قفز حجم سوق صيانة الطائرات العالمية 47.12 مليار دولار في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل السوق إلى 60 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب 5.3 ٪، في المقابل، بلغ حجم سوق صيانة وإصلاح الطائرات في دول مجلس التعاون الخليجي بنحو 3.25 مليارات دولار في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 6.35 مليارات دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 14.4 ٪، وتشكل خدمات الصيانة والإصلاح أهمية كبرى في صناعة الطيران العالمية، والتي تركز على فحص وإصلاح وصيانة الناقلات الجوية لضمان سلامتها وصلاحيتها للطيران وكفاءتها التشغيلية، كما تعد أنشطة الصيانة ضرورية للحفاظ على الطائرات في حالة مثالية، وبما يتطلب الامتثال للمتطلبات التنظيمية المحلية والدولية في قطاع الطيران.
الإنفاق الخليجي
وتنفق القوى الخليجية الكبرى، السعودية والإمارات وقطر، مبالغ ضخمة على شراء طائرات جديدة، ولهذا، يرتفع الطلب على صيانة محركات الطائرات في المنطقة، مع صعود قطاع الطيران التجاري المعتمد على زيادة حركة المسافرين جواً، وزيادة شراء الطائرات الجديدة من قبل شركات الطيران، وتحسن الإيرادات المالية، ومن المتوقع في عام 2040 أن تتضاعف حركة المسافرين جواً في دول مجلس التعاون الخليجي لتصل إلى 550 مليوناً، ولتلبية هذا الطلب، تقوم العديد من دول مجلس التعاون الخليجي بمنح عقود طائرات ضخمة لمصنعي المعدات الأصلية الرئيسيين مثل إيرباص وبوينج.
ويعتبر سوق الصيانة والإصلاح للطائرات في دول مجلس التعاون الخليجي شبه موحد ويهيمن عليه بشكل كبير اللاعبون المحليون الذين يقومون بصيانة القاعدة وصيانة الخطوط التي تتراوح بين فحوصات A البسيطة وفحوصات Dالمعقدة، وبعض اللاعبين الرئيسيين في سوق الصيانة الخليجي هم: الشركة السعودية لصناعات هندسة الطيران، ومجموعة هندسة الإمارات، ورولز رويس بي إل سي، وشركة آر تي إكس، والاتحاد للطيران الهندسية، ومع الدعم المتزايد من الحكومات الخليجية لإنشاء مراكز الصيانة في المنطقة، يدخل اللاعبون المحليون في شراكات مع لاعبين محليين آخرين وأجانب.
وكمثال على هذا الشراكات الدولية المتنامية، وقعت شركة الخطوط السعودية مذكرة تفاهم مع الخطوط الجوية الفرنسية، خلال شهر ديسمبر الماضي، وذلك أثناء انعقاد منتدى الاستثمار السعودي الفرنسي 2024 في الرياض، وتستهدف هذه المذكرة توسيع وتوطين قدرات الصيانة والإصلاح والتجديد في السعودية، وتشمل إجراء الشركة السعودية عمليات تجميع وتفكيك وحدات محركات GE90 المستخدمة في طائرات بوينغ 777، كما تمنح المذكرة شركة الخطوط السعودية كحد أدنى 50 % من أوامر العمل على محركات GE90 للخطوط الجوية الفرنسية مقابل توطينها.
عالمياً، يعتبر سوق صيانة وإصلاح وتجديد الطائرات قطاعًا كبيرًا وديناميكيًا داخل صناعة الطيران، حيث يشمل مجموعة واسعة من الخدمات والأنشطة المتعلقة بصيانة الطائرات والمحركات والمكونات والأنظمة، ويلعب هذا السوق دورًا حاسمًا في ضمان سلامة الطائرات وصلاحيتها للطيران وكفاءتها التشغيلية، وشهد السوق طلبًا أعلى من المتوقع في جميع المناطق مقارنة بمستويات ما قبل وباء كورونا عام 2020، ويعزى الارتفاع المفاجئ في معدل النمو السنوي المركب إلى تنامي وتيرة السوق وعودة الطلب إلى مستويات ما قبل الجائحة.
وكان أحد التأثيرات المباشرة لوباء كورونا على سوق صيانة وإصلاح الطائرات هو الانخفاض الحاد في الطلب على السفر الجوي، حيث أوقفت شركات الطيران في جميع أنحاء العالم جزءًا كبيرًا من أساطيلها، مما أدى إلى انخفاض ساعات الطيران، وقد أدى هذا إلى تقليل الحاجة إلى الصيانة الروتينية والفحوصات، وانخفاض أنشطة صيانة الخطوط الجوية، ومثل أي سوق آخر، فإن سوق صيانة وإصلاح وتجديد الطائرات الصناعية سوق ديناميكي، في ظل وجود تطورات يومية يمكن الاستفادة منها، مثل تنامي استخدام التقنيات الرقمية، بما في ذلك تحليلات البيانات، والتعلم الآلي، وإنترنت الأشياء، وتُستخدم هذه التقنيات في مراقبة أنظمة الطائرات، والتنبؤ بفشل المكونات، وتحسين جداول الصيانة، ويساعد هذا في تقليل وقت التوقف عن العمل، وتحسين السلامة، وخفض التكاليف التشغيلية.
السوق.. صيانة وإصلاح
وفقًا للنوع، يمكن تقسيم السوق إلى صيانة وإصلاح وتجديد، ومن حيث الخدمات، تعد الصيانة هي القطاع الأكبر، حيث تمتلك الحصة القصوى من السوق، ومن حيث التطبيق، يمكن تقسيم السوق إلى طائرات مدنية وطائرات عسكرية، وعموماً، فقد أدى شيخوخة الطائرات إلى زيادة الطلب في السوق، ويتضمن أسطول الطيران العالمي العديد من الطائرات القديمة التي تتطلب صيانة أكثر تكرارًا وشمولاً، ومن المرجح أن تخضع الطائرات القديمة لعمليات إصلاح وتعديلات كبرى، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على الصيانة والإصلاح، كما أن وجود عدد كبير من الطائرات المتقدمة في السن له تأثير كبير على السوق، لأن تقدم عمر الطائرات يتطلب أعمال صيانة شاملة ومتكررة لضمان استمرار صلاحيتها للطيران وسلامتها.
يؤدي نمو صناعة الطيران العالمية، بما في ذلك شركات الطيران التجارية والإقليمية، إلى زيادة الطلب على خدمات الصيانة والإصلاح والعمرة، ومع قيام شركات الطيران بتوسيع أساطيلها لتلبية الطلب المتزايد على الركاب والبضائع، هناك حاجة إلى المزيد من أعمال الصيانة والإصلاح، علاوة على ذلك، فإن توسيع الأسطول في صناعة الطيران له العديد من الآثار المهمة على سوق الصيانة، ومع قيام شركات الطيران ومشغلي الطائرات بتوسيع أساطيلهم من خلال شراء طائرات جديدة أو زيادة عدد الطائرات الحالية، فإن ذلك يؤثر بشكل مباشر في الطلب على خدمات الصيانة، مما يسهم في نمو السوق العالمية.
وتعتبر التكلفة العالية المرتبطة بأنشطة الصيانة والإصلاح أحد أهم العوامل المقيدة في القطاع العالمي، وتشمل هذه التكاليف العمالة والمعدات المتخصصة وقطع الغيار وصيانة المرافق، وغالبًا ما تواجه شركات الطيران ومقدمو خدمات الصيانة والإصلاح قيودًا على التكلفة، مما قد يؤدي إلى تأجيل الصيانة وانخفاض الاستثمار في خدمات الصيانة، ونتيجة لذلك، قديكون هناك اتجاه هبوطي في السوق، من جهة أخرى، تتمتع أمريكا الشمالية بأكبر حصة في السوق العالمية، حيث أنها موطن لواحدة من أكبر أسواق الطيران وأكثرها نضجًا في العالم، حيث تمتلك المنطقة أسطولاً ضخماً من الطائرات التجارية والعامة، مع عدد كبير من شركات الطيران وشركات الشحن والمشغلين الخاصين.
يولد هذا النشاط الجوي الواسع النطاق طلبًا كبيرًا على خدمات الصيانة في سوق الطيران بأمريكا الشمالية، والتي تشمل مجموعة متنوعة من أنواع الطائرات، بداية من الطائرات الإقليمية الصغيرة وانتهاءً بالطائرات النفاثة الكبيرة طويلة المدى، ويؤدي هذا التنوع إلى مجموعة واسعة من متطلبات الصيانة والإصلاح، مما يعزز الطلب في السوق، وتتخذ العديد من شركات الطيران الدولية الكبرى من أمريكا الشمالية مقرًا لها، بما في ذلك شركات الطيران التقليدية وشركات الطيران منخفضة التكلفة، وتدير هذه الشركات أساطيل ضخمة تتطلب أعمال صيانة وإصلاح مستمرة، وتعد أمريكا الشمالية موطنًا للعديد من شركات تصنيع الطائرات والمحركات الكبرى، مثل بوينج، وإيرباص، ولوكهيد مارتن، وجنرال إلكتريك، وبرات آند ويتني، ويسهل قرب الشركات المصنعة للمعدات الأصلية من مقدمي خدمات الصيانة، من مهمة الوصول إلى الدعم الفني وقطع الغيار والتدريب.
حصد سوق صيانة وإصلاح الطائرات في أمريكا الشمالية حصة إيرادات تزيد عن 25 % في عام 2024، بينما يركز اللاعبون الرئيسيون في الصناعة على خدمات الصيانة لتوسيع السوق، ولهذا، يقومون بأداء مجموعة من الوظائف الحاسمة لضمان سلامة الطائرات وصلاحيتها للطيران وكفاءتها التشغيلية، ويشمل هؤلاء اللاعبون: شركات الطيران، ومقدمي خدمات الصيانة والإصلاح المستقلين، ومصنعي المعدات الأصلية، ومصنعي المكونات، وتتحمل هذه الشركات مسؤولية ضمان سلامة وموثوقية الطائرات من خلال إجراء عمليات التفتيش.
يلعب اللاعبون الرئيسيون دورًا حاسمًا في الحفاظ على تشغيل الطائرات وتقليل وقت التوقف عن العمل وتعظيم عمر الطائرات ومكوناتها، ويتميز السوق العالمية بمزيج من صيانة شركات الطيران الداخلية، ومقدمي الخدمات المستقلين، والخدمات المرتبطة بمصنعي المعدات الأصلية، مما يسمح لمشغلي الطائرات باختيار الخيارات الأكثر ملاءمة لاحتياجاتهم المحددة، وتتصدر قائمة أفضل شركات صيانة وإصلاح الطائرات، شركة جنرال إلكتريك الأميركية، ومجموعة رولز رويس بي إل سي البريطانية، وإم تي يو الألمانية لمحركات الطيران، ومجموعة لوفتهانزا الألمانية، وبرات آند ويتني الأميركية.
مع تزايد المخاوف البيئية، تعطي صناعة الطيران الأولوية للاستدامة في عمليات الصيانة، ويتبنى مزودو الخدمات ممارسات خضراء، مثل الحد من النفايات واستخدام مواد صديقة للبيئة في عمليات الإصلاح والصيانة، كما يؤثر التحول نحو وقود الطيران الأكثر استدامة على استراتيجيات الصيانة، مما يستلزم إجراء تعديلات في المواد والتكنولوجيا، وتؤكد الهيئات التنظيمية بشكل متزايد على مقاييس الاستدامة، مما يدفع شركات الصيانة إلى الابتكار في إدارة النفايات واستخدام الموارد، ولا يعزز هذا الاتجاه المسؤولية الاجتماعية للشركات فحسب، بل يتماشى أيضًا مع الهدف الأوسع للصناعة المتمثل في الحد من الانبعاثات الكربونية.
إلى ذلك، يواجه قطاع الصيانة فجوة كبيرة في المهارات بسبب شيخوخة القوى العاملة، والتطور السريع للتكنولوجيا، وتستثمر الشركات بشكل متزايد في برامج التدريب والتطوير لتزويد موظفيها بالمهارات اللازمة للعمل مع التقنيات المتقدمة، كما يتزايد تعاون الشركات مع الجامعات والمراكز البحثية بهدف جذب المواهب الجديدة إلى الصناعة، وعلاوة على ذلك، يعمل دمج الواقع المعزز والواقع الافتراضي في عمليات التدريب على تعزيز نتائج التعلم من خلال توفير تجارب غامرة، ويشكل هذا التركيز على تطوير القوى العاملة أمر بالغ الأهمية للحفاظ على معايير السلامة العالية والكفاءة التشغيلية في خدمات الصيانة. وأدى التعقيد المتزايد لأنظمة الطائرات إلى زيادة التركيز على صيانة وإصلاح المكونات، ومع تزايد تعقيد الطائرات، تزداد الحاجة إلى خدمات الصيانة المتخصصة للمكونات الفردية، ويتجلى هذا الاتجاه بشكل خاص في ظهور متخصصي إصلاح المكونات، بالإضافة إلى ذلك، فإن التطورات في التقنيات مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد تمكن من إنشاء النماذج الأولية وإنتاج قطع الغيار بسرعة، مما يقلل من أوقات التسليم والتكاليف، ونتيجة لذلك، تعطي شركات الطيران الأولوية بشكل متزايد لاستراتيجيات صيانة المكونات لضمان الأداء الأمثل ومعايير السلامة في أساطيلها.
إصلاح المحركات
تصدر قطاع إصلاح المحركات السوق في عام 2024، حيث يمثل أكثر من 41 ٪ من الإيرادات العالمية، ويعود هذا النمو إلى الطلب المتزايد على خدمات صيانة وإصلاح الطائرات، فضلاً عن العدد المتزايد من الطائرات القديمة قيد التشغيل، ويعتبر إصلاح وصيانة محركات الطائرات أمر بالغ الأهمية لضمان سلامة وموثوقية الطائرات. ومن بين اللاعبين الرئيسيين في سوق خدمة إصلاح المحركات، ويستثمر اللاعبون الرئيسيون في أنشطة البحث والتطوير لتطوير حلول مبتكرة لإصلاح المحركات لتلبية الاحتياجات المتطورة في السوق العالمية.
استحوذ قطاع الطائرات ذات البدن الضيق على أكبر حصة من الإيرادات في عام 2024، وقد أدى الطلب المتزايد على السفر الجوي، وخاصة في الاقتصادات الناشئة، إلى توسع كبير في أساطيل الطائرات ذات البدن الضيق التي تديرها شركات الطيران على مستوى العالم، ومع تراكم ساعات الطيران لهذه الطائرات، تتزايد الحاجة إلى خدمات الصيانة والإصلاح المنتظمة، ما يعزز النمو في قطاع الصيانة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب التطورات في تكنولوجيا الطائرات ذات البدن الضيق، مثل إدخال محركات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود وأنظمة الطيران المحسنة، خبرة صيانة متخصصة، وتساهم المتطلبات التنظيمية التي تفرض معايير سلامة صارمة وعمليات تفتيش منتظمة في زيادة الطلب على خدمات الصيانة والإصلاح، وعلاوة على ذلك، أدى الاتجاه المستمر نحو الاستعانة بمصادر خارجية لأنشطة الصيانة إلى توسع السوق.
في المقابل، يتوقع أن يشهد قطاع الطائرات ذات الهيكل العريض أسرع نمو في السنوات القادمة، وقد أدى الطلب المتزايد على السفر لمسافات طويلة إلى توسع أساطيل الطائرات ذات الهيكل العريض بين شركات الطيران على مستوى العالم، ومع تقدم هذه الأساطيل في العمر، توجد حاجة متزايدة إلى خدمات الصيانة الشاملة والإصلاح والتجديد لضمان استمرار صلاحيتها للطيران وكفاءتها التشغيلية، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب التطورات في تكنولوجيا الطائرات، مثل المواد المركبة والإلكترونيات المتقدمة في مجال الطيران، خبرة متخصصة في الصيانة والإصلاح، مما يزيد الطلب، فيما تستمر المتطلبات التنظيمية المتعلقة بمعايير السلامة والصيانة في التطور، مما يستلزم التحديثات والفحوصات المستمرة للطائرات ذات الهيكل العريض.