ما معنى بقاء المنظمات الدولية خاصة تلك التي من المفترض أن يكون لها دور فاعل في الإبقاء على السلم الدولي والحفاظ عليه، ومحاسبة مرتكبي جرائم القتل الجماعية، إذا كانت غير ذات فاعلية؟! بل يتم الانتقاص من مكانتها والتهكم عليها، وهذا ما فعله نتنياهو حينما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مذكرتي اعتقال دوليتين بحقه وبحق وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، وجاء في حيثيات القرار «وجدت المحكمة أسباباً وجيهة للاعتقاد بأن السيد نتنياهو.. والسيد غالانت يتحمل كل واحد منهما المسؤولية الجنائية عن الجرائم، ضالعين بالاشتراك مع آخرين في ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، وجرائم ضد الإنسانية متمثلة في القتل والاضطهاد، وغيرها من الأعمال غير الإنسانية».
القرار في حد ذاته يعتبر قراراً منطقياً وواقعياً عطفاً على الجرائم البشعة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، وأدت إلى استشهاد 43985 فلسطينياً وإصابة 104092 منذ بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي على القطاع في أعقاب هجوم الـ7 من أكتوبر، هذا عدا الدمار الذي حصد الأخضر واليابس، وجعل الحياة في غزة شديدة الصعوبة إن لم تكن مستحيلة، فما حدث ويحدث في غزة هو إبادة جماعية بكل تفاصيلها، في الوقت الذي يدعو فيه المجتمع الدولي لاحترام حقوق الإنسان، ويبدو أن الإنسان الذي يعيش في غزة خارج نطاق الدعوى، كون حقوقه مستباحة بكافة الطرق دون رقيب أو حسيب، وسط صمت دولي غير مبرر، ورغم الدعوات التي تدعو إلى إنهاء الحرب على غزة إلا أن إسرائيل مستمرة في عدوانها غير آبهة بها، وما رد فعلها على قرار المحكمة الجنائية الدولية إلا دليل آخر على عدم امتثالها أو حتى اكتراثها بالقرارات الدولية، وهو أمر مستمر منذ زمن وما زال.