انعقدت الأسبوع الماضي في مدينة ريو دي جانيرو جنوب شرقي البرازيل قمة مجموعة الـ20 التي تعتبر نادٍ لأكبر 20 اقتصاد في العالم- وذلك في ظل متغيرات أدت إلى طرح مؤسسيها العديد من التساؤلات عن مدى جدوى هذه المجموعة لهم.

فمثل ما نعرف، فإن هذه المجموعة تأسست بناء على قرار اتخذه وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية في الدول الأعضاء في مجموعة الـ7 في قمة المجموعة العام 1999، وذلك بعد الأزمة الآسيوية التي أدت إلى اضطراب أسواق المال العالمية، حيث قرروا على إثرها توسيع المجموعة وضم نظرائهم في أكبر 13 اقتصاد بعدهم ليكونوا فيما بينهم مجموعة العشرين- وقتها مجموعة الـ7 كانت بالفعل تمثل أكبر الاقتصادات في العالم عن حق وحقيقة.

ولكن مجموعة الـ20 لم تعقد اجتماعها على مستوى القادة، إلا عقب الأزمة المالية العالمية عام 2008، عندما بادر الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جورج بوش الابن بدعوة قادة مجموعة الـ20 إلى حضور اجتماع في واشنطن، لتناقش هذه المجموعة، التي أصبحت تضم البلدان الصناعية والبلدان الناشئة، السبل الكفيلة بالتغلب على الأزمة الاقتصادية العالمية.

بيد أن أزمة العام 2008، هي لا غيرها التي وضعت الأساس للتغير الذي سوف تشهده مجموعة الـ20، بعد أن ضعفت في الأعوام اللاحقة الموقع الاقتصادي للبلدان التي أسستها. ففي خلال هذه الفترة، أخذت الصين الموقع الذي كانت تشغله فرنسا والمملكة المتحدة، وأصبحت رابع أكبر اقتصاد في العالم. ومن ثم تغلبت على ألمانيا وأصبحت ثالث أكبر اقتصاد في العالم، وفيما بعد تقدمت على اليابان وأصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وهكذا لم يبق من مجموعة السبع المؤسسة لمجموعة الـ20 إلا الولايات المتحدة، التي لا يزال اقتصادها الاسمي أكبر من الاقتصاد الصيني. كما أن الهند هي الأخرى تقدمت على المملكة المتحدة وفرنسا وكندا- أما من حيث القوة الشرائية، فإن الاقتصاد الروسي هو الرابع، حسب آخر إحصائيات صندوق النقد الدولي، وذلك بعد الصين والولايات المتحدة والهند، وتأتي بعدهم ألمانيا واليابان.  

إن هذا التوازن الاقتصادي الجديد، هو الذي فرض أجندته في قمة ريو دي جانيرو الأسبوع الماضي. وهذا لا يتفق مع رغبة البلدان المؤسسة لهذه المجموعة. ففي هذه القمة لم يتم التركيز على القضايا السياسية التي تهم مجموعة البلدان الـ7، التي ترغب أن تُسير أعمال مجموعة الـ20 وفقاً لأجندتها- فالبيان الختامي ركز على القضايا الاقتصادية، التي تهم دول الجنوب أيضاً، والتي أصبح صوتها مرتفعًا أكثر مما مضى.

وهكذا، فإن مجموعة العشرين، تسير بخطوات حثيثة لعكس التوازن الاقتصادي الجديد في العالم، ولذلك، فقد تصبح مثلها مثل منظمة التجارة العالمية، نادٍ غير مريح وغير مرغوب فيه للبلدان التي أسست هذه وتلك. فالإعلان النهائي لمجموعة الـ20 لم يعطِ أولوية لهموم دول الشمال فقط، بل ركز على المشكلات التي تعاني منها بلدان الشمال والجنوب مثل الأمن الغذائي وإمدادات الطاقة، وسلاسل التوريد، والاستقرار المالي الكلي، والتضخم، والنمو الاقتصادي. وهذا يثير قلق الدول المؤسسة، التي تفقد تدريجيًا السيطرة على هذه المجموعة، التي تتحول تدريجيًا لتصبح نادٍ يراعي مصالح كافة المشاركين فيه- وليس مؤسسيه فقط.