قدّمت وسائل التواصل الاجتماعي لترمب منصة للوصول المباشر إلى الناخبين، ما سمح له بإعادة تشكيل استراتيجيات الحملات التقليدية وتوجيه مسار حملته بقوة نحو النجاح​​​​​​​​، وهذا ما رسمه تأثيرها في اتجاهات واستطلاع الرأي وانجذابهم في ‎الانتخابات الأميركية، وساهمت بشكل كبير في انتصار ترمب..

في حملتي انتخابات الرئاسة الأميركية 2016 و2020 كان أسلوب الرئيس الأميركي رونالد ترمب مباشرًا باستعماله وسائل التواصل الاجتماعي حينها، والتي استخدم فيها وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مكثف للتواصل مباشرة مع جمهور كبير، مستفيدًا من المنصات مثل تويتر، فيسبوك، وإنستغرام، بكل حرية في تغريداته ومشاركاته كطرق فعالة لإرسال رسائل سياسية، وتوجيه النقاش حول قضايا معينة، مثل الاقتصاد، والأمن القومي.

وفي العام 2022، أعاد إيلون ماسك تشكيل سياسات المحتوى على (X) بعد استحواذه عليه، ما ساعد في تقليل الرقابة على الخطاب السياسي، وفتح الباب أمام مزيد من الحرية في التعبير على المنصة. هذا التغيير في السياسات كان يشمل تقليص جهود الرقابة على ما كان يُعتبر خطابًا مثيرًا للجدل، وهو شيء كان يتسبب في انتقادات كبيرة لترمب في الماضي من قبل إدارة تويتر السابقة، وهذا التحرير في السياسة التحريرية سمح لترمب بمواصلة خطاباته السياسية ومنحت حملته على المنصة مرونة أكثر، كما سمحت له بتوسيع دائرة تأثيره وزيادة تفاعله مع مؤيديه عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام وبطريقة تتماشى مع استراتيجياته المألوفة، وهذا ما جعل مؤيديه يشعرون بأنهم أكثر حرية في التعبير عن آرائهم، وهو أمر ساهم في تعزيز القاعدة الشعبية في حملته للعام 2024.

نيويورك تايمز نشرت تقريرًا في 2023 عن كيف أن عودة ترمب إلى تويتر (X) بعد استحواذ إيلون ماسك على المنصة، قد تمنحه فرصة أكبر للتواصل المباشر مع مؤيديه. وأشارت إلى أن المرونة في رقابة المحتوى في تويتر قد تسهل على ترمب نشر رسائل مثيرة للجدل دون القلق من القيود التي كانت مفروضة في الماضي. هذا ما يعزز استراتيجية الجدل التي يتبعها، ويمنحه منصة لتوجيه حملته الانتخابية.

وفي تقرير تحليلي لواشنطن بوست، تساءلت الصحيفة عن مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الانتخابات الأميركية في ظل الاستقطاب المتزايد، حيث أكدت على دور إعلانات فيسبوك المدفوعة في استهداف الناخبين في الولايات المتأرجحة، معتبرة أن هذا الأسلوب سيستمر في تعزيز دعم ترمب في انتخابات 2024 لنشر رسائل مضادة ضد منافسيه الديمقراطيين.

وفي قناة (BCC) تناولت كيف أن التصريحات المثيرة للجدل عبر وسائل التواصل الاجتماعي كانت تزيد من استقطاب الناخبين، وذكرت أن وسائل التواصل أصبحت منصة رئيسة يستخدمها ترمب لتحدي النظام القائم، ونشر نظريات مؤامرة، والهجوم على وسائل الإعلام.

في انتخابات 2024، لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا حاسمًا في حملة دونالد ترمب وفوزه، حيث استخدمت بشكل استراتيجي للتواصل مع قاعدته الانتخابية وتوسيع انتشار رسائله بين الفئات الشبابية، حيث اعتمد بدءًا على منصة "تروث سوشيال" لمشاركة أفكاره والسياسات دون قيود، مستفيدًا من قلة الرقابة هناك مقارنةً ببعض المنصات الأخرى مثل "فيسبوك" و"إنستغرام"، التي تتجنب الترويج لمحتوى سياسي وتطبق ضوابط ضد المعلومات الخاطئة.

كما أن ترمب وفريقه استخدموا الشخصيات المؤثرة على الإنترنت بشكل كبير، حيث أصبحت هذه الشخصيات أداة قوية في نشر رسائله وإحداث ضجة بين الأجيال الجديدة، خاصة من خلال المنصات التي تلقى شعبية واسعة بين الشباب، مثل "تيك توك" و"إنستغرام"، هذا الأسلوب أسهم في تعزيز الوعي الانتخابي وجذب الناخبين الشباب الذين قد يكونون غير مهتمين بالسياسة التقليدية، مع ترويج أفكار تعارض التوجهات الليبرالية التي يسعى الديمقراطيون لدعمها.

أيضًا، لعبت الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل "ديب فيك" و"الردود التلقائية" دورًا مزدوجًا في الحملات، حيث تمكنت من نشر الرسائل بسرعة ولكن أيضًا أثارت قلقًا بشأن انتشار المعلومات المضللة بشكل أكبر من خلال هذه الأدوات المتطورة، ما أضاف طبقة جديدة من التعقيد على مستوى مراقبة المحتوى خلال الحملات الانتخابية.

كما تجلت أهمية وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا من خلال تأثير منصات أخرى مثل "سناب شات"، التي استهدفت الناخبين الشباب، والذين يميلون بشكل كبير إلى الحصول على معلوماتهم عبر الإنترنت حيث يمكن جمع عدد كبير من المتابعين، معتمدًا "ترمب" على استراتيجية تنقل رسائله السياسية بشكل مباشر وسريع​​​​.

ختامًا، قدمت وسائل التواصل الاجتماعي لترمب منصة للوصول المباشر إلى الناخبين، ما سمح له بإعادة تشكيل استراتيجيات الحملات التقليدية وتوجيه مسار حملته بقوة نحو النجاح في الانتخابات​​​​​​​​، ما كان من الواضح أنها رسمت تأثيرها في اتجاهات واستطلاع الرأي وانجذابهم في ‎الانتخابات الأميركية، وساهمت بشكل كبير في انتصار ترمب.