ليس بعيداً عن التوقعات الخاصة بنمو سوق الأدوية في المملكة بمعدل سنوي قُدرَ بنحو الـ 10 % بحلول 2030 يواصل القطاع الطبي مدفوعا برؤية المملكة 2030 نموه، إذ يتوقع بلوغ مساهمة القطاع الخاص في تقديم الخدمات الصحية لـ 22 %، وفقا لتوقعات سابقة لوزير الاستثمار خالد الفالح، ما يعزز النقلة النوعية للجانب الاستثماري للقطاع الخاص في المملكة.

وتشير التوقعات لعام 2030 إلى أن حجم سوق الأدوية المرتبط ارتباطا وثيقا بتقديم العلاجات المنبثقة عن القطاع الطبي بنحو 72 مليار ريال، ما يجعل المملكة الأسرع نمواً في القطاع بين مجموعة الـ 20 التي تعد الأكثر تقدما وازدهارا في مجال الخدمات الطبية والاستثمار فيها، وأبان مستثمرون في القطاع الطبي بأن المملكة تشهد تحولاً جذرياً مدفوعاً باستثمارات ضخمة ورؤية طموحة تستهدف تمكين القطاع اقتصاديا عبر تحسين جودة الخدمات المقدمة للمستفيدين، وجعل ذلك المملكة مركزاً إقليمياً رائداً في مجال الرعاية الصحية، خاصة أن المملكة تُولي المملكة اهتماماً بالغاً بالاستثمار في القطاع الصحي، إدراكاً منها لأهميته في التنمية الشاملة، إذ هيأت البنية التحتية، كبناء وتطوير المستشفيات والمراكز الصحية الحديثة، وتجهيزها بأحدث التقنيات الطبية، وإنشاء التصنيع الدوائي، وإنشاء مصانع الأدوية المحلية، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، ودعم استخدام التقنيات الحديثة في الرعاية الصحية، كالذكاء الاصطناعي والطب الاتصالي، وتطوير الأبحاث الطبية، والتوسع في نطاق التأمين الصحي ليشمل النسبة الأكبر من المواطنين، ما يُسهم في زيادة الطلب على الخدمات الصحية وتحفيز الاستثمار في القطاع الخاص، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص في تقديم الخدمات الصحية، من خلال بناء وتشغيل المستشفيات والمراكز الصحية، مما يُساهم في تحسين الكفاءة والجودة.

عوائد اقتصادية كبيرة

ورأى خبراء في الاستثمارات الطبية أن كل تلك الاستثمارات الضخمة لا تُسهم فقط في تحسين جودة الخدمات الصحية، بل تُحقق عوائد اقتصادية كبيرة، من خلال خلق فرص العمل، وتنمية الصناعات المرتبطة بالقطاع الصحي، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وقال د. صالح الشرفاء لـ"الرياض": "تُمثل رؤية المملكة 2030 خارطة طريق شاملة لتطوير القطاعات المختلفة في المملكة، ويُعتبر القطاع الصحي من أهم القطاعات التي تشملها هذه، والاستثمار في الصحة ليس مجرد نفقات، بل هو استثمار استراتيجي يساهم بشكل مباشر في دفع عجلة الاقتصاد السعودي، فبناء مجتمع صحي منتج يرفع من كفاءة القوى العاملة ويقلل من الأعباء المالية الناتجة عن الأمراض، ما يعزز النمو الاقتصادي المستدام"، مشيرا إلى أن رؤية 2030 تدرك هذا الارتباط الوثيق، وتعمل على تحويل الرعاية الصحية إلى قطاع حيوي يدعم التنمية الشاملة.

وأبان أن جودة الحياة هي أحد المحاور الأساسية التي تركز عليها رؤية المملكة 2030، حيث تهدف إلى تحسين حياة الأفراد من النواحي الصحية والنفسية والاجتماعية بما يعزز الإنتاجية ويقلل من الأعباء الصحية على المجتمع، ومن الناحية الطبية، ومقياسًا لمستوى الصحة العامة والرفاهية للفرد، ويتم تقييمه باستخدام مؤشرات كمية ومعايير محددة، مضيفا "إن مفهوم جودة الحياة طبيًا في السياق الطبي، تُقاس من خلال مجموعة من المؤشرات الصحية التي تشمل، مؤشرات الصحة العامة مثل معدلات الأمراض المزمنة، ومعدل الوفيات، ومتوسط العمر المتوقع.

وأبان أن هناك استثمارات ضخمة في القطاع الصحي منها الصحة النفسية قياس مستويات التوتر، الاكتئاب، والرضا عن الحياة، وفي الرعاية الصحية مثل نسبة توفر الخدمات الصحية وعدد الممارسين الصحيين لكل 1000 نسمة، ومعدل النشاط البدني الذي يعزز الصحة العامة ويقلل من عوامل الخطر للأمراض، ومؤشر السمنة كونها عامل خطر رئيس لأمراض القلب والسكري، مشيرا إلى أن الهدف من تقدم الخدمات الطبية يكمن في لغة الأرقام، ومنها ارتفاع متوسط العمر المتوقع، إذ تعمل رؤية 2030 على رفع متوسط العمر المتوقع في المملكة من 75 عامًا إلى 80 عامًا، من خلال تحسين الخدمات الصحية ونمط الحياة، وزيادة معدل النشاط البدني، إذ تستهدف الرؤية رفع نسبة ممارسة الرياضة من 13 % إلى أكثر من 40 % بحلول عام 2030، والحد من السمنة، إذ تعمل المملكة على تقليل معدلات السمنة التي وصلت إلى حوالي 28 % من السكان البالغين، من خلال حملات التوعية وبرامج تحسين نمط الحياة، وتحسين الصحة النفسية حيث خُصصت استثمارات كبيرة لإنشاء مراكز دعم الصحة النفسية، مع تعزيز الوصول إلى خدمات العلاج النفسي، والارتباط برؤية 2030 حيث جعلت جودة الحياة محورًا رئيسيًا في تحقيق التنمية المستدامة، وركزت على تحسين الصحة العامة وتعزيز أنماط الحياة الصحية، ومشاريع المدن الذكية لتقليل التلوث وزيادة المساحات الخضراء، ما يحسن من جودة الحياة الصحية، والتوسع في التأمين الصحي لتمكين وصول أكبر عدد من المواطنين والمقيمين إلى خدمات الرعاية الصحية المتقدمة.

تقليل الأعباء الاقتصادية

وشدد على أن لجودة الحياة صحياً أثراً يكمن في تقليل الأمراض المزمنة بنسبة 15 % - 20 %، وزيادة رضا المرضى عن الخدمات الصحية لتصل إلى 90 % بحلول عام 2030، وتحسين صحة الأطفال والنساء من خلال برامج التطعيم والرعاية الصحية الأولية، وتقليل الأعباء الاقتصادية على النظام الصحي بنسبة تصل إلى 10 % - 15 % بفضل الوقاية وتعزيز الصحة العامة، مضيفا "إن جودة الحياة الطبية وفق رؤية 2030 ليست مجرد أهداف بعيدة، بل هي مسار مدعوم بخطط واضحة وأرقام طموحة تسعى لتحسين صحة الفرد والمجتمع، ما يعزز من مكانة المملكة كواحدة من أفضل الدول عالميًا في مستوى جودة الحياة، وكأفضل الدول التي هيأت البينة الأساسية للواقع الاستثماري في القطاع الطبي.

القطاع الصحي الخاص يحرز تقدماً