تنفق المملكة العربية السعودية أكثر من 7 % من ميزانيتها على الرعاية الصحية وتستقبل المستشفيات الحكومية ومراكز الرعاية الصحية الأولية جميع المواطنين بلا استثناء حتى لو كانت لديهم تغطية تأمينية، كما تستقبل الحالات الطارئة من الوافدين وتستكمل علاجهم حتى يزول الخطر، وبحسب أرقام الهيئة العامة للإحصاء بنهاية عام 2024 فقد تحملت الحكومة السعودية 49.1 % من النفقات الصحية الأساسية بين البالغين 15 سنة وأكبر بينما تحمل التأمين الصحي الخاص 41.3 % وتكفلت الجمعيات الخيرية بنسبة 0.8 % أما الدفع النقدي أو الدفع عبر البطاقات الائتمانية فقد بلغت نسبته 8.8 % وزارة الصحـــة تسعى إلـــى إعـــادة هيكلـــة المنظومة الصحيـــة بالمملكـــة ليكون نظامـــاً صحياً شاملاً يرتكز على صحـــة الفـــرد والمجتمـــع ليشـــمل ذلك المواطـــن والمقيـــم والزائر معتمداً على تعزيز الصحة العامـــة والوقاية من الأمـــراض وتطبيق نموذج الرعايـــة الصحية الحديـــث المعني بالوقاية مـــن الأمـــراض، والتوســـع في تقديـــم خدمات الصحة الإلكترونيـــة والحلـــول الرقمية، وتهدف الوزارة الى تنفيذ خطة تحول من النموذج الحالي القائم على المستشفيات والذي يركز على العلاج وميزانية مبنية على عدد الأسرة وخدمات صحية تتطلب حضور المريض، الى نموذج جديد يتمحور حول المستفيد بالتركيز على الوقاية والعلاج معاً وميزانية معتمدة على عدد المستفيدين ورعاية صحية مستمرة على مدار الساعة باستخدام الخدمات الصحية الافتراضية، وتحويل المستشفيات من وزارة الصحة الى شركة الصحة القابضة وتشكيل 20 تجمع صحي لتقديم الخدمات الصحية، وإطلاق مركز التأمين الصحي الوطني الذي يغطي 100 % من المواطنين للعلاج في التجمعات الصحية مجاناً وبدون حد أعلى لتكاليف العلاج، وتطـبـيــق نـمـــوذج الرعــاية الصحية الحــــديـث فـي جـمـيــع التـجـمعـات الصحية، والعمل على رفع متوسط العمر المتوقع في المملكة من 75 الى 80 عام بما يتماشى مع متوسط الأعمار في الدول المتقدمة صحياً، أما وزارة الصحة فسوف يقتصر دورها على التنظيم والإشراف على القطاع الصحي وتتخلى عن دورها التشغيلي، من المبادرات التي تم تطبيقها في برنامج الوقاية وأثبتت فعاليتها في تقليل الأمراض بالتنسيق مع هيئة الغذاء والدواء هو منع استخدام الزيوت المهدرجة والتي خفضت من الجلطات القلبية والدماغية وكذلك تم تخفيض الملح في الخبز بنسبة 50 % وساهم ذلك في التقليل من أمراض الضغط الشرياني، كما تم تطبيق مسح ميداني لأحد أحياء الرياض وأخذ عينات من الدم لسكان الحي والتي أظهرت أن هنالك عدد من السكان لديهم مرض السكري وهم لا يعلمون وبالتالي تقديم الرعاية الصحية والوقائية المبكرة لهم قبل أن يتسبب المرض في مضاعفات صحية كبيرة وزيادة الضغط على القطاع الصحي، وهذه المبادرة سوف تستمر ضمن برنامج الرعاية الصحية الجديد.
برنامج مشاركة القطاع الخاص هو أحد أهداف برنامج التحول الصحي حيث يهدف الى عقد شراكات مع القطاع الخاص لتمويل المشاريع الرأسمالية ورفع الطاقة الاستيعابية وتقليل العبء المالي على ميزانية الدولة وكذلك إتاحة الفرص للشركات العالمية للدخول لتقديم الخدمات الصحية في كافة جوانبها وذلك لتحقيق أهداف الرؤية، القطاع الصحي الخاص يقوم بدور كبير في مجال تطوير الرعاية الصحية عبر التوسع في أعداد المستشفيات وخلال السنوات الماضية شهدنا طفرة كبيرة في عدد المنشآت الصحية الخاصة من مستشفيات ومراكز للرعاية الصحية الاولية ويستهدف برنامج التحول الصحي الى زيادة مساهمة القطاع الخاص من 15 % في الوقت الحالي إلى 50 % والوصول إلى معدل 2.7 سرير لكل 1000 شخص بحلول عام 2030، مقارنة بـ2.4 سرير حالياً.
الجمعيات الصحية الخيرية هي الركيزة الثالثة التي تغطي تكاليف العلاج للمرضى المحتاجين من ليس لديهم تأمين صحي أو لديهم تأمين لا يغطي الأمراض المزمنة وتعمل هذه الجمعيات على تدبير تكاليف العلاج من خلال المنصات الخيرية الحكومية (إحسان – شفاء – تبرع – صندوق الوقف الصحي) وكذلك من خلال الجمعيات المانحة والمتجر الالكتروني الخيري الذي يعرض حالات المرضى على المتبرعين وتبلغ مساهمة المتجر الخيري حوالي 40 % من حجم التبرعات، ولكن الجمعيات الصحية الخيرية تواجه مشكلة في عدم وجود قائمة موحدة ومخفضة لأسعار الخدمات الصحية، وقد تكون الأسعار التي تقدمها الجهات الصحية الخاصة للجمعيات الخيرية أعلى من الأسعار التي تقدمها لشركات التأمين وهذا التباين في الأسعار قد يؤخر تقديم الرعاية الصحية للمرضى المحتاجين، ولذلك لابد من تحرك من قبل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لمعالجة هذه الإشكالية بالتنسيق مع وزارة الصحة وتجهيز قائمة موحدة تفرض على كل المؤسسات الطبية الخاصة.