صادف يوم الأحد الموافق السادس من أكتوبر 2024 حلول مناسبة وطنية عظيمة على المملكة العربية السعودية وطناً وشعباً، بمرور عشرة أعوام على تولي خادم الحرمين الشريفين المللك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- مقاليد الحكم ملكاً للمملكة العربية السعودية.
في هذه المناسبة الوطنية السعيدة يستذكر الشعب السعودي والمقيمين على أرض المملكة النهضة الحضارية العملاقة غير المسبوقة والتاريخية في الوقت نفسه، التي شهدتها المملكة العربية السعودية وعاشها الشعب السعودي والمقيمين منذ تولي الملك سلمان -حفظه الله- لمقاليد الحكم ملكاً للبلاد في 3 ربيع الآخر 1436 الموافق 23 يناير 2015،، والتي شَملت جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفنية، بما في ذلك الشأن الدولي والرياضية وغيرها من مجالات الحياة، والتي حَولت المملكة وبالذات وعلى وجه التحديد اقتصاد المملكة من اقتصاد كان يَعتمد اعتماداً كبيراً جداً وبشكل مفرط على النفط ومشتقاته إلى بلدٍ منتج وصناعي يَطرق ولأول مرة في تاريخ المملكة العريق والمجيد الممتد لأكثر من ثلاثة قرون منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى في عام 1727، بمجالات صناعية ثقيلة ومتقدمة ومتطورة، كصناعة السيارات الكهربائية وهياكل الطائرات والسفن الضخمة وغيرها من الصناعات المتقدمة والمتطورة، بما في ذلك إقامة وتشييد المدن الذكية، كمدينة نيوم التي يتم تشغيلها بالكامل باستخدام الهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة النظيفة.
وبتوجيه من مقامه الكريم ومباركته انطلقت رؤية المملكة 2030 في 25 أبريل 2016 بقيادة عرابها سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- لتبدأ رحلة التَّحول والتغيير باتجاه مسيرة تنموية جديدة للمملكة في طريق الإصلاح والبناء الحضاري المتميز الذي يعتمد على التكنولوجيا المتقدمة والمتطورة، كالذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وبدائل الطاقة، وبالذات الطاقة النظيفة التي تَعتمد على استخدامات الهيدروجين الأخضر والهيدروجين الأزرق، وغيرها من التقنيات والتكنولوجيات المتطورة.
إن اللافت للانتباه في عهد الملك سلمان الزاهر والميمون أنه قد شهدت العديد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية نمواً غير مسبوق وغير معهود عنها، بل إنه غير متوقع في الأساس، كقطاع السياحة وقطاع النقل والخدمات اللوجستية وقطاع الترفية وقطاع تكنولوجيا المعلومات وغيرها من القطاعات والأنشطة الاقتصادية، التي بنموها عززت من مساهمتها في الناتج المحلي للمملكة غير النفطي، ما مكن الإيرادات غير النفطية من أن تساهم ولأول مرة في تاريخ المملكة خلال العام الماضي في الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 50 %، والذي يُعد في حد ذاته إنجازاً عظيماً ومبهراً ليس لكونه يحدث للمرة الأولى في تاريخ المملكة الاقتصادي، ولكونه أيضاً يحقق أحد أبرز مستهدفات رؤية المملكة الرامية إلى تنويع مصادر الإيرادات الحكومية إلى جانب التعزيز من مساهمة الأنشطة غير النفطية في الاقتصاد الوطني بعيداً عن النفط.
وبالنسبة للمؤشرت الدولية فقد أحرزت المملكة المرتبة الأولى في مجال الأمن السيبراني ونمو التوظيف وسوق العمل على المدى البعيد والتماسك الاجتماعي، وعدد مستخدمي الإنترنت لكل ألف من السكان، وبمؤشر تفهم الحاجة للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي تَصدر بكتاب التنافسية العالمي الذي يصدر عن IMD، كما أنها أحرزت تقدماً كبيراً بالنتيجة النهائية للمؤشر بتبوئها للمركز السادس عشر في العام الجاري مقارنة بالمركز التاسع والثلاثين في عام 2018.
ومن هذا المنطلق ركزت جميع الاستراتيجيات الوطنية، كالاستراتيجية الوطنية للصناعة والاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية والاستراتيجية الوطنية للسياحة غيرها من الاستراتيجيات ليس على تنمية الصناعات والقطاعات والأنشطة غير النفطية فقط فحسب وإنما أيضاً على التحسين من تنافسيتها على المستوى العالمي والدولي، بما في ذلك تحقيق العديد من المستهدفات، التي من بينها: تعزيز نسبة المحتوى المحلي والوصول إلى نسب مرتفعة من الاكتفاء الذاتي للسلع والخدمات الحساسة والأساسية المهمة، التي ترتبط بحياة المواطن والمقيم اليومية، كصناعة الغذاء وصناعة الدواء وغيرها من الصناعات التي قد واجهت إشكاليات وتحديات في سلاسل الإمداد خلال جائحة فيروس كورونا المستجد.
المملكة العربية السعودية انتهجت سياسات تحول إلى طاقة نظيفة ومتجددة عادلة ومدروسة، بهدف المحافظة على البيئة ولكن في الوقت نفسه أن يكون التحول تحولاً متدرجاً يحافظ على استدامة إمدادات الطاقة وفي الوقت نفسه السعي الجاد للتعامل مع قضية انبعاثات الغازات الدفيئة وغير الدفيئة وما تحدثه من تلوث للبيئة من خلال التوجه إلى استخدامات مزيج من الطاقة لإنتاج الكهرباء، إضافة إلى إنشاء مركز لإنتاج الهيدروجين في مدينة رأس الخير الصناعية، وإنشاء مشروع ضخم لالتقاط وتخزين الكربون ستبلغ طاقته الاستيعابية 9 ملايين طن سنويًا بحلول عام 2027.
أخلص القول؛ إن الإنجازات الحضارية والتنموية التي تحققت في المملكة خلال عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- شملت العديد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية، والتي قد وضعت المملكة بين التصنيفات العالمية المتقدمة بالعديد من المؤشرات الدولية، مما أكسب المملكة -حكومة وشعباً- المزيد من الاحترام والتقدير للجهود المبذولة في التنمية العصرية والحضارية وتحقيق إنجازات وأرقام قياسية غير مسبوقة ضمن مستهدفات رؤية طموحة، لتؤكد للعالم بأننا دولة عظيمة الشأن والأكثر ثقلاً عربياً وإقليمياً ودولياً بجميع المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والبحثية، بما في ذلك في مجال الابتكار والتطوير، واستضافة البطولات الرياضية والتقنية والفنية العالمية لنثبت للعالم ريادتنا بجميع المجالات.