بالرغم من الدمار الذي لحق بكل زاوية من غزة جراء الهجوم الإسرائيلي، يعكف العديد من الفلسطينيين على التمسك بأمل إعادة بناء ما دمرته الحرب. فبينما يقف العالم يشاهد تطورات الأوضاع في القطاع، يرفض الفلسطينيون السماح لأحد بأن يغير تاريخهم أو هويتهم.

ويقول سامر الشوا، وهو صاحب أحد المطاعم وسط مدينة غزة قبل أن يحيله الهجوم إلى أنقاض، لوكالة الأنباء الالمانية (د ب أ) :"الحرب حاولت كسرنا، لكنها لم تنجح. سنعيد بناء كل شيء، ولن نسمح لأحد أن يعيد رسم تاريخنا".

وتضيف زوجته، فاطمة الشوا، وهي تتابع إصلاحات المطعم وسط تناثر الأنقاض "المطعم كان مكانًا للفرح، وأعدنا بناءه في مكانه ذاته، لأن الحياة يجب أن تستمر، لا يمكن للموت أن يطغى على الأمل".

ورغم ما تعرض له القطاع من تهديدات وتدمير شامل، تقول فاطمة "أهل غزة يرفضون الإقرار بأي محاولات تهدف إلى استبدال الهوية الفلسطينية بهوية أخرى، خصوصا مع التصريحات التي صدرت عن الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول خطط لتحويل غزة إلى "منتجع سياحي" بعد إخلاء القطاع من سكانه.

يقول عبد الله أبو علي، وهو صاحب مقهى صغير تم تدميره في الهجوم الأخير "خدماتنا هنا جزء من الثقافة، وهذا المقهى كان مركز حياة، وليس مجرد أماكن للشرب وللأكل. نحن في غزة لا نبني فقط لمواجهة التحديات، بل نبني أيضًا من أجل كرامتنا وأرضنا. لا أحد سيأخذ منا تاريخنا أو أرضنا".

وفي حديثها عن تصريحات ترمب، قالت هالة جابر، وهي طالبة جامعية من غزة "هذه التصريحات تذكرني بالترحيل الذي واجهه آباؤنا وأجدادنا بعد النكبة".

"ونحن لا ننسى تاريخنا ولا ننسى كيف عشنا في الأراضي التي خصصها لنا الله". وتتابع "نحن أبناء هذه الأرض، ونرفض أن يتم استبدالها بأي مكان آخر، هذا المكان جزء من هويتنا".

في الوقت نفسه اتهم الفلسطينيون إسرائيل بالمماطلة في تنفيذ بنود الاتفاق لوقف إطلاق النار من خلال فرض قيود على المساعدات وإعادة الإعمار. وعبر فلسطينيون في غزة عن رفضهم الاستسلام لإملاءات أو تهديدات ترمب .

ويقول محمود العالول، أحد رجال الأعمال في غزة "لن نسمح لهم تغييرها، مهما كانت خططهم. غزة ستعود أقوى من قبل، ونحن مستعدون للمستقبل".

وفيما تتفاقم معاناة سكان قطاع غزة، قال سلامة معروف، رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، في تصريح له الجمعة “إسرائيل تواصل المماطلة في تنفيذ بنود الاتفاق الإنساني رغم مرور 20 يوما على دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية لسكان القطاع".

ويضيف "عدد الشاحنات التي دخلت قطاع غزة لم تتجاوز 8,500 شاحنة من أصل 12,000 كانت مقررة، ما أدى إلى نقص حاد في المساعدات الأساسية".

في الوقت ذاته، يشرح معروف، لم يتم إدخال سوى 10% من الخيام المطلوبة ولم تدخل أي وحدات سكنية متنقلة رغم الحاجة الماسة لها.

ونوه إلى أن أزمة الوقود تزداد تعقيدًا، حيث لم يدخل سوى 15 شاحنة وقود يوميا من أصل 50 تم الاتفاق عليها.

وقال "هذه المماطلة تسبب أزمات صحية حادة وتؤخر إعادة إعمار القطاع بشكل كبير. ندعو المجتمع الدولي للتدخل العاجل لضمان تنفيذ الاتفاقات الإنسانية وتقديم الدعم اللازم لغزة".

ويتطلع الفلسطينيون إلى أن تستمر عملية وقف إطلاق النار لفترة طويلة تؤدي إلى إنهاء الحرب بشكل كامل بين حماس وإسرائيل بعد 15 شهرا من حرب واسعة النطاق شنتها إسرائيل على غزة.

ويأمل الفلسطينيون إلى أن تسهم الجهود الدبلوماسية التي يمارسها الوسطاء بين حماس وإسرائيل إلى إنهاء معاناتهم والبدء بإعادة إعمار قطاع غزة في القريب العاجل.