الرياض - طلحة الانصاري

تشهد العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة مرحلة جديدة من التصعيد، مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن فرض رسوم جمركية إضافية على السلع الصينية، وهو ما ردت عليه بكين بالتأكيد على اتخاذ إجراءات مضادة لحماية مصالحها، وفي ظل هذه التطورات، أكد نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ، خلال عشاء استضافته غرفة التجارة الأميركية في الصين، أن بلاده تسعى إلى تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة رغم الخلافات الاقتصادية المتزايدة بحسب وكالة الأنباء الصينية «شينخوا».

إعلان الرسوم الأميركية ورد الفعل الصيني

وفي تصريح أثار جدلاً واسعاً، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية بنسبة 10 % على المنتجات الصينية، اعتباراً من 4 مارس 2025م، وبرر ترمب هذا القرار باتهام الصين بلعب دور في إمداد الولايات المتحدة بمادة الفنتانيل عبر دول الجوار في أميركا الشمالية، وهو ملف يثير قلقاً أميركياً متزايداً.

وفي رد مباشر، أصدرت وزارة التجارة الصينية بياناً أكدت فيه أن بكين ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية مصالحها الاقتصادية، ونقلت وكالة «شينخوا» عن مصادر حضرت العشاء الذي أقامته غرفة التجارة الأميركية أن هي ليفينغ شدد على أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تستند إلى المنفعة المتبادلة، وأن فرض قيود إضافية قد يؤدي إلى تقويض الاستقرار التجاري العالمي.

التوجه الأميركي.. تحقيق العدالة في التجارة

على الجانب الأميركي، أكدت سارة بيران، نائبة رئيس البعثة في السفارة الأميركية ببكين، أن واشنطن تسعى إلى تحقيق العدالة والتوازن في علاقاتها التجارية مع الصين، وفي تصريحات نشرتها السفارة الأميركية في بكين، شددت على ضرورة إنهاء الدعم غير العادل والتدابير الأخرى التي تعيق المنافسة العادلة للشركات الأميركية في السوق الصيني.

التأثيرات المحتملة على العلاقات الثنائية

وتأتي هذه التطورات في وقت كانت فيه العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين تشهد محاولات لخفض التوترات خلال إدارة جو بايدن، حيث تم استئناف التواصل بين الجيشين وإنشاء مجموعات عمل متخصصة في القضايا الاقتصادية والمالية.

ومع ذلك، فإن فرض الرسوم الجديدة وإعلان الصين عن اتخاذ إجراءات مضادة يشير إلى احتمال تصاعد النزاع التجاري مجدداً، مما قد يؤدي إلى إعادة حالة التوتر التي سادت خلال فترة الحرب التجارية بين البلدين في 2018.

غياب السفير الأميركي وتداعياته

يُذكر أن الولايات المتحدة لم تعين بعد سفيراً لها في الصين، بعد مغادرة السفير السابق نيكولاس بيرنز لمنصبه، وهو ما يزيد من حالة الغموض الدبلوماسي بين البلدين. وبينما تم ترشيح السيناتور السابق ديفيد بيردو لهذا المنصب، لم يتم تحديد موعد رسمي لمباشرة مهامه (وكالة “أسوشيتد برس”، 2025).

سيناريوهات مستقبلية

في ضوء المستجدات، يمكن تحديد سيناريوهات رئيسة لمسار العلاقات الاقتصادية بين واشنطن وبكين، حيث قد يستمر التصعيد إذا فرضت الولايات المتحدة مزيداً من الرسوم الجمركية، وردت الصين بتدابير مضادة، فقد تتكرر أزمة الحرب التجارية التي أثرت على الأسواق العالمية سابقاً، وقد تسعى إدارة بايدن إلى احتواء التوترات من خلال استئناف المفاوضات التجارية، وهو ما قد يؤدي إلى حلول جزئية دون إنهاء النزاع تماماً، ورغم التصعيد الأخير، لا تزال هناك فرص للتوصل إلى تفاهمات جديدة، لا سيما مع تعقيدات الأوضاع الاقتصادية العالمية واحتياج البلدين للحفاظ على استقرار التجارة الدولية. وفي ظل استمرار التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، تبقى العلاقات الاقتصادية بين القوتين العالميتين تحت ضغط مستمر، وبينما تسعى الصين إلى إبقاء قنوات التعاون مفتوحة، تتخذ الولايات المتحدة إجراءات متزايدة للحد من ما تعتبره ممارسات تجارية غير عادلة، ومع عدم وضوح مآلات النزاع الحالي، تبقى الأسواق الدولية في حالة ترقب لما ستسفر عنه السياسات الاقتصادية لكلا البلدين في المرحلة المقبلة.