عندما تتحدث الكرة السعودية عن العراقة، وعن الفرق التي نقشت اسمها بحروف من الماس في تاريخ المستديرة، لا بد أن يكون الاتحاد حاضرًا في المقدمة، إنه النادي الذي لا يعرف المستحيل، الفريق الذي يهوى التحديات ويعشق البطولات، وها هو اليوم، يؤكد مجددًا أنه سيد المواقف الكبرى بعد انتصاره الساحق على غريمه الهلال برباعية تاريخية، في ليلة كروية ستبقى خالدة في ذاكرة عشاق «العميد».
لم يكن فوز الاتحاد مجرد ثلاث نقاط تُضاف إلى رصيده، بل كان رسالة قوية لجميع منافسيه بان اللقب هذا الموسم لن يخرج من قبضة النمور، تقدم الهلال بهدف مبكر لم يكن سوى شرارة أيقظت العميد من سباته، فجاء الرد قاسيًا وبأسلوب لا يعرفه إلا الكبار، افتتح حسن كادش مهرجان الأهداف، ثم تولى الهولندي المبدع ستيفن بيرجوين قيادة الهجوم، فكان نجم المباراة بلا منازع بثنائية رائعة، قبل أن يختتم القناص الفرنسي كريم بنزيما الحفلة الاتحادية بهدف أكد التفوق الكاسح.
أداءٌ مبهر وروح قتالية أثبتت أن هذا الفريق مصمم على إنهاء الموسم بأفضل طريقة ممكنة، وهو ما جعله يوسع الفارق مع الهلال إلى 7 نقاط، ليصبح اللقب أقرب من أي وقت مضى، والحقيقة أن وراء هذا الإنجاز العظيم إدارةٌ لا تعرف سوى لغة النجاح، عملت بجد واجتهاد لبناء فريق يُجيد السيطرة على المباريات الكبرى ويُمتع جماهيره بأسلوب لعب مميز، فقد حرصت منذ بداية الموسم على توفير كل المقومات للنجاح، من تعاقدات عالمية، إلى الاستقرار الإداري، وصولًا إلى توفير بيئة تنافسية تجعل اللاعبين يقدمون أفضل ما لديهم.
العنصر الأهم في هذه المعادلة الذهبية من وجهة نظري هو المدرب الفرنسي القدير لوران بلان الذي استطاع تحويل الاتحاد إلى آلة انتصارات لا تتوقف، أكدت قراءته للمباراة، تغييراته التكتيكية، وتحفيزه للاعبين أنه مدرب عبقري يملك عقلية استثنائية، ولم يكن فوزه الكاسح على الهلال مجرد خطة تكتيكية، بل إيمان مطلق بقدرة الفريق على تجاوز أي خصم، في أي زمان ومكان.
لم يكن انتصار العميد على الهلال مجرد فوز عادي، بل كان بمثابة إعلان صريح بأن الاتحاد بات الأقرب لحسم لقب الدوري. بفضل الروح القتالية، والعزيمة التي لا تلين، باتت الجماهير الاتحادية تحلم برفع الكأس الغالية بعد سنوات من الكفاح، ومع استمرار هذه العروض المبهرة، يبدو أن الحلم أصبح أقرب من أي وقت مضى.
من حق عشاق العميد المبالغة في الاحتفال، بعد أن عاد فريقهم وعوض الانكسار الذي تعرض له في الموسم الماضي أمام الهلال بالذات، وأصبح لا ينافسه أحد في طريقه نحو المجد، ولا يمكن نسيان الدور الكبير الذي لعبته جماهير الاتحاد الوفية، التي ساندت الفريق بكل قوة، وشجعته بحرارة طوال المباراة. لقد كانت جماهير الذهب هي الوقود الذي دفع اللاعبين لتقديم أفضل ما لديهم، وتحقيق فوز تاريخي.