مباراة تؤكد قوة الدوري السعودي، مباراة تثبت أن لكل مجتهد نصيب، وأنه لا يصح إلا الصحيح، مباراة رائعة بكل معنى الكلمة، لها عدة عناوين، لكن الأبرز منها أن الاتحاد حين ينهض فليصمت الجميع، وثانيها أن الهلال في حالة توهان، حقيقة لا يمكن رمي نتيجة المباراة على أن الهلال كان سيئاً، بل قوة الاتحاد الضارية هي التي جعلت الهلال يترنح ويفقد تركيزه، الهلال لعب مباراة جميلة جدًا، سيطر جزئيًا في وسط الملعب، تقدم بهدف ملعوب وجميل، لكن مع لوران بلان، وبروح البطل المتفجرة في كريم بنزيما، عاد الاتحاد ليقلب النتيجة، وليحقق نصرًا قويًا، نصرًا استحقته جماهير العميد الحاضرة في ملعب الجوهرة، ذلك الحضور الجماهيري الرائع الذي يؤكد أن لكرة القدم مكانتها في السعودية، وأن عميد الجماهير هم جماهير الاتحاد، وفق الإحصائيات 1.6 مليون حضر مباريات الدوري السعودي لغاية الآن في هذا الموسم، ويكفي أن نعرف أن 400 ألف منهم هم جماهير الاتحاد.

بنزيما حضر فحضرت روح التحدي، ولعب الفريق كله مباراة تصحيح المسار، مباراة تم إنهاء سلسلة هيمنة الهلال على مواجهة الفريقين في الأعوام الأخيرة الماضية، وكذلك توسيع الفارق إلى سبعة نقاط، هي أيضاً كشفت لإدارة الهلال أنه هناك مشكلة وليس سوء توفيق أو تحكيم، وأن الخلل في الهلال قد يكون -ولأول مرة نصرح بها- في المدرب وتكتيكه، الكل يلعب مع الهلال وهو يعرف مسبقاً ماذا وكيف سيلعب الهلال، تشعر أن كل حركة لكل لاعب في فريق الهلال أصبحت مكشوفة ومتوقعة، الفوارق الفنية للاعبين الهلال لم تعد تصنع الفارق، خاصة أن دفاع الهلال أصبح في مهب الريح، كوليبالي وكانسيلو لا يستطيعان صناعة الفارق في ظل ضعف لودي وتردي مستوى البليهي، حتى حين جعل جيسوس كوليبالي يتقدم للأمام لإحداث الفارق في الكرات العرضية، الاتحاد كان جاهزًا ومنع العرضيات من أساسه.

في المحصلة، لا عجب في استمرار سيطرة الاتحاد هذا الموسم، وبنزيما مع رونالدو في صدارة الهدافين، والهلال بفارق النقطة يتقدم على القادسية، القادسية سيدخل بوابة المنافسة على اللقب، واللقب ينتظر الاتحاد لكي يتمسك به ولا يتهاون، نعم لا شيء مستحيل في عالم كرة القدم، ويبقى الزعيم الأزرق له وضعه وأسلوبه في العودة المشوقة المفاجئة، وله تاريخه خاصة مع الاتحاد، وهناك في الطرف القريب، النصر يخسر بـرومنتادا أمام الاتفاق، وما زال النصر يلعب بأسلوب الفزعة، تشعر أن كل لاعب يلعب لوحده، وأن رونالدو يتحكم أكثر من اللازم في مجريات اللعب، لكن الاتفاق عرف السر وتمكن بقوته ولاعبيه أن يصعقوا لاعبي النصر في الملعب، ومع طرد دوران، وبغض النظر مستحق أو غير، تبقى الرسالة أن على الجميع الالتزام بالتعليمات والقوانين، ممنوع أن تلمس لاعباً بدون كرة، لا بقوة ولا بحنية ولا بأسلوب تهكمي، عدم تحضير اللاعبين مسبقاً لمثل هكذا التحامات، هو ما يجعل لاعبي النصر يخرجون كثيراً عن صوابهم للأسف.

في ظل هذه المباريات والحضور الجماهيري، يستحق علينا أن نذكر أولئك الجنود البواسل من رجالات الأمن العام، ورجال أمن الملاعب، الذي يقومون بمجهودات رائعة خارج الملعب وداخله وعلى الطرق والمساحات المؤدية له، حقيقة جنود مجهولون، هدفهم سلامة الجميع، ويعملون لكي نصل إلى الملعب ونحضر المباراة ونشجع ونغادر دون أية إزعاجات أو منغصات، ومهما كان عدد الحضور الجماهيري فإن رجالات الأمن وأمن الملاعب قادرون متمرسون على التعامل معهم بكل احترافية ومهنية ونجاعة، وكلنا ثقة أن البطولات القارية والعالمية القادمة التي ستقام على أرض المملكة، سيكون لرجالات بواسل الأمن العام وأمن الملاعب دورًا كبيرًا في تقديم صورة مشرقة حقيقية عن المملكة، وهذا ملف لا نقلق ولا نخشى منه، لكن يستحقون الشكر والعرفان والمحبة والاحترام والتقدير، بوركت سواعدهم.

أخيرًا.. القادسية على موعد مع الأهلي، والهلال في فرصة لمراضاة جماهيره أمام الخلود، والاتحاد في مواجهة مهمة جدًا بعد النصر على الهلال أمام الخليج، والنصر أمام الوحدة على أمل العودة لمنافسة القادسية فقط في هذه الجولة، وتوقعاتي أن مشكلة الهلال مستمرة، والنصر لديه أيضًا مشكلة، القادسية فوز أو تعادل، والاتحاد يمضي قدمًا نحو ثلاث نقاط جديدة، ما لم يدخل الغرور في قلوب لاعبيه.

د. طلال الحربي - الرياض