الفالح: المملكة تقود جهود الاستدامة في مجالات الطاقة والاقتصاد الدائري
المملكة أكبر أسواق الشرق الأوسط في التقنيات المتقدمة الداعمة للابتكار
افتتح صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز وزير الطاقة أمس، أعمال النسخة الرابعة من منتدى مبادرة السعودية الخضراء تحت شعار "بطبيعتنا نبادر"، وذلك بالتزامن مع الدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (COP16) التي تستضيفها الرياض تحت شعار "أرضنا، مستقبلنا".
وتحدث سموه عن الجهود المستمرة للمملكة في التعامل مع تحديات التغير المناخي، كما أكد على أهمية تعزيز أمن إمدادات الطاقة كونه الركيزة الأهم لتحقيق الاستدامة في المجالات المختلفة. كما استعرض سموه خلال حديثه مع الدكتورة أنجيلا ويلكنسون، الرئيس التنفيذي لمجلس الطاقة العالمي، أبرز المبادرات النوعية والنتائج المحققة للمملكة في مسار تحولات الطاقة، مما جعلها الدولة الوحيدة على مستوى العالم التي تستفيد ماليًا من هذا التحول. وأفاد سموه أن العالم تؤمن بمستهدفات رؤية السعودية 2030 وهم متحفزون لتحقيق النتائج؛ لأنهم يرون أن ما يقدمونه يؤثر في حياتهم اليومية بشكل جوهري وما نقوم به اليوم هو لأولادنا وأحفادنا. مشيرا: نحن نعمل على إزاحة مليون برميل من السوائل البترولية واستبدالها بالغاز والطاقة المتجددة أروني أي بلد فعل ذلك.
من جهته قال أمين الناصر رئيس شركة أرامكو، إن الشركة تنظر إلى كيفية تقليص التكلفة في ظل تحول الطاقة، لافتا أن التحدي الأكبر لتحول الطاقة هو التوقعات غير المنطقية من البعض. وأضاف خلال مبادرة السعودية الخضراء، أن هناك حاجة لجميع مصادر الطاقة لضمان استدامة موارد الطاقة، مشيرًا إلى الاستثمارات الكبيرة لتصبح المملكة من أقل الدول انبعاثات للكربون. وبين أن مشكلة الهيدروجين الأساسية هي ارتفاع التكلفة مقارنة ببقية مصادر الطاقة، مبينا أن التقنية والابتكار هما المجال الوحيد للكثير من الشركات في هذا القطاع ويتم فيها استثمارات ضخمة لمعرفة ما يمكن القيام به، حيث بلغت استثمارات أرامكو كرأس المال الجريء 700 مليون دولار للشركات الناشئة لدعم تحول الطاقة. وقال الناصر إن المملكة تستثمر الكثير في الطاقات المتجددة بالمملكة، مشيرا إلى أن نحو 30% من استهلاك الطاقة سيكون من الطاقات المتجددة، و50% من الغاز لذلك نحن نحتاج إلى حلول براغماتية تأخذ بعين الاعتبار ضمان مصادر الطاقة وأنها آمنة ومستدامة.
ويشهد المنتدى مشاركة الخبراء وصنّاع السياسات وقادة قطاع الأعمال والخبراء والمتخصصين من مختلف أنحاء العالم، لمناقشة موضوعات أبرزها إعادة تأهيل الأراضي، وتسخير أحدث الابتكارات لخفض الانبعاثات الكربونية، وتمويل رحلة الانتقال الأخضر لدعم سبل العيش المستدامة، ودور الحلول الطبيعية في تمكين المجتمعات من التكيف مع تغير المناخ، بالإضافة إلى تعزيز جهود الحفاظ على التنوع البيولوجي الغني في المملكة.
وتستعرض النسخة الرابعة من المنتدى مدى التقدم المحرز نحو تحقيق الأهداف المناخية والبيئية في إطار مبادرة السعودية الخضراء، وخطط العمل لمكافحة التصحر وتسريع جهود إعادة تأهيل الأراضي، مع التركيز على أهم الاتجاهات في مجال الاستدامة وأحدث الابتكارات البيئية، التي تسهم في بناء مستقبل أكثر استدامة.
وسيعقد خلال مؤتمر (COP16)، معرض مبادرة السعودية الخضراء الذي يتيح لزواره فرصة خوض رحلة استثنائية تسلّط الضوء على رؤية المملكة لبناء مستقبل مستدام، إلى جانب مجموعة من التجارب التفاعلية التي تستعرض أكثر من 80 مبادرة يجري العمل عليها في إطار جهود العمل المناخي والبيئي، وذلك بمشاركة جميع فئات المجتمع عبر مجموعة من الشاشات والخرائط ثلاثية الأبعاد ولوحات الأداء التفاعلية، بما يضمن تعزيز مستويات اهتمام وتفاعل الزوار.
وتركز مبادرة السعودية الخضراء على تحقيق ثلاثة أهداف طموحة تُسهم في مواجهة التحديات البيئية وتعزيز الاستدامة. ويتمثل الهدف الأول في خفض الانبعاثات بمقدار 278 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030م، من خلال زيادة سعة مصادر الطاقة المتجددة، وتطوير تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه، ودعم الابتكارات في الاقتصاد الدائري للكربون. فيما يتمثل الهدف الثاني في تشجير المملكة عبر زراعة 10 مليارات شجرة، بما يعادل إعادة تأهيل 74.8 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة وقد تم حتى الآن زراعة أكثر من 95 مليون شجرة وإعادة تأهيل 111 ألف هكتار من الأراضي. وفي إطار الهدف الثالث، تسعى المبادرة إلى حماية 30% من المناطق البرية والبحرية بحلول عام 2030م، مع التركيز على إعادة توطين الكائنات الفطرية المهددة بالانقراض.
في الوقت نفسه، أعلنت وزارة الطاقة ووزارة الاقتصاد والتخطيط عن الفائزين في التحدي العالمي لالتقاط الكربون واستخدامه، الذي أُطلق بالتعاون مع منصة أب لينك (UpLink). جاء الإعلان خلال منتدى مبادرة "السعودية الخضراء"، الذي عُقد في الرياض، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز وزير الطاقة، ووزير الاقتصاد والتخطيط فيصل بن فاضل الإبراهيم. ويهدف التحدي، الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، الذي تتبناه المملكة، وبجهود خفض الانبعاثات المرتبطة به، إلى تعزيز البحث عن حلول مبتكرة لتسريع وتيرة إزالة الكربون، ودعم العمل المناخي، والتأكيد لأهمية الابتكار والتقنية في التعامل مع تحديات التغير المناخي، من خلال تشجيع الشركات الناشئة على تقديم حلول رائدة لالتقاط ثاني أكسيد الكربون، وإعادة استخدامه، إما بصورته الأصلية، أو عبر عمليات تحويل كيميائية.
وقد فازت في منافسات التحدي 11 شركة ناشئة مبتكرة، من بين 315 شركة عالمية شاركت في المنافسات وجاء تتويج الفائزين وفقًا لعدد من المعايير تتضمن مستوى نضج الحلول المقدمة وقابليتها للتوسع وجدواها التجارية ومستوى جاهزيتها التقنية والاستثمارية، ومدى استدامتها، كما عكست الابتكارات الفائزة الدور البارز لتقنيات التقاط الكربون واستخدامه في التخفيف من آثار التغير المناخي وتعزيز الاستدامة الصناعية. وسيحصل الفائزون في المراكز الخمسة الأولى على جوائز نقدية، كما ستحصل الشركات الفائزة على الدعم التجاري وفرص الظهور على المستوى العالمي، بالإضافة إلى فرصة المشاركة في برنامجٍ للدعم، ينظمه عدد من الجهات الشريكة في التحدي، ويوفر فرصة للفائزين تتمثل في الدخول إلى الأسواق والحصول على الخدمات الاستشارية والفرص الاستثمارية والمشاركة في الفعاليات العالمية.
يذكر أن تحدي التقاط الكربون واستخدامه أطلق في أبريل من هذا العام؛ 2024م، خلال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض، وتم إطلاق التحدي في شهر يوليو من ذات العام بالتعاون مع منصة أب لينك (UpLink)، وبتمويل من وزارة الاقتصاد والتخطيط، وبقيادة من وزارة الطاقة ودعم من عدد من الجهات الرائدة في منظومة الطاقة مثل: شركتي أرامكو السعودية وسابك ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (KACST)، ومجموعة أيون (AEON)، بالإضافة إلى جامعتي ستانفورد وميشيغان الأمريكيتين.
من جهته أكد وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح أن العالم يشهد توجهًا متزايدًا نحو مجالات التمويل والتنمية المستدامة، بما في ذلك الطاقة، الاقتصاد وتدوير البلاستيك، مشيرًا إلى أهمية استدامة المياه كعامل رئيس لضمان مستقبل أفضل للبشرية، مع التشديد على ضرورة الاستثمار في التطورات المتعلقة بهذا المجال.
جاء ذلك خلال مشاركته في جلسة حوارية بعنوان "تمويل نموذج الاقتصاد الدائري. الاستثمار في الحلول المتجددة". ضمن فعاليات النسخة الرابعة من منتدى مبادرة السعودية الخضراء، التي تُعقد في العاصمة الرياض تحت شعار "بطبيعتنا نبادر" بالتزامن مع المؤتمر السادس عشر لأطراف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر .COP16
وأوضح الفالح أن صندوق الاستثمارات العامة يمتلك رأس المال الكافي لتحقيق هذه الأهداف، مشددًا على أهمية التعاون الدولي لمواجهة التحديات المشتركة وتعزيز الاستدامة على نطاق عالمي. وقال: نحن نؤمن بأن المملكة تقود الجهود في مواجهة التحديات العالمية، حيث تلعب الحكومة دورًا محوريًا في تلبية الاحتياجات الحالية، وتُعد مبادرة السعودية الخضراء المسار الذي تسير عليه المملكة، جنبًا إلى جنب مع جهود إزالة الكربون، مما يسهم في تعزيز الاستدامة وإحداث تأثير إيجابي على الصعيد الدولي.
وعن الاستثمار في مبادرة السعودية الخضراء، بيّن الفالح أن المبادرة حظيت بدعم كبير من سمو وزير الطاقة، مما يعزز من نجاحها، حيث تعد المبادرة من المواضيع الشاملة والمهمة بالنسبة للمملكة. وأضاف أن المملكة تسعى للاستفادة من الهيدروكربونات السائلة لتقليل تكاليف الطاقة وإنتاج الكهرباء، ورغم التحديات التي واجهتها، تمكنت المملكة من تقليص تكاليف الطاقة والكهرباء، وهو إنجاز كبير تحقق بفضل الدعم المستمر من القيادة، مشيرًا إلى أن المملكة تواصل دعم ابتكارات الشباب وتعد الأولى في الشرق الأوسط في هذا المجال.
وشدد الفالح على أن المملكة تمتلك القدرة لتكون رائدة في مجال الاستثمار، خصوصًا في تمويل الاقتصاد الدائري، حيث تُعد محورًا رئيسا للنمو الكبير الذي تحقق. وأفاد أن المملكة تقترب من ريادة المنطقة، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة والتمويل من رأس المال الخاص، موضحًا أن مشاريع مثل الهيدروجين الأخضر، صناعة المدن المستدامة، وتقنيات الزراعة ستستفيد من دعم القطاع الخاص في تمويلها وقيادتها.
من جانب آخر أكد رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية "كاكست" الدكتور منير بن محمود الدسوقي، أن المملكة أصبحت أكبر مركز للابتكار، مما يتيح فرصة ثمينة للمبتكرين من جميع أنحاء العالم لتطوير تقنيات جديدة. وأشار إلى الجهود الكبيرة التي بذلتها المملكة في مجال الطاقة الشمسية، مشيدًا بدورها الريادي في تعزيز الابتكار والتقنيات المستدامة. وأوضح أن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، بالتعاون مع وزارة البيئة والمياه والزراعة، عملت على تقليل نضوب المياه الجوفية في المملكة العربية السعودية باستخدام صور الأقمار الصناعية. وأكد أن هذا التعاون المثمر أسهم في تحقيق تحسن ملحوظ، إذ تقلص استهلاك المياه بمقدار 10 ملايين متر مكعب خلال عام واحد فقط. فالمملكة من خلال مشاريعها الكبرى مثل نيوم ومبادرات السعودية الخضراء، توفر فرصًا هائلة لاستقطاب العلماء والمبتكرين من جميع أنحاء العالم".
وأضاف أنه مع التطورات التقنية الحديثة، وخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، أصبح من الممكن تخفيض التكاليف وزيادة الفرص المتاحة، مما يمكّن القطاع الخاص من لعب دور محوري في دفع عجلة الابتكار والنمو الاقتصادي. وأكد أن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية توفر مختبرات متقدمة تخدم الشركات الناشئة ليس في المملكة فقط، بل في جميع أنحاء العالم. وأوضح أن "الكراج" يحتضن شركات عالمية تصل نسبتها إلى 50%، مشيرًا إلى أن المملكة أصبحت اليوم من أكبر الأسواق في الشرق الأوسط، بفضل التقنيات المتقدمة والبنية التحتية الداعمة للابتكار.