعاقون ومصابون يبكون من شدة الألم وصعوبة الوضع، لكن الجنود لم يكترثوا لحالتهم ولم يقدموا لهم أي مساعدة".

وعن حصارهم داخل المشفى، قالت إنهم عانوا الجوع وقلة المياه والحصار الشديد، مشيرة إلى أنهم رفضوا المغادرة رغم الظروف القاسية، حتى أجبرهم الجيش الإسرائيلي على ذلك بالقوة.

وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة قال إن الاحتلال احتجز 350 شخصا داخل المستشفى بينهم 180 من الكوادر و75 من المرضى ومرافقيهم، وأمهلهم بعض الوقت للخروج إلى الساحة. وأضاف أن الاحتلال أجبر المحتجزين على خلع ملابسهم واقتادهم إلى جهة مجهولة.

كما قال المكتب الإعلامي إن الجيش اقتاد كوادر المستشفى والجرحى ومرافقيهم وعددا من النازحين إلى جهة مجهولة، وإنه أرسل روبوتات مفخخة لتفجير محيط المستشفى. وأفاد عن انقطاع كامل للاتصال مع إدارة المستشفى وكوادره منذ ساعات طويلة.

بدورها، أكدت وزارة الصحة بغزة أن الاحتلال اقتاد عشرات من كوادر مستشفى كمال عدوان ومنهم مديره حسام أبو صفية إلى مركز للتحقيق.

ونشرت هيئة البث الإسرائيلية مقطعا مصورا لعملية إخلاء “مستشفى كمال عدوان” ممن قالت إنهم مشتبه فيهم. ويُظهر المقطع مجموعة من الرجال وقد جُردوا من ملابسهم، ويُساقون تحت تهديد آلية عسكرية، رافعين أيديهم.

ووصل 30 نازحًا إلى المستشفى الإندونيسي من مستشفى كمال عدوان بمضاعفات صحية خطيرة.

وفي إطار متصل، طالبت قوات الاحتلال الإسرائيلي المحاصرين في المنازل بمحيط مستشفى كمال عدوان بإخلائها وإلا ستنسفها.

كما أفاد بأن قوات الاحتلال اعتقلت مدير الدفاع المدني في شمال قطاع غزة أحمد الكحلوت، في حين أفرجت عن الصحفي محمد الشريف، بعد اعتقاله من داخل مستشفى كمال عدوان في وقت سابق.

حكم بالإعدام

من جهتها، قالت منظمة الصحة العالمية إن الهجوم على مستشفى كمال عدوان أخرج المرفق الصحي الرئيسي الأخير في شمال غزة عن الخدمة.

وأضافت أن التقارير الأولية تشير إلى إحراقٍ وتدميرٍ كبيرين لبعض الأقسام الرئيسية بالمستشفى خلال الهجوم، وأن التفكيك الممنهج للنظام الصحي في غزة هو حكم بالإعدام على عشرات الآلاف من الفلسطينيين المحتاجين إلى الرعاية الصحية.

كما حذرت الأمم المتحدة من أن مستشفى كمال عدوان من آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل في قطاع غزة، داعية إلى حماية المرافق الطبية في القطاع.

وحثت ستيفاني تريمبلاي نائبة المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة جميع الأطراف على الامتثال لالتزاماتها واحترام وحماية العاملين في المجال الصحي والمنشآت الطبية.

مزاعم الاحتلال

وقال جيش الاحتلال،إن القوات التابعة للواء 401 بدأت العمل في منطقة مستشفى كمال عدوان، في جباليا، بعد ورود معلومات استخبارية مسبقة عن وجود من سماهم مخربين، وبنى تحتية إرهابية، وتنفيذ أنشطة هناك.

وزعم الجيش أن المستشفى يعتبر مركز لحماس في شمال قطاع غزة، عمل منه مسلحون طوال فترة الحرب.

شهداء البرد

حذر رئيس قسم الأطفال في مستشفى ناصر الطبي في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة الدكتور أحمد الفرا، من تصاعد في أعداد الوفيات نتيجة البرد القارس؛ في ظل انخفاض درجات الحرارة وما يُعاينه الفلسطينيون من ظروف مزرية في أماكن نزوحهم، وانعدام وسائل التدفئة.

وقد استشهد بسبب البرد الشديد في قطاع غزة خمسة فلسطينيين، بينهم أربعة أطفال رُضع لم تتجاوز أعمارهم الشهر، بالإضافة لشاب حكيم عُثر عليه جثة هامدة داخل خيمته في مواصي خان يونس.

والشهداء هم: عائشة القصاص (21 يومًا)، علي عصام صقر (23 يومًا)، علي حسام عزام (4 أيام)، سيلا محمود الفصيح (14 يومًا)، والشاب أحمد الزهارنة.

وقال الفرا في تصريحٍ صحفي، إنّ الوفيات الخمسة تجمدت أجسادهم حتى الموت؛ ووصلت إلى المستشفى عبارة عن ألواح من الثلج، وعلى وجوههم علامات زرقة بالإضافة لنزيف من الأنف والفم.

وعبّر عن خشيته من ازدياد أعداد الوفيات خصوصًا في صفوف الأطفال؛ في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها النازحون، ودخول قطاع غزة موجة جديدة من الصقيع، ونقص وسائل التدفئة في الخيام.

كما حذر الدكتور الفرا من انتشار الأمراض المعدية التي ترافق عادةً موسم الشتاء كالإنفلونزا الموسمية وتكون قاتلة أحيانًا بالظروف الطبيعية فكيف لو كانت بظروف صعبة من على مختلف المستويات، كالتي يعشيها قطاع غزة منذ 14 شهرًا؟

وشدد على ضرورة التدخل الفوري من جميع الجهات الدولية والحقوقية لتقديم الدعم لأطفال القطاع وتوفير الرعاية اللازمة لهم، من غذاء صحي وملابس ومأوى دافئ؛ يحميهم ويضمن لهم البقاء والعيش الكريم.

وكان المدير العام لوزارة الصحة الفلسطينية منير البرش، أشار في تغريدة على منصة "إكس"، إلى أنّ الأطفال يموتون نتيجة البرد القارس في خيام النزوح بقطاع غزة، "وما زلنا في الأيام الأولى من فصل الشتاء"، واصفًا الخيام بأنها "ثلاجات موت".

ويشكو مئات آلاف الفلسطينيين الذي أجبرتهم آلة القتل الإسرائيلية على النزوح من منازلهم، من تأثرهم بحالة البرد القارس داخل مخيمات النزوح، حيث تسببت بآلام في العظام لبعضهم أما البعض الآخر فأصيب بنزيف من الأنف.

وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، من أن العديد من الأطفال النازحين في غزة يرتدون القليل من الملابس، بعد أن أجبر العديد منهم على الفرار من القصف الإسرائيلي بملابس الصيف، في وقت سابق من هذا العام.

وفي السياق حذرت الأمم المتحدة مؤخرًا من أنّ الناس الذين يعيشون في ملاجئ مؤقتة في غزة قد لا يصمدون في الشتاء، مشيرةً إلى حاجة ما لا يقل عن 945 ألف شخص إلى إمدادات الشتاء، التي أصبحت باهظة الثمن في القطاع.

كما تخشى الأمم المتحدة من أن تتفشى الأمراض المعدية، التي انتشرت في الشتاء الماضي، مرة أخرى وسط ارتفاع سوء التغذية.

شهداء وجرحى

استشهد فجر أمس، تسعة مواطنين فلسطينيين بينهم ثلاثة أطفال، وأصيب عدد آخر بجروح، جراء قصف للاحتلال الإسرائيلي على مناطق متفرقة من قطاع غزة.

وقالت مصادر طبية إن طواقم الإنقاذ انتشلت 9 شهداء وعدد من الجرحى جراء قصف من الاحتلال استهدف منزلاً لعائلة النعامي في مخيم المغازي وسط قطاع غزة، وجرى نقلهم إلى مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح المجاورة.

وأضافت أن مسعفين من الهلال الأحمر الفلسطيني، نقلوا عددا من الجرحى إلى مستشفى ناصر في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، اثر قصف مدفعي وإطلاق نار من آليات الاحتلال الاسرائيلي على خيام النازحين في منطقة مواصي مدينة رفح، جنوب القطاع.

مدير المستشفى مفقود
معاناة أطفال غزة