كشفت شركة كي بي إم جي عن أحدث ورقة بحثية لها بعنوان "قيمة الريال الواحد: فهم تمويل الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية"، في ملتقى الصحة العالمي بالرياض، لهذا العام، وسيتم نشر الورقة على هامش الملتقى، ويوضح التقرير هيكل تمويل الرعاية الصحية في المملكة، حيث يقدم تحليلًا مفصلًا لأنماط الإنفاق الحالية، وتحديات الاستدامة المستقبلية، والنماذج المالية المبتكرة التي يمكن أن تحول القطاع وترتقي به.

ويكشف التقرير أنَّ الإنفاق على الرعاية الصحية في السعودية قد شهد نموًا ملحوظًا، حيث ارتفع من 22.8 مليار ريال سعودي في عام 2007 إلى 79.8 مليار ريال سعودي، في عام 2021، وذلك نتيجةً للتقدم التقني السريع بالاضافة إلى تزايد عدد كبار السن، وارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض المزمنة.

كما يسلّط التقرير الضوء على أهمية تبني نموذج الرعاية الصحية القائم على القيمة (VBHC) كإستراتيجية رئيسية للحد من التكاليف غير الضرورية وتحسين النتائج التي يحصل عليها المرضى، ويركز نموذج الرعاية الصحية القائم على القيمة (VBHC)، على ربط التعويضات بالنتائج الصحية، بدلاً من كمية الخدمات المقدمة ، فمن خلال التركيز على القيمة والكيفية بدلاً من الكمية، يشجع هذا النموذج الكفاءة، وتنسيق الرعاية الأفضل، والتركيز على التدابير الوقائية التي يمكن أن تقلل من العبء على المدى البعيد للأمراض المزمنة، مثل: السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية.

وفي هذا الصدد، صرح برهان خان، الشريك ورئيس استشارات الرعاية الصحية في شركة كي بي إم جي، قائلًا: "تؤكد دراستنا البحثية على الضرورة الملحة لتبني نماذج مالية مبتكرة لضمان استدامة النظام الصحي السعودي على المدى البعيد، وفي ظل ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، من الضروري التحول نحو تبنّي نماذج تركز على القيمة والكيفية وليس الكمية، وتركز على الوقاية والفعالية،ومن خلال دمج التقنيات المتقدمة وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، يمكننا بناء نظام صحي مرن يلبي الاحتياجات المتطورة للمجتمع".

ويعد العبء المالي الكبير للمصاريف الشخصية التي ينفقها المرضى من أموالهم الخاصة للحصول على الرعاية الصحية من بين الأمور الرئيسية الأخرى التي تطرق إليها التقرير، والتي تمثل 14 % من إجمالي الإنفاق على الرعاية الصحية في المملكة، ومن بين هذه النفقات، يتم توجيه 53 % منها إلى الأدوية، بينما يتم إنفاق 14 % أخرى على زيارات الطبيب، وتشير هذه البيانات إلى الحاجة الملحة إلى توسيع التغطية التأمينية وإدارة تكاليف الأدوية بشكل أكثر فعالية، لتقليل الضغط المالي على الأسر، وتدعو النتائج التي توصلت إليها الدراسة إلى بذل جهود أكبر لتوسيع الوصول إلى الرعاية الصحية بأسعار معقولة، خاصةً بالنسبة للفئات ذات الدخل المنخفض وأولئك الذين يعانون من الأمراض المزمنة.

ويشير التقرير إلى أنَّ الرعاية الوقائية تتمتع بإمكانات هائلة في مجال التوفير المالي، فكل ريال يتم استثماره في الرعاية الوقائية، مثل: برامج التطعيم والفحوصات الصحية، حيث يمكن أن يعود بخمسة أضعاف من خلال منع ظهور الأمراض المزمنة المكلفة؛ ويحدد التقرير أيضًا التكامل التقني، مثل الرعاية عن بعد والحلول الصحية الرقمية، كأدوات رئيسية لتحسين الكفاءة والنتائج التي يحصل عليها ويشعر بها المرضى، ولا تساعد هذه التقنيات في تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية وحسب، بل تمكّن من اتخاذ قرارات أكثر سلاسة ومستندة إلى البيانات؛ مما يسمح لمقدمي الرعاية الصحية بتوجيه الموارد إلى المجالات والنواحي الأكثر أهمية.

وأضاف برهان خان، قائلًا: "تعد حسابات التوفير الصحية (HSAs) وآليات تقاسم التكاليف الأخرى وسائل فعالة لتمكين الأفراد من ممارسة سيطرة أكبر على إنفاقهم على الرعاية الصحية، ومن خلال تشجيع المسؤولية الشخصية وخيارات الرعاية الصحية الحكيمة، يمكن لحسابات التوفير الصحية أن تقلل من الزيارات والعلاجات غير الضرورية؛ مما يساهم في النهاية في الاستدامة المالية طويلة الأجل لنظام الرعاية الصحية".

من جهته أكد الدكتور محمد فايق، مدير مساعد، الرعاية الصحية في شركة كي بي إم جي ، على الأهمية المتزايدة للشراكات بين القطاعين العام والخاص في قطاع الرعاية الصحية، قائلًا: "نتوقع أن يصل ارتفاع مشاركة القطاع الخاص إلى 65 % بحلول عام 2030، وتعد هذه الشراكات ضرورية لدعم البنية التحتية والموارد اللازمة لتلبية احتياجات المملكة الصحية، في حين تساهم أيضًا في دفع النمو الاقتصادي، ومن خلال التعاون مع القطاع الخاص، يمكن للحكومة السعودية إدخال وتبنّي ابتكارات جديدة، وتحسين تقديم الخدمات، وتوفير وظائف جديدة في مجال الرعاية الصحية بحلول عام 2030".، وتُختتَم الدراسة بتحليل شامل للنماذج المالية المبتكرة التي يمكن أن تساعد على تأمين مستقبل الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية، مثل حسابات التوفير الصحية (HSAs).

برهان خان
د. محمد فايق