طالب الرئيس التنفيذي لشركة (سابك) م. عبدالرحمن الفقيه مصنعي البتروكيميائيات في العالم بضرورة تصميم وبناء وتشغيل مرافق الصناعة الكيماوية مع الأخذ في الاعتبار الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وإزالتها وتسهيل إعادة تدوير وإعادة استخدام البلاستيك، وأهمية التقيد بسلاسل القيمة الدائرية.
وقال في اجتماعات مجموعة تواصل الأعمال (B20)، التي عُقدت يومي 24 و25 أكتوبر في مدينة ساو باولو البرازيلية تحت شعار "النمو الشامل من أجل مستقبل مستدام"، إن صناعة الكيميائيات تعد مورداً رئيساً لأنظمة الطاقة البديلة في العالم. ويمكن لصناعتنا إزالة الكربون من عملياتها مع الاستمرار في إضافة القيمة إلى المنتجات الاستهلاكية ويجب أن نصبح عنصر إساسياً في اقتصاد الكربون الدائري.
وأبرز الفقيه التحديات المختلفة التي تواجه صناعة الكيماويات موضحا أن هناك تركيزاً كبيراً من الجهات التنظيمية للحد من البصمة الكربونية للصناعة، ومعربا عن تفاؤله بالمستقبل الواعد أمام الصناعة -رغم هذه التحديات- وثقته بأن الصناعة قادرة على موازنة الكربون في عملياتها ومواصلة إضافة القيمة إلى المنتجات الاستهلاكية في الوقت ذاته، وذلك من خلال إسهامها بدور محوريّ في الاقتصاد الدائري للكربون.
وكانت (سابك)، الشركة الرائدة عالميّاً في صناعة الكيماويات المتعددة، قد أعلنت عن إطلاقها باقة جديدة من المنتجات الكيماوية المعتمدة منخفضة الكربون، وذلك في إطار التزامها بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050م، للمساعدة في دعم زبائنها وشركاء سلسة القيمة في تحقيق أهدافهم نحو الاستدامة بتوفير منتجات منخفضة الكربون.
ويأتي في مقدمة منتجات هذه الباقة الميثانول، الذي ينتجه قطاع كيماويات (سابك)، والذي يتضمن محتوى كربونيا أقل من مثيله في الباقة التقليدية، مع الحفاظ على نفس مواصفات المنتج عالية الجودة. ويُعزى انخفاض أثره الكربوني إلى مادة اللقيم المستخدمة في إنتاجه: إذ يُلتقط ثاني أكسيد الكربون الناتج عن عمليات التصنيع الأوّلية (التقاط الكربون واستخدامه)، لتوفير مصدر مهمّ من الكربون الضروري لتصنيع الميثانول، مع التقليل من استخدام مواد اللقيم التقليدية. وبفضل التقاط ثاني أكسيد الكربون واستخدامه كمادة لقيم، يمكن للمنتج الجديد أن يتيح تقليل البصمة الكربونية للمنتجات.
ويُصنَّع الميثانول المعتمد منخفض الكربون حاليا في مواقع إنتاج الميثانول التابعة لمشاريع (سابك) المشتركة. ويُستخدَم بشكلٍ عام في تصنيع الوقود البحري والراتنجات المستخدمة في ألواح الأرضيات والأثاث والأكريليك. ومن المقرر طرح المزيد من المنتجات المعتمدة منخفضة الكربون ضمن باقات (سابك) العالمية عبر جميع منشآتها ومواقعها التصنيعية حول العالم.
ويلعب قطاع الكيماويات دوراً محورياً في بناء مستقبل يتميز بالمرونة والاستدامة. ومع ازدياد الطلب على المواد المبتكرة والممارسات المستدامة، فإن القطاع يقود توجهات التحوّل نحو الحياد الكربوني والاقتصاد الدائري للكربون. وتلتزم (سابك) التزاماً كبيراً بمواصلة الجهود واستكشاف الحلول بالتعاون مع شركائنا في سلسلة القيمة من أجل الوصول إلى غايتنا في تحقيق الحياد الكربوني.
وفضلاً عن كون (سابك) من أوائل الشركات الساعية إلى تقليل البصمة الكربونية في عملياتها ومنتجاتها، فقد تعاونت مع أطراف خارجية مستقلة لقيادة تطوير وحدة جديدة لإصدار شهادات البصمة الكربونية لدى برنامج الاستدامة الدولية وشهادة الكربون (ISCC)، وإجراء مراجعة مبدئية من أجل الحصول على تلك الشهادة في مواقع إنتاج الميثانول التابعة لمشاريع (سابك) المشتركة.
وقد تأسست وحدة إصدار شهادات البصمة الكربونية من أجل اعتماد الأثر الكربوني لمختلف المنتجات وسلاسل القيمة. ومن شأن هذه الوحدة أن تتيح الربط بين شهادات الاستدامة وموازنة مواد اللقيم على مستوى سلاسل القيمة المعقدة.
ونجحت (سابك) بتطوير التقنيات لدعم سلاسل قيمتها في تقليل البصمة الكربونية، لا سيما تقنيات التشغيل الكهربائي ووقود الهيدروجين والطاقة المتجددة، إلى جانب التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه؛ ومن ثم، يمكن استخدام المنتج الثانوي (ثاني أكسيد الكربون) عالي التركيز لقيماً بديلاً لتصنيع المنتجات الجديدة. ويُعدّ هذا المشروع الذي يستهدف التقاط الكربون واستخدامه -من خلال تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى الميثانول منخفض الكربون ومشتقاته- من أهم العوامل التي تتيح تقليل انبعاثات الكربون في سلاسل قيمة (سابك) وزبائنها.
فيما تبذل الشركة الجهود لاستكشاف الحلول اللازمة لتحقيق الحياد الكربوني في العمليات التي تديرها بحلول عام 2050م، مع مراعاة الأهداف والالتزامات والمبادرات الإقليمية والوطنية المختلفة. وتعتبر المنتجات الجديدة منخفضة الكربون خير مثال على تعاون (سابك) المثمر مع شركائها على مستوى سلسلة القيمة من أجل تقليل الانبعاثات غير المباشرة ضمن النطاق (3).
وافتتحت "سابك" أوائل هذا العام 2024 رسمياً أكبر منشأة لتوليد الطاقة الشمسية في العالم، تعمل باستخدام ألواح مصنوعة من مواد قابلة لإعادة التدوير بالكامل، وذلك في موقعها بمدينة (جينك) البلجيكية. تتميز الألواح الشمسية المبتكرة، التي تصنعها الشركة الهولندية (سولارج)، بأنها قابلة لإعادة التدوير بنسبة 100 % وأخف وزناً بشكل ملحوظ مقارنة بالألواح الشمسية التقليدية.
وتتألف المنشأة من 4600 لوح شمسي، تم تطويرها من قبل (سابك) وشركة (سولارج)، ومن ثم قامت على تصنيعها (سولارج)، الشركة الهولندية الصناعية الناشئة التي افتتحت أول مصنع لها في هولندا العام الماضي. تتميز هذه الألواح الشمسية بتكوينها من طبقات قابلة للفصل بالكامل، بحيث يُمكن تفكيك جميع مكوناتها وإعادة استخدامها. وبفضل استخدام البوليمرات المبتكرة -التي تنتجها (سابك) في موقعها في جينك- لا تحتوي هذه الألواح الشمسية أيضاً على الزجاج وتستخدم كمية أقل من الألمنيوم، ما يجعلها أخف بمقدار النصف ويُمكنها من تقليل بصمتها الكربونية بنسبة 25 ٪ مقارنة بالألواح الشمسية التقليدية.
وتم تصميم وتمويل وتركيب منشأة الطاقة الشمسية من قبل شركة (إنجي صن فور بيزنس)، الشركة البلجيكية التابعة لشركة (إنجي). وستنتج المنشأة حوالي 2000 ميغاواط من الكهرباء المتجددة سنوياً، ما يعادل متوسط الاستهلاك السنوي لنحو 700 أسرة. وسيستهلك موقع (سابك) الكهرباء المولدة بالكامل تقريباً، ما سيساعد (سابك) على تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ويعد هذا الإنجاز مثالاً رائعاً على الجمع بين خبرات (سابك) المتميزة في مجال تطوير المواد والتعاون مع روادٍ آخرين في سلسلة القيمة على اختلاف مجالاتهم. ويجسد هذا المشروع عنصرين رئيسين للاستدامة في (سابك)، أولهما الابتكار بغرض تدوير المواد، وثانيهما تعزيز المسيرة نحو الحياد الكربوني. ويؤكد ذلك أيضاً التزام (سابك) بتعزيز تحول قطاع الطاقة نحو الطاقة المتجددة من خلال تطبيقات المواد، والحد من البصمة الكربونية للتصنيع.