على وقع إطلاق ألعاب نارية مبهجة أنارت ليل الرياض وعروض طائرات مسيرة رسمت صورة لكأس العالم، تجمع مئات السعوديين في وسط الرياض ملوحين بأعلام بلادهم للاحتفال بفوز المملكة الخليجية بحق استضافة كأس العالم 2034. من بين الحاضرين، نواف سامي (33 عاما) الذي حضر رفقة زوجته ليشهد "لحظة لم يكن من الممكن تخيلها قبل سنوات قليلة". وقال الموظف الحكومي الذي ارتدى الثوب التقليدي لوكالة فرانس برس: "أشعر بفخر وسعادة شديدة أننا حلمنا بقدرتنا على استضافة أكبر حدث كروي في العالم وحققناه". وستكون السعودية أول بلد يستضيف منفردا كأس العالم بمشاركة 48 منتخبا، ولم يمنع البرد القارس الأسر السعودية على النزول للشارع والاحتفال بهذه اللحظة التي وصفها كثيرون بـ"التاريخية". في ساحة عامة مقابلة لمركز الملك عبدالله المالي بأبراجه الزجاجية الشاهقة في شمال الرياض، نصبت خيام ومقاعد لمتابعة عرض للألعاب النارية، فيما كانت أغان احتفالية تتغنى بعهد الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، تصدح في المكان، شكلت مئات المسيرات خريطة السعودية وخريطة العالم وكأس العالم وكرة قدم عملاقة، فيما كتبت "الرياض مستعدين؟"، فيما شكلت الألعاب النارية أقواسا منيرة حول محطة المترو الرئيسة بالعاصمة والتي افتتحت مطلع الشهر الجاري فقط، وسط تصفيق وصيحات الحضور، وعلى الواجهة الزجاجية لبرج شاهق قريب كتب بالعربية باللون الأخضر "أهلا بالعالم 2034". في شارع التحلية الرئيس عُلّق علم السعودية الأخضر على كل عامود إنارة تقريبا، فيما كانت لوحات الإعلانات التجارية تهنئ السعوديين باستضافة البطولة "كأس العالم في السعودية 2034". يمنح تنظيم البطولة الفرصة للسعوديين المعروفين بشغفهم الكبير بكرة القدم الفرصة لمتابعة أعلى مستوى للعبة في ديارهم، يقول الموظف الحكومي عبدالرحمن الشهري (44 عاما): "كنت أحلم بحضور كأس العالم لكن الأمور اللوجستية كانت دوما تشكل عائقا، الآن تحقق الحلم بتنظيم كأس العالم في السعودية". وأضاف الرجل بابتسامة عريضة "سأخطط لمتابعة معظم المباريات من الملعب"، وتابع "البطولة ستقام قرب المنزل الآن". ومن المقرر أن تضم الرياض بالفعل 8 ملاعب من 15 ملعباً مرشحاً لاستضافة البطولة. لكن راهناً لا تملك المملكة الخليجية الساعية لتنويع مصادر الدخل لعصر ما بعد النفط، سوى اثنين من 15 ملعباً بسعة لا تقل عن 40 ألف متفرج مطلوبة لاستيعاب المنتخبات الـ48 المتأهلة. رغم ذلك حصل الملف على معدل تقييم 4.2 من أصل 5، وهو أعلى من تقييم الملف المشترك للولايات المتحدة وكندا والمكسيك لاستضافة كأس العالم 2026.
"تطوير كرة القدم"
والسعودية الطامحة في أن تصبح قوّة رياضية عالمية، تستضيف منذ 2020 رالي دكار، جولة من سباقات فورمولا واحد منذ 2021، أطلقت دوري "ليف غولف" واحتضنت نزالات نخبوية في الملاكمة، فضلاً عن استقطاب نجوم كرة قدم عالميين يتقدمهم البرتغالي كريستيانو رونالدو والفرنسي كريم بنزيما والبرازيلي نيمار. وبعد الإعلان، على ما أوردت وكالة الأنباء السعودية (واس). ويقول خالد العزة موظف بشركة خاصة (35 عاماً): إنّ "تنظيم كأس العالم كان حلما وكنا نتمناه والآن صار حقيقة. الحقيقة أننا نثبت أنّ المستحيل ليس سعوديا". وتابع بسعادة: "أشعر بفخر أننا قادرون على استضافة أكبر حدث رياضي في العالم". وتنكب السعودية على برنامج إصلاحات ضخمة لوقف ارتهان اقتصادها بالنفط. وجدت السعودية، القوة العظمة الناشئة في عالم الرياضة، نفسها مرشحة وحيدة بعد إحجام أستراليا وإندونيسيا وتراجع الطموحات الكروية للصين. ويشكل استضافة 48 منتخبا في بلد واحد تحديا لوجستيا كبيرا، لا سيما أنّ السعودية تستضيف البطولة في 5 مدن فقط. وإذ أشار السعودي زياد بن نحيت 48 عاما لتجربة قطر "الرائعة" في تنظيم كأس العالم أكّد أن التجربة السعودية ستكون "أصعب"، وقال: إنّ "البطولة أصبحت أكبر بمشاركة 48 فريقا والجمهور أكبر مع الرغبة في أن تكون تجربة أكثر نجاحاً".