سجلت عائدات السندات في الولايات المتحدة أعلى معدل نمو تشهده على أساس أسبوعي هذا العام نتيجة لتغير توقعات السوق بشأن سياسة الاحتياطي الفيدرالي للعام 2025. ويشير التسعير الحالي للسوق إلى احتمالات خفض سعر الفائدة بمعدل أقل، أو حتى التخلي عن خفضها خلال العام المقبل. وفي بيانه، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إن التركيز سيعود إلى تخفيض التضخم، ومن الممكن أن يشهد العام المقبل خفضين لأسعار الفائدة، وجاء هذا التوجه الجديد بعد خفض سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس خلال العام 2024، بما يتسق مع توقعات السوق في الأشهر الأخيرة.

ووفق بلومبرج وبحوث كامكو إنفست، فإن توقعات العام 2025 قد طرأ عليها تعديلات جوهرية، إذ تحولت آراء الإجماع من توقع خفض سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس كما كان متصوراً في سبتمبر 2024 إلى سيناريو يقترب من عدم تطبيق أي تخفيضات تقريباً، وفقا لبعض الاقتصاديين. ويعزى هذا التحول إلى الانتخابات الأميركية الأخيرة، والسياسات التي أعلنتها الحكومة الجديدة، والتي تتضمن زيادة الرسوم الجمركية والتخفيضات الضريبية، والتي قد تؤثر بعمق على الأداء المالي للحكومة، والنمو الاقتصادي، وأرباح الشركات، ومستويات التضخم. بالإضافة إلى ذلك، يسهم استمرار مرونة النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة في إضفاء المزيد من عدم اليقين على التوقعات، حيث إنه على الرغم من بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، إلا أن سوق العمل ما زال يظهر أداءً ثابتاً.

في ذات الوقت، تشهد الأسواق المالية تغيرات بارزة تشير إلى تراجع الطلب على السندات الأميركية، حيث كشفت البيانات الأخيرة عن قيام دول كبرى مثل الصين واليابان بتقليص ممتلكاتها من سندات الخزانة الأميركية، بإجمالي مبيعات تجاوز 110 مليارات دولار أميركي. فمن جانب الصين، تم توجيه جزء من هذه السيولة نحو شراء الذهب، وهو ما أسهم في ارتفاع أسعار الذهب هذا العام. من جهة أخرى، بدأ بعض مديري الأموال البارزين تقليل تعرضهم للسندات الأميركية طويلة الأجل، مستندين إلى المخاوف المتزايدة بشأن ارتفاع العجز في الموازنة الأميركية ومستوى الدين الذي تجاوز 36 تريليون دولار أميركي. وأدى ذلك إلى ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بوتيرة ثابتة.

اقتصادات الدول الخليجية

ولن تكون اقتصادات الدول الخليجية بمنأى عن التحولات المرتقبة في أسواق أدوات الدخل الثابت العالمية. إلا أن المستويات المنخفضة نسبياً من القروض الحكومية، إلى جانب التصنيفات الائتمانية القوية والاحتياطيات المالية الكبيرة المتمثلة في صناديق الثروة السيادية لهذه الدول تمنحها قدرة ملحوظة للحد من الآثار السلبية المحتملة. كما أن هذا الوضع يعزز موقف اقتصادات الدول الخليجية مقارنة باقتصادات الأسواق الناشئة الأخرى، التي تواجه تحديات كبيرة نتيجة لأعباء خدمة الدين التي تراكمت خلال العقد الماضي وبلغت 29 تريليون دولار أميركي.