طالبت متخصصة في الإدارة التربوية والتخطيط، بخمس توصيات لتحقيق استثمار أمثل للمؤسسات التعليمية، العامة والعالية والمهنية والفنية، في مناطق ومحافظات المملكة، وقالت المتخصصة في الإدارة التربوية والتخطيط - خبير التخطيط الاستراتيجي الدكتورة جوري البلادي - "إن من التوصيات إطلاق برامج للتنمية المستدامة بتفعيل استراتيجيات صديقة للبيئة في كافة الأنشطة التعليمية، وتعزيز البحث العلمي بزيادة الدعم المالي والبنية التحتية للمراكز البحثية، والتركيز على التكنولوجيا باستثمار أكبر في الأدوات الرقمية لتعزيز التعليم الحديث، والتكييف المحلي للتجارب الدولية، مع اختيار وتعديل التجارب الدولية بما يناسب البيئات المحلية، وتوسيع الشراكات من خلال إشراك القطاع الخاص بشكل أعمق في تطوير المؤسسات التعليمية والبنية التحتية".
وشددت البلادي على أهمية استثمار أصول وموارد المؤسسات التعليمية، من خلال توظيف القدرات الإنتاجية للمؤسسات في تقديم خدمات مجتمعية، وتطوير الخدمات الاستشارية والتعليمية التي تقدمها الجامعات للمؤسسات المحلية والدولية، مع استثمار الأصول لتحقيق إيرادات إضافية لدعم الأنشطة التعليمية، كتقليل الهدر وضمان الاستفادة طويلة الأمد من الموارد المتاحة، واستثمار الأراضي التعليمية في مشاريع استثمارية مثل الحدائق التكنولوجية أو المدن الجامعية.
وأكدت أن الاستثمار في التعليم، يمثل الركيزة الأساسية لتحقيق تقدم اقتصادي واجتماعي، مستدام يعزز التنمية الشاملة، من خلال تبني أفضل الممارسات العالمية، وتكييفها لتناسب البيئات المحلية، كما يمكن إحداث نقلة نوعية في جودة التعليم، وتوسيع آفاق الفرص الاقتصادية، لأن المؤسسات التعليمية ليست مجرد وسيلة لإعداد الأجيال القادمة، بل هي أيضًا قوة دافعة للنمو الاقتصادي والابتكار.
ولفتت البلادي إلى أن الاستثمار في التعليم لا يقتصر على كونه ضرورة لتحقيق التقدم، بل يشكل أساسًا لبناء مستقبل مستدام، عبر تعزيز القدرات البشرية، وتنمية المهارات، يُمكن للأفراد تحقيق إمكاناتهم الكاملة، مما يفتح الأبواب أمام فرص غير محدودة تسهم في رفاهية المجتمع وازدهاره، وأكدت على أن الاستثمار الأمثل للمؤسسات التعليمية من شأنه خلق فرص وظيفية مباشرة وغير مباشرة، إضافة إلى تعزيز الوظائف الإدارية لدعم العمليات التعليمية والإدارية، وتوظيف مختصين في صيانة وإدارة التكنولوجيا والبنية التحتية، وتخطيط وتنفيذ مشاريع تطويرية، ومن المتوقع أن تظهر وظائف مستقبلية ترتبط بمجالات الابتكار، مثل تطوير المحتوى الرقمي، والتعليم الإلكتروني، وإدارة المنصات، بالإضافة إلى تزايد الحاجة لخبراء في الذكاء الاصطناعي لتعزيز الأدوات التعليمية.
وقدمت البلادي النموذجين الصين والكندي في التعاون الدولي من خلال الشراكات الدولية في مجال التعليم لتحقيق النمو الأكاديمي والتطور التكنولوجي، لتحقيق التعاون المستدام على المستوى الدولي لتعزيز التبادل الثقافي، ودعم البحث العلمي، ومواجهة التحديات العالمية بتبادل الطلاب والأساتذة، بالإضافة إلى برامج تدريب مشترك للطلاب، ما يعزز من التفاعل الأكاديمي ويوفر فرصة للطلاب للتعرف على نظم التعليم الدولية، والمشاركة في برامج بحثية عالمية مثل برنامج الفضاء الدولي ودعم الابتكار التكنولوجي، كذلك إنشاء مراكز تعليمية مشتركة، مثل مركز التعليم الصيني الأمريكي، الذي يجذب الطلاب من مختلف دول العالم لتعلم اللغة والثقافة الصينية، وتقديم العديد من المنح الدراسية للطلاب الدوليين، ما يساعد على تعزيز التبادل الأكاديمي، كما تتعاون كل من الصين وكندا في العديد من المشاريع البحثية الدولية التي تركز على قضايا مثل التغير المناخي، الطاقة المتجددة، والصحة العامة.
تجربة الدول الإسكندنافية
وفي منحى متصل بينت البلادي أن للدول الإسكندنافية تجربة ثرية في الاستثمار الأمثل للمؤسسات التعليمية من خلال تعليم الممارسات البيئية، والتنمية الاجتماعية، والاقتصاد الأخضر، كما يتم تعليم الطلاب من مرحلة مبكرة على كيفية التفاعل مع البيئة، بشكل مستدام، وتقدير الموارد الطبيعية، والبحث عن حلول مستدامة للتحديات العالمية مثل تغير المناخ، مع دمج الممارسات المستدامة في معظم البرامج الدراسية، حيث يتعلم الطلاب كيفية تحقيق التنمية المستدامة من خلال مشاريع عملية، وتطبيقات حياتية، ويتم تدريب الطلاب على كيفية إعادة التدوير، واستخدام الطاقة المتجددة، والحفاظ على المياه، كما تستخدم الدول الإسكندنافية التكنولوجيا بشكل مبتكر في التعليم المستدام، ويتم استخدام البرمجيات البيئية والأدوات الرقمية لدعم التعليم المستدام، مما يجعل من السهل على الطلاب الوصول إلى الموارد البيئية عبر الإنترنت والمشاركة في مشاريع بحثية مستدامة.
وفي سياق سردها للتجارب الدولية، كشفت أن الولايات المتحدة تُعتبر من الدول الرائدة في دعم البحث العلم، في المؤسسات التعليمية، حيث يظهر هذا الدعم من خلال بنية تحتية متطورة وزيادة التمويل المخصص للبحث العلمي، إضافة إلى بيئة مشجعة على الابتكار والتطور، تتعاون الجامعات الأمريكية مع الحكومة، القطاع الخاص، والمنظمات غير الربحية في مشاريع بحثية مبتكرة ذات تأثير واسع على مختلف المجالات الأكاديمية والتكنولوجية فيما تتعاون الجامعات الأمريكية مع الحكومة، القطاع الخاص، والمنظمات غير الربحية في مشاريع بحثية مبتكرة ذات تأثير واسع على مختلف المجالات الأكاديمية والتكنولوجية، وتعد الولايات المتحدة أكبر ممول عالمي للبحث العلمي، وذلك عبر وكالات فيدرالية مثل المعاهد الوطنية للصحة (NIH)، الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، وكالة ناسا، وزارة الدفاع، ومؤسسة العلوم الوطنية. (NSF) علاوة على ذلك، يلعب القطاع الخاص دورًا محوريًا في تمويل الأبحاث،لا سيما في مجالات التكنولوجيا المتقدمة كالذكاء الاصطناعي والروبوتات، حيث تقدم شركات كبرى مثل قوقل ومايكروسوفت استثمارات كبيرة لدعم الابتكار التكنولوجي.
كما بينت البلادي أن لليابان وألمانيا تجربتين مثاليتين تتمثل في التركيز على التدريب المهني بالتعاون مع الشركات الكبرى، إنشاء مراكز تعليمية صناعية مخصصة لدعم الابتكار الصناعي، تزويد الطلاب بالمعرفة والمهارات العملية التي يطلبها سوق العمل، ما يقلل الفجوة بين التعليم ومتطلبات الصناعة، يتلقى الطلاب تدريبًا داخل الشركات بالتوازي مع دراستهم الأكاديمية، ما يسمح لهم بتعلم التقنيات المتقدمة والعمليات الصناعية بشكل عملي، ويمنح التدريب العملي في الشركات الطلاب ميزة تنافسية عند التخرج، حيث إن الشركات تفضل توظيف الخريجين الذين يمتلكون خبرة عملية.