تقوم المملكة بجهود رائدة لمواجهة تحديات تغيّر المناخ وتحفيز المؤسسات على تقليل انبعاثاتها الكربونية، اتساقًا مع اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015، والحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية مما يخفف الأضرار المناخية. وتسمح اتفاقات تجارة الكربون للشركات والحكومات شراء غازات الدفيئة أو اعتمادات الكربون للتخفيف من انبعاثاتها أو تعويضها عن طريق تمويل تجنب أو خفض الانبعاثات من مصادر أخرى أو إزالة غازات الدفيئة من الغلاف الجوي. وبهذا تستطيع الشركات بيع ما يقل عن الحد الأقصى المخصص لها أو تشتري من الشركات الأخرى عندما تتجاوز حدها الأقصى والعكس صحيح. وتفتح أسواق الكربون مجال أكبر أمام جذب مليارات الدولارات من التمويل، فيما تمنح فرصة للجهات المسببة للتلوث تلبية أهدافها المناخية عبر شراء أرصدة من مشاريع تقلل الانبعاثات الكربونية واعتماد تكنولوجيات مبتكرة.
لهذا أطلقت شركة سوق الكربون الطوعي الإقليمية السعودية، التي يمتلك صندوق الاستثمارات العامة 80 ٪ ومجموعة تداول السعودية 20 ٪، منصة تداول أرصدة الكربون الطوعي خلال فعاليات مؤتمر المناخ «كوب 29» في أذربيجان 12 نوفمبر 2024، والتي تم تأسيسها في 3 سبتمبر 2021، بمشاركة 23 شركة سعودية ودولية في أول أيام تداولاتها، لتصبح إحدى أكبر أسواق الكربون الطوعية (VCM) عالميًا بحلول 2030. ووصلت قيمة السلة الأساسية لمزاد أرصدة الكربون نحو 100 مليون ريال، وبسعر مقاصة (التسوية) 37.5 ريالاً لكل من أرصدة الكربون. كما تم طرح نحو 2.5 مليون طن من أرصدة الكربون عالية الجودة في مزاد علني بدءاً من يوم الثلاثاء الماضي، وتشمل عملية التداول أرصدة من 17 دولة، بهدف تمويل المشاريع المناخية عالميًا، ودعم أهداف السعودية في تحقيق الحياد الصفري بحلول عام 2060.
وتسعى شركة سوق الكربون الطوعي إلى تأسيس سوق كربون طوعي مزدهر في المملكة وخارجها، بأعلى معايير النزاهة الدولية في تنفيذ مزادات عرض الأرصدة الكربونية، دعمًا لنمو السوق عالميًا، بمؤشرات سعرية لمشاريع مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وربط السوق المفتوح بالسجلات العالمية الرائدة. وقد نفذت الشركة مزادين قياسيين لأرصدة الكربون الطوعي، الأول في الرياض والثاني في نيروبي، وجرى من خلالهما بيع أكثر من 3.6 ملايين طن، مما عزز الطلب في المنطقة. وتستهدف المنصة أن تصبح إحدى أكبر أسواق الكربون الطوعية في العالم بحلول 2030، حيث شمل مزادها الأول أرصدة من مشاريع مناخية في دول مثل: بنجلاديش والبرازيل وإثيوبيا وماليزيا وباكستان وفيتنام.
وفي السنوات الأخيرة، ارتفعت قيمة سوق الكربون الطوعي العالمي وبشكل أكثر فعالية في عام 2020، ليبلغ ذروته في عام 2021، بتداول أكثر من ملياري دولار من الاعتمادات، واستمر في عامي 2022 و2023 حيث عوضت أسعار الائتمان المتوسطة الأعلى جزئيًا عن انخفاض أحجام المعاملات. وتم تداول 49 % من إجمالي قيمة سوق الكربون الطوعي في الأسواق الناشئة بين عامي 2020 و2023، وبلغت القيمة السوقية الإجمالية 723 مليون دولارًا لعام 2023، وهي أكبر قيمة سنوية مقارنة بالفترة من 2009 إلى 2020. وفقًا لسوق النظام البيئي (Ecosystem Marketplace ). ومازالت الأسواق الناشئة والنامية تحتاج إلى استثمار 2.4 تريليون دولار في المجال المناخي سنويًا بحلول 2030، لتحقيق أهداف اتفاقية باريس.