سجلت أسعار الذهب أسوأ أسبوع في ثلاثة أشهر حيث ظل الدولار قريبًا من أعلى مستوياته في أسبوعين بعد بيانات التضخم الأميركية جاء ذلك متوافقًا مع التوقعات، مما يشير إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يتبنى موقفًا حذرًا بشأن تخفيضات أسعار الفائدة الإضافية.

انخفض الذهب الفوري بنسبة 1 % إلى 2846.19 دولار للأوقية (الأونصة)، في إغلاق الجمعة الماضية، بينما خسرت السبائك 3.1 % خلال الأسبوع الماضي، وهو أشد انخفاض أسبوعي منذ نوفمبر.

وكان مؤشر الدولار جاهزًا لتحقيق مكسب أسبوعي، مما يجعل الذهب المسعر بالدولار أكثر تكلفة للمشترين في الخارج. وقال جيم ويكوف، كبير محللي السوق في كيتكو ميتالز: «أعتقد أن العنصر الرئيس الذي يؤثر على أسواق الذهب والفضة هو جني الأرباح في التصفية التي استمرت أسبوعًا ومؤشر الدولار الأمريكي القوي».

بدأت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت بداية ضعيفة حيث يظل المستثمرون حذرين بشأن ضغوط الأسعار المحتملة من سياسات الرئيس ترمب. وقال بيتر جرانت نائب الرئيس وكبير استراتيجيي المعادن في زانر ميتالز «إن خسائر سوق الأسهم أدت إلى تأجيج ضغوط خفض المديونية في الذهب مما أدى إلى استمرار عمليات البيع من أعلى مستوى قياسي يوم الاثنين».

ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي بنسبة 0.3 % في يناير، بما يتماشى مع التوقعات، بعد أن تقدم بنسبة 0.3 % غير معدلة في ديسمبر. وقال دانييل غالي استراتيجي السلع الأساسية في تي دي سيكيوريتيز في إشارة إلى البيانات «إن تسعير توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي بشكل عام لم يتحرك بشكل ملموس حقًا. في النهاية لم يكن ذلك دافعًا كبيرًا لأسعار الذهب».

وحافظ متداولو العقود الآجلة التي تستقر على سعر الفائدة الذي يحدده بنك الاحتياطي الفيدرالي على رهاناتهم يوم الجمعة على أن البنك المركزي الأمريكي سيستأنف تخفيضات أسعار الاقتراض قصيرة الأجل في يونيو.

وأغلقت الأسهم الأميركية مرتفعة بعد جلسة تداول متقلبة يوم الجمعة، حيث ارتفع مؤشر داو جونز بنحو 1.4 % وارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 وناسداك بنحو 1.6 %. ومع ذلك، يتجه الذهب كملاذ آمن لتحقيق مكاسب شهرية ثانية على التوالي، مدعومًا على نطاق واسع بالمخاوف بشأن خطط ترامب للرسوم الجمركية. وقال ترامب يوم الخميس إن الرسوم الجمركية المقترحة بنسبة 25 % على السلع المكسيكية والكندية ستدخل حيز التنفيذ في الرابع من مارس، مع فرض رسوم إضافية بنسبة 10 % على الواردات الصينية.

تزامنت خسائر الذهب مع انتعاش الدولار بدعم تصاعد التوتر التجاري ما بين الولايات المتحدة من جهة والصين وكندا والمكسيك من جهة أخرى. كما أن خسائر سوق الأسهم الأمريكي الحادة قد لعبت دور في إجبار المتداولين على تصفية مراكزهم في الأصول الأخرى لتغطية مراكزهم.

وقال سامر حسن، كبير محللي أسواق المال لدى إس اس دوت كوم، شهدنا خفوت زخم تدفق الأموال نحو صناديق الذهب المادي في وول ستريت بعد التدفقات الهائلة في الأيام الأخيرة لتتحول إلى النطاق السلبي مما قد ساهم في تغذية الضغط الهبوطي على المعدن الأصفر. ففي الفترة ما بين 18 و25 من فبراير، سجلت كبرى صناديق الذهب ما اقترب مجموعه من 5 مليار دولار قبل أن تنعكس إلى تدفقات سلبية بقرابة 160 مليون دولاراً في الجلسات الأخيرة.

وتراجع الرئيس الأمريكي ترامب عن تأجيل فرص الرسوم الجمركية على كندا والمكسيك إلى مطلع أبريل القادم كما أنه سيفرض رسوم إضافة بنسبة 10 % على الواردات الصينية. إذا دخلت هذه التعرفات حيز التنفيذ فعلاً، فإن ترمب سيكون أقرب أكثر إلى تنفيذ تهديداته السابقة. إضافة إلى ذلك، فقد يلجأ ترامب لزيادة الضغوط على الصين لانتزاع تنازلات مما قد يهدد لتصعيد هذه الحرب التجارية، وفق نيويورك تايمز. هذا التصعيد ذو آثار متباينة في الذهب. من جهة، فإن المخاوف حول زيادة الضغوط التضخمية مع فرض التعرفات قد تؤدي إلى تقوية الدولار وهي ذاتها التي كانت تقود ارتفاعاته خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الفائت. من جهة أخرى، فإن عدم اليقين الاقتصادي في الولايات المتحدة والعالم من قد يضمن للذهب إمكانية استئناف الاتجاه الصاعد مجدداً. إضافة إلى عدم اليقين المتدفق من التصعيد التجاري، فإن المخاوف من فقدان الوظائف لدى الموظفين والمتعاقدين الفيدراليين في الولايات المتحدة قد تضغط على معنويات المستهلكين وقد تدفعهم إلى خفض إنفاقهم، وفق تقرير من ابولو جلوبال مانجمنت، على الرغم من أن التقرير أيضاً أكد على المعنويات الإيجابية تجاه الاقتصاد الأمريكي، إلا أنه تحدث عن ضرورة مراقبة البيانات القادمة بحذر للعثور على علامات تدل على انعكاس في دورة الأعمال.

كما أن المسوحات الأخيرة سواء من مؤشر ثقة المستهلك ومديري المشتريات تعكس تراجع ملحوظ للمعنويات سواء للأفراد أم الأعمال.  وعلامات الضعف الأخيرة تلك للاقتصاد الأمريكي كانت قد عززت من فرضية خفض الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مؤية قبل نهاية العام الحالي وهذا ما أقد يبقي للذهب قدرته على استئناف الاتجاه الصاعد.

وفق أرقام أداة فيد واتش، تبلغ إحتمالية أن يخفض الفيدرالي النطاق الحالي بمقدار 25 نقطة أساس أكثر من 53 % في يونيو كما أنه هناك فرصة بحوالي 75 % بأن ينتهي اجتماع ديسمبر المقبل ونكون قد شهدنا خفضاً واحداً على الأقل بعد الخفض المرتقب في يونيو.