شدد خبراء عقاريون في محافظة القطيف على ضرورة ربط أسعار الأراضي التجارية بقيمة الإيجارات الناتجة عن تأجير المحلات التجارية في الأراضي التجارية؛ لتفادي التضخم السعري في متر الأرض التجارية الذي بلغ كمعروض نحو 4000 ريال في بلدة العوامية بمحافظة القطيف، ولحماية المستثمرين من الخسائر الفادحة الناجمة عن شراء تلك الأراضي.
وحذر الخبراء من شراء الأراضي التجارية بأسعار مُبالغ فيها لا تتناسب مع العوائد الإيجارية المتوقعة، مؤكدين لـ"الرياض" أن هذه الممارسة قد تُلحق خسائر فادحة بالمستثمرين وتُخرجهم من المنافسة السوقية، موضحين بأنه يتم شراء الأراضي التجارية بهدف تحقيق عوائد ربحية في مدن وقرى محافظة القطيف، بيد أن هناك فخاً تسويقياً ينتظر المستثمر خاصة من الأشخاص الذين لم يتعودوا على نمط استثماري عقاري من قبل، وذلك بسبب شراء الأراضي التجارية المتضخم مترها التي لا تتوفر بجانبها الخدمات.
وقال العقاري عبدالمجيد النمر: "إن شراء أرض تجارية بهدف استثماري يجب أن تسبقه دراسة جدوى لمعرفة القيمة التقريبية التي يستحقها المتر في الأرض، مقارنة بالخدمات التي بجانبها، ودراسة العوائد الاستثمارية الناتجة عن تأجير المحلات"، مشيراً إلى أن بعض المناطق في محافظة القطيف يصل تأجير المحل فيها لنحو 70 الف سنويا وهذه الأراضي تستحق مبلغ يتجاوز 3000 ريال للمتر، كما في طرق حيوية تجارية مثل القطيف والشبيلي، فيما يقل ذلك بكثير في بلدات مثل العوامية التي لا يتجاوز فيها الإيجار للمحل عن 20 ألف أو 18 ألف سنويا، كما أن تأجير الشقة السكنية فيها لا تتجاوز الـ25 ألف سنويا، وهذا يجعل معدل المتر في الطبيعي بنحو 2500 للمتر التجاري، مشيرا إلى أن هناك من يبالغ في عرض سعر المتر التجاري بنحو 4000 ريال، وهو بعيد كلياً عن الواقع العقاري من ناحية التقييم الحقيقي لسعر المتر.
خسائر مادية
وأبان أن هناك أراضيَ تجارية تضخم سعرها كثيرا وستحقق خسائر مادية للمستثمرين في بلدة العوامية، وقال: "هناك أراض تجارية تم عرضها للبيع في حي شكر الله بالعوامية، فسعر المتر فيه بـ 120 ريالا، وفي المتوسط بـ350 ريالا للمتر قبل أعوام كثيرة، واليوم وصل سعر العرض التجاري فيه لنحو 3400 وهو سعر متضخم لا يعكس الحقيقة السعرية للمتر"، مشيراً إلى أن اللافت أن الذين عرضوا هذا السعر اضطروا لخفض السعر لتنفيذ بيع على 3150، مشيرا إلى أن السعر التقييمي بناءً على أسعار إيجارات المحلات لا يتجاوز الـ2500 ريال للمتر، مشدداً على أهمية التقييم وفق المهنية العقارية لا الشخصية، مما يحقق ضبطا لسوق العقار وتصحيحا للأسعار المتضخمة، مؤكدا أن من اشترى أي أرض في نفس مواصفات الحي بنحو 3000 ريال ويريد أن يبيع بـ3200 ريالا لن يحقق ربحاً قياسا للنفقات الانشائية للأرض ولتكلفة البناء التي تضاعفت بنحو 400 %.
وقال: "إن مدينة مثل العوامية لم يتغير قيمة إيجارها منذ نحو 18 عاما، وإيجاراتها نفسها تقريبا، وما زاد في الأمر الاستثماري هو تكلفة البناء التي حققت ارتفاعا، و يعني عدم المبالغة في سعر المتر أثناء البيع"، مشيرا إلى أن سعر المتر التجاري قبل نحو 18 عاما كان بـ500 ريال فقط، مشيرا إلى أن الربحية الاستثمارية حاليا في العقار تكمن في المخططات الجديدة، وقال: "المشكلة التي يعاني منها سوق العقار في القطيف حاليا تكمن في تجميد الأراضي بهدف رفع سعرها أكثر فأكثر وهو ما يضر بالسوق العقارية في نهاية المطاف".
وشدد النمر على أهمية توحيد معايير تقييم أسعار الأراضي التجارية في محافظة القطيف، وزيادة الشفافية في عمليات التسعير، لضمان استقرار السوق العقاري، وجذب المزيد من الاستثمارات، مؤكدا ضرورة وجود دراسة مُتأنية للعلاقة بين أسعار الأراضي وقيمة الإيجارات، لضمان تناسب الأسعار مع الواقع الاقتصادي.
إلى ذلك تعد السوق العقارية بمحافظة القطيف معقدة لنحاية تقييم أسعار المتر، إذ يعد تفاوت الأسعار من منطقة لمنطقة واضحا، وسجلت بلدات مثل أبو معن أسعارا أقل بكثير من نظيراتها في المحافظة، وقال العقاري مسعود القحطاني: "إن الأراضي التجارية التي تقع على شارع 60 في أبو معن يبلغ سعر مترها بين (1400-1200) للمتر، وتصل الأراضي التجارية التي تصنف بشوارع تجارية داخلية بنحو 1050 ريالا للمتر، مؤكداً أن لا تضخم يعاني منه سعر المتر في أبو معن، نظرا إلى التواجد الجغرافي المميز للمنطقة القريبة التي تقع وسط الخدمات الكبيرة الاستراتيجية مثل رأس تنورة ومطار الملك فهد، وهو ما يختلف عن مناطق أخرى لا تمتلك مثل تلك الميزة العقارية، وقال: "إن الأراضي في أبو معن التجارية عليها طلب وسعرها معقول، ومستقبلا ستفتح شوارع تربط مع رأس تنورة"، مشيرا إلى أن هناك طلباً على أراضي في مخططات أخرى مثل حي الخزامى وأم الساهك وهي في مواقع جغرافية قريبة من مطار الملك فهد وأبو طريق أبو حدرية.
يشار إلى أن خبراء السوق العقاري حددوا بعض العوامل التي تُؤثر على أسعار الأراضي في القطيف، كالمضاربات العقارية التي تسهم في رفع أسعار الأراضي بشكل مُبالغ فيه، بعيدًا عن قيمتها الحقيقية، ومحدودية المعروض في الأراضي المُخصصة للاستخدام التجاري.