تكمن أهمية توحيد الجهود والمبادرات للمساهمة في تبني آليات ومنهجيات وقوائم موحدة للاستفادة من المحتوى المحلي في مشتريات أعمال القطاعين العام والخاص، إلى تمكين المنتجات والخدمات الوطنية وتعظيم المحتوى المحلي، وهو بالتالي ما يعزز من الإمكانات والخدمات والصناعات في السوق المحلية ويعظم الفائدة من القوة الشرائية الوطنية لبناء اقتصاد متين ومستدام؛ فالأثر والعائد الاقتصادي للمحتوى المحلي لا يقتصر فقط على ما يخلقه من حركة إيجابية متعددة الأبعاد في بيئة الاقتصاد والأسواق الوطنية، مثل: رفع الناتج المحلي وتحسين الميزان التجاري بتعزيز الاعتماد على المنتجات والسلع والخدمات الوطنية، وتحفيز الاستثمار والبحث والتطوير والابتكار، وتوليد الوظائف وغير ذلك؛ بل له كذلك ميزة تنافسية تتمثل في خفض تكاليف الحصول على المواد من منتجات وخدمات، واختصار زمن توفيرها وتوصيلها، وسرعة الحصول على الدعم والمساعدة الفنية عند الحاجة ونحو ذلك.

والقطاع العام ممثلا في الوزارات والمؤسسات والهيئات، ونخص منها الأجهزة المعنية بتحقيق مستهدفات رؤية الوطن المباركة، بما في ذلك الشركات المملوكة للدولة والشركات الوطنية المتعاقدة معها، مطالبة بأن تضع نفسها موضع المبادر والمثال الذي يحتذى به في تفضيل مشترياتها من المنتجات والخدمات من المحتوى المحلي، أو على الأقل من تلقاء نفسها إعطاء الأولية بتوجيه قوتها الشرائية لما هو موجود في السوق الوطني لتحفيز الحركة التجارية وتعزيز الاقتصاد المحلي، وليس فقط الالتزام بما هو موجود في القوائم الإلزامية للمنتجات الوطنية؛ وهنا أستشهد بنوعين من الخدمات التي تقوم أجهزة حكومية بتوفيرها عبر التعاقد مع شركات في دول الجوار في ظل توفرها في السوق المحلي من خيارات مثيلة؛ الأولى هي خدمات التوظيف والبحث عن المواهب، فكثير من الأجهزة المعنية بتحقيق مستهدفات الرؤية تكلف شركات تقع في قارات أخرى للبحث عن المواهب والموظفين الجدد في السوق المحلي، بينما يوجد شركات وطنية في السوق المحلي وذات تجربة وخبرة ويمكن الاستعانة بها لتحقيق فوائد الاستعانة بالمحتوى المحلي؛ الثانية هي مكاتب الترجمة وما تقدمة من ترجمة للعقود والمستندات ونحو ذلك، فبعض الجهات الحكومية تستعين بمكاتب ترجمة في دول الجوار، وهذا بلا شك يتنافى كلية مع ما تستلزمه السرية من احتياطات، هذا فضلا عن ان هذا النوع من الخدمات متوفر في السوق المحلي.

  ولهذا نقول وبعيداً عن المجاملات هذه النوع من التعاقدات التي تتم ربما بناء على جهود فردية تظل خارج ما يؤطر له تشريعات ويعمل عليه من مبادرات؛ فالاستعانة بالمحتوى المحلي واجب وطني يجب الالتزام بتفضيله سواء بوجود أو عدم وجود قوائم إلزامية، ولا يصح الاحتجاج بما ورد في «لائحة تفضيل المحتوى المحلي والمنشآت الصغيرة والمتوسطة المحلية والشركات المدرجة في السوق المالية في الأعمال والمشتريات» من استثناءات، لأن المثيل متوفر في السوق المحلي من قبل شركات وطنية؛ كما ان التعاقد مع شركات خارج السوق المحلي للحصول على خدمات مثل التي سبق ذكرها، يتعارض أولا مع التوجه الاستراتيجي للنهوض الاقتصادي بمنظومة تنوع الهيكل الإنتاجي للوطن والمحقق لمستهدفات رؤية الوطن الواعدة، والمنشآت الصغيرة والمتوسطة الوطنية هي أحد أهم أدواتها، حيث لا تتعدى مساهمتها بحسب مستندات الرؤية ما نسبته (20 %) في الناتج المحلي؛ كما ان التعاقد مع الشركات الأجنبية التي ليس لها مقر محلي، يتعارض مع أهداف برنامج استقطاب المقرات الإقليمية للشركات العالمية كأحد مبادرات الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، والتي  تهدف بشكل أساسي إلى نمو الاقتصاد الوطني وتنويع مصادره.