تناول عدد من الوزراء في قطاعات متعددة بالدولة منجزات ومشاريع انعكست على خدمات المواطن، وأسهمت بشكل كبير في النمو الاقتصادي للمملكة، وأبرز الوزراء خلال ملتقى الميزانية الذي نظمته وزارة المالية أمس الأربعاء، في فندق الفيصلية في الرياض، الأثر التطويري لمستهدفات الرؤية منذ عام 2016 على تنامي الخدمات، مشددين على أن من أبرز عناوين النجاح للمستهدفات يعود لتوجيهات القيادة وعمل الدولة بروح الفريق الواحد، والتركيز على القطاع الخاص لتولي دفة النمو والتطوير.

واستعرضت الجلسة الحوارية الأولى تعزيز النمو الاقتصادي المستدام، بمشاركة معالي وزير المالية محمد الجدعان، ووزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم، حيث شدد الجدعان على التركيز على تعزيز كفاءة الإنفاق لتحقيق العائد الأفضل من المشاريع والخدمات، وعملية تنويع الاقتصاد شهدت قفزات كبيرة في سنوات قصيرة.

وأكَّد معالي وزير المالية في الجلسة الافتتاحية لملتقى الميزانية 2025، أن الإنفاق المستدام مكَّن المملكة من تقديم خدمات بجودة عالية ومواجهة متغيرات أسعار الطاقة، مضيفًا أن تركيز المالية العامة على القطاعات ذات الأثر المباشر على التنمية الاقتصادية والتنوع الاقتصادي.

شبكة النقل العام تغطي أكثر من 70 % من المناطق

‏وأوضح الجدعان أن تمكين المالية العامة في تنويع الاقتصاد مهم جدًا لذا كانت رؤية المملكة 2030 هي المحافظة على مالية عامة مستدامة بعيدًا عن تقلبات بعض الإيرادات مثل الإيرادات النفطية ‏للحفاظ على استخدام تحويل القطاعات التي تحتاج إلى نظرة طويلة المدى لتستقر، مبينًا أن السياسات المالية جزأين وهي الإنفاق الحكومي والأعباء الضريبة على الاقتصاد وتستخرج هاتان السياستان للسيطرة على الاقتصاد.

‏وأشار معاليه إلى أن إصلاحات رؤية المملكة 2030 الهيكلية تجاوزها الاقتصاد، والهدف منها دعم المالية للاقتصاد بشكل عام، حيث وصلت الإيرادات غير نفطية إلى 472 مليارًا بفضل التنوع الاقتصادي الكبير الذي وصلنا له.

‏وقال معاليه: "إن التركيز في المملكة الأكبر كان على القطاع النفطي، ومررنا بمراحل كان فيها النمو عالياً جدًا والفرق بين الأمس واليوم هو أن الانفاق المستدام والمستمر، والسبب أنه تم تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل واستخدام السياسات المالية الأخرى".

‏وأضاف: "اليوم نستخدم أدوات الدين لتوازن الإيرادات لتغطية النفقات بشكل مستمر ومستدام ليس فقط الجهات الحكومية والقطاعات المستهدفة، وإنما أيضًا القطاع الخاص".

وتوقع الجدعان بأن يتراوح العجز لميزانية الدولة ما بين 100- 140 مليار ريال على المدى المتوسط، مع التركيز على دعم الناتج المحلي غير النفطي سيوفر فرص أعمال في القطاع الخاص، وتوقع الجدعان أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بمعدل 4 % على المدى المتوسط أي في السنوات الـ3 القادمة، مشيراً أن المملكة مستمرة في دعم هذه الاستراتيجية التي من شأنها أن توفر فرص أعمالٍ في مجالات مختلفة، كما أكد أن السعودية تركز أساساً وبشكل خاص على استراتيجية التنويع الاقتصادي وتأخذ في نفس الوقت المستجدات العالمية والتطورات الجيوسياسية بعين الاعتبار.

من جانب آخر توقع الجدعان أن تحقق المملكة نمواً كبيراً في الاستثمار الأجنبي والمحلي على المدى المتوسط، مشيراً أن بلاده نجحت في تحقيق مستهدفاتها، منوهاً أن نسبة المشاركة النسائية ببلوغ الاستثمارات على ملك نساء 45 %، كما أن نسبة السعودة في القطاع الخاص عموماً بلغت خلال العام الحالي 25 %.

وبين الجدعان أن المملكة هي ثاني أقل دولة من حيث الدين الحكومي في G20، كما أشار الى أن استراتيجية المملكة بخصوص الدين ترتكز على الاستدانة من أجل الإنفاق على الاستثمار بشرط أن يتجاوز العائد من الاستثمار سنوياً حجم الدين نفسه، ولم يستبعد في ذات السياق أن تستدين السعودية خلال 2025 و2026 و2027 من أجل سداد مستحقات الدين إذا ما توفرت فرص مناسبة في سوق الدين.

من جانبه أكَّد معالي وزير الاقتصاد والتخطيط، أن من أهداف رؤية المملكة 2030، إطلاق إمكانات المواطن وتقليل الحاجة للاعتماد على النفط، والرؤية في عامها الثامن تتقدم بخطى ثابتة وبزخم عالٍ، مبينًا أنه في السابق كان لدينا تحديان وهو اعتماد الإنفاق الحكومي على إيرادات النفط، واعتماد النمو الاقتصادي على الإنفاق الحكومي، وبحكم أن الإنفاق الحكومي هو المحرك سابقًا للحركة الاقتصادية.

وقال: إن من أهم النتائج نمو الأنشطة غير النفطية في آخر ثلاث سنوات بنسبة تقدر 6 %، حيث أصبحت الآن تمثل نصف الاقتصاد بنسبة 52 % من الناتج المحلي الحقيقي والمهمة لم تنتهِ بعد.

وأضاف إن النمو المتوقع نهاية السنة للأنشطة غير النفطية يُقدر بحوالي 3،9 % والعام القادم 4.8 % ، وسيتم تعديل الأرقام كلما تحسنت التقديرات ونطمح إلى النمو بجودة عالية، ودخول أنشطة للقطاع النفطي لا تعتمد على مواصلة الصرف، بل أنشطة مستدامة تدل على نمو في ديناميكية القطاع الخاص ونمو في الإنتاجية، مشيرًا إلى وجود قطاعات في المملكة تراكمت فيها المعرفة، فلدينا معرفة كبيرة في الصحة، ومن الممكن أن تكون لبنة لقدرة تنافسية عالمية، حيث استطعنا إيجاد تحديثات طبية كزراعة القلب التي تمت باستخدام الروبوت.

كفاءة السياسات المالية

من جهته رفع معالي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، المهندس أحمد بن سليمان الراجحي، التهنئة للقيادة، بمناسبة إقرار الميزانية العامة للدولة للعام المالي 1446/1447 هـ (2025م)، وأكد معاليه أن إقرار الميزانية يعكس متانة الاقتصاد السعودي وكفاءة السياسات المالية، إضافة إلى الاستثمار الأمثل للموارد لتحقيق الخير والنماء للوطن والمواطن في كافة المجالات، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030. وأشاد بالدعم اللامحدود الذي حظيت به منظومة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، مما أسهم في تحقيق إنجازات بارزة على المستويين المحلي والعالمي.

وأوضح معاليه خلال جلسة "الميزانية في دعم الخدمات الأساسية" في ملتقى ميزانية 2025 أن الوزارة نفذت إصلاحات هيكلية وتشريعية، وأطلقت مشاريع مبتكرة، منها تنفيذ 8 من أصل 11 برنامجًا ضمن برامج رؤية 2030. وأشار إلى انخفاض معدل البطالة من 12 % في عام 2018 إلى 7.1 حاليًا، متجاوزًا مستهدف الرؤية البالغ 7 % قبل 6 سنوات من الموعد المحدد، مع وضع هدف جديد لخفض البطالة إلى 5 % بحلول 2030.وأشار معاليه إلى نجاح الوزارة في تعزيز شراكاتها مع القطاع الخاص، ما أسهم في زيادة توظيف السعوديين ليصل عدد العاملين في القطاع الخاص إلى أكثر من 2.4 مليون مواطن ومواطنة، بزيادة 700 ألف منذ 2018. كما تجاوزت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل 35.8 %، متفوقة على مستهدف الرؤية البالغ 30 %.وأضاف معاليه أن الوزارة أطلقت منصة "جدارات" التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتسهيل التواصل بين الباحثين عن العمل وأصحاب العمل، بالإضافة إلى تنفيذ مبادرات التوطين النوعي التي أسفرت عن توظيف 300 ألف سعودي وسعودية في مهن متخصصة. وفي جانب تحسين بيئة العمل، تم تعديل 38 مادة قانونية وإطلاق منتجات تأمينية جديدة مثل التأمين على العمالة المنزلية.

وفي القطاع غير الربحي، شهدت المملكة نموًا بنسبة 222 % في عدد الجمعيات، وزيادة في عدد المتطوعين ليقترب من مليون متطوع، متحققًا بذلك مستهدف رؤية 2030 خلال العام الجاري.

أكد وزير الصناعة والثروة المعدنية، بندر الخريف، أن محفظة بنك التصدير والاستيراد بلغت نحو 30 مليار ريال، مشيرًا إلى أن النمو الأكبر تحقق من قطاع تأمين الصادرات، الذي ساهم في استغلال رأس المال وتحقيق مضاعفات اقتصادية إيجابية، وأوضح خلال مشاركته في ملتقى ميزانية 2025 أن المملكة تصدرت عالميًا في الإنفاق على المسح الجيولوجي خلال السنوات الأخيرة، مما أسهم في رفع تقديرات الثروات التعدينية الطبيعية إلى أكثر من 2.5 تريليون ريال.

وفيما يتعلق بتراخيص التعدين، أكد الخريف أن المملكة تعمل على تقليل فترة إصدار التراخيص مقارنة بالدول المتقدمة التي قد تصل فيها المدة إلى 8 سنوات. وأضاف أن المملكة تلتزم بإصدار التراخيص في أقل من 6 أشهر حاليًا، مع خطط لخفضها إلى 90 يومًا فقط قريبًا، في إطار جهودها لتحفيز الاستثمارات وتعزيز جاذبية القطاع.

إنتاج المياه ارتفع إلى ستة ملايين م³ يوميًا.. والتكلفة انخفضت 50 %

وتناول معالي وزير التعليم الأستاذ يوسف بن عبدالله البنيان، أن الوزارة أعادت تأهيل وبناء 580 مشروعًا تعليميًا بتكلفة أكثر من ملياري ريال، إضافة إلى رصد أكثر 166 مشروعًا بتكلفة أكثر من أربعة مليارات خلال عام 2025م، وذلك خلال جلسة حوارية "دعم الخدمات الأساسية" ضمن ملتقى الميزانية 2025م التي تنظمه وزارة المالية، في مدينة الرياض

وأكد أن برنامج خادم الحرمين الشريفين أسهم في ابتعاث أكثر من 10 آلاف طالب إلى أفضل 200 جامعة حول العالم، مبرزًا انضمام 3 جامعات في التصنيف الدولي كأفضل 200 جامعة حول العالم، إضافة إلى أن أعداد الموهوبين ارتفع في عام 2024م إلى أكثر من 10 %، مؤكدًا أن أعداد الموهوبين في البرامج المخصصة لذلك بلغ أكثر من 28 طالبًا وطالبة.

وأشار وزير التعليم، إلى أهم المنجزات التي تحققت في عام 2024م، التي انبثقت من أربعة مرتكزات رئيسية لمنظومة التعليم، من خلال إنشاء المركز الوطني لتطوير المناهج، إضافة إلى إعادة المعهد المهني ودوره لتطوير المعلمين الذي يعد بوابة المعلمين للمدرسة، فضلًا عن الموافقة على برنامج ريادة الجامعات، وكذلك مبادرة إعادة وهيكلة وحوكمة المؤسسة العامة للتعليم التقني والمهني، مبينًا أن الوزارة تمكنت من الحصول على نمو مميز في الطفولة المبكرة التي تعد جزءًا رئيسًا لدعم منظومة التعليم حيث بلغت 34 % والمستهدف 90 % بحلول 2030.

من جهته بين معالي نائب وزير البيئة والمياه والزراعة، المهندس منصور بن هلال المشيطي، أن ما حققته المملكة في محطات إنتاج المياه المحلاة خلال (8) أعوام، يعادل ما تم تحقيقه في (4) عقود ماضية، إذ بلغ حجم الإنتاج نحو (6) ملايين م³ يوميًا، ليرتفع الإنتاج الكلي اليوم إلى (11.3) مليون م³، وتحسنت الكفاءة بنسبة (80 %) وانخفضت التكلفة بنسبة (50 %).وأوضح المهندس المشيطي خلال مشاركته في ملتقى ميزانية 2025م بعرض حول قصة نجاح المنظومة في رحلة استدامة المياه والأمن المائي في المملكة، أن مصادر انتاج المياه تقع على سواحل المملكة، حيث يتطلب نقل المياه آلاف الكيلومترات طولاً، ورفعها آلاف الأمتار لقمم الجبال لتصل إلى جميع المناطق، وفي هذا نجحت المنظومة في بناء شبكة لخطوط نقل المياه بلغت طولها أكثر من (14) ألف كيلو متر، بما يعادل ضعف طول نهر النيل الذي يمر بـ(11) دولة، وارتفع حجم الخزن الاستراتيجي من (13) مليون م³ في 2016م إلى أكثر من (25) مليون م³ اليوم، مؤكدًا أن هذه المشاريع تم تنفيذها بدعم حكومي سخي، وبمشاركة منظومة الحكومة، والقطاع الخاص، حيث تم تنفيذ (29) مشروعًا في قطاع المياه بقيمة (28) مليار ريال؛ (30 %) منها استثمار أجنبي بقيمة (8) مليارات ريال، ونخطط لمشاريع من القطاع الخاص ضمن محفظة قيمتها تقارب (58) مليار ريال.

وأفاد معالي نائب وزير "البيئة" أن توظيف التقنية والابتكار والتنظيم المستدام أسهم في توفير أكثر من (9) مليارات م³ سنويًا من المياه الجوفية، وهذا يعادل استهلاك سكان المملكة لمدة ثلاثة أعوام، مشيرًا إلى أن قطاع التوزيع تمكن من تركيب مليوني عداد إلكتروني خلال جائحة "كورونا" لحساب الفوترة، وترسيخ مبدأ "الاستهلاك المسؤول" من خلال رسائل ذاتية للمستفيد في حال تجاوز الاستهلاك المعتاد، مؤكدًا أن منظومة الوزارة نجحت كذلك من خلال تطبيق حلول ترشيد المياه في الجهات الحكومية من توفير أكثر من (31) مليون م³ من المياه هذا العام.

وأضاف معاليه، أن إستراتيجية الوزارة بجانب نجاحها في المحافظة الموارد المائية وتحقيق وفورات، ونجحت في زيادة الإنتاجية الزراعية، حيث شهد القطاع الزراعي نموًا ملحوظًا بتحقيق أكبر مساهمة في الناتج المحلي من (64) مليار ريال في 2016م إلى (109) مليارات ريال في 2023م، وتحقيق نسب اكتفاء ذاتي للعديد من المنتجات الزراعية تجاوزت (100 %)، كما نجح أبناء وبنات الوطن من إدارة برنامج التنمية الريفية الزراعية بكفاءة عالية، وتمكنوا من رفع إنتاج محصول البن من (300) طن إلى أكثر من (1300) طن، كأحد نماذج نجاح هذا البرنامج.

من جانبه استعرض معالي الرئيس العام للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية الدكتور رميح بن محمد الرميح، قصة مشروع التحول في قطاع النقل العام. وأكد معاليه أن هذا التحول يمثل استثمارًا في مستقبل الإنسان وجودة حياته، من خلال توفير خدمات نقل متنوعة، وتعزيز السلامة، والحد من التلوث البيئي.

وأشار إلى أن أثر النقل العام، منذ انطلاق رؤية المملكة 2030، امتد ليشمل 19 مدينة ومحافظة، حيث شُغل النقل العام في 14 منها واعتمدت الخطط لـ5 مدن أخرى، مفيدًا أن هذه الجهود أسهمت في خفض الحوادث داخل المدن بنسبة تصل إلى 80 %. وسلط الدكتور الرميح الضوء على خدمات الربط بين المدن والمحافظات، مشيرًا إلى أن شبكة النقل العام توسعت لتغطي أكثر من 70 % من المملكة، وتشمل أكثر من 200 مدينة ومحافظة، وتقدم الشبكة يوميًا 500 رحلة عبر 104 مسارات و259 نقطة توقف، بإجمالي طول يزيد عن 84,903 كيلومترات.

وأكد معاليه التزام قطاع النقل بتحقيق الاستدامة البيئية، مشيرًا إلى البدء في تشغيل حافلات كهربائية والعمل على دراسة حافلات هيدروجينية خطوة مستقبلية، بهدف إيجاد حلول تتناسب مع طبيعة المملكة وتعزز من استدامة القطاع.

الجلسة الأولى لملتقى الميزانية 2025
الجلسة الحوارية الثانية