كَشف بيان الميزانية العامة للدولة للعام المالي المقبل 2025، وفق إطار مالي واقتصادي شامل على المدى المتوسط، أهم التطورات المالية والاقتصادية المحلية، التي من بينها: تطورات مؤشرات الاقتصاد المحلي والمالية العامة للدولة للعام المالي 2024، وأهم المستهدفات المالية للعام المالي 2025 على المدى المتوسط، وتوجهات الإنفاق التوسعي على المدى المتوسط، والتغيرات الهيكلية في اقتصاد المملكة، وأخيراً أبرز مخاطر المالية العامة، وقدرة الاقتصاد الوطني على مواجهة التحديات المحلية والعالمية.
على مستوى تطورات ومؤشرات الاقتصاد المحلي، فقد كَشفت بيانات ومؤشرات الميزانية، أن المملكة تَحظى باقتصاد قوي ومتين وسياسات فعالة للاقتصاد الكلي، عَززت من قدرة الاقتصاد على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، وما يؤكد على ذلك، نمو الناتج المحلي للمملكة حسب التقديرات السريعة بنسبة 0.2 % حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري، ونمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 4.2 % وتحقيق معدل بطالة بين المواطنين السعوديين تاريخي وغير مسبوق بلغ 7.1 %.
وعلى مستوى تطورات المالية العامة، فيتوقع أن يبلغ إجمالي الإيرادات للعام 2024 حوالي 1,230 مليار ريال، بارتفاع تبلغ نسبته 4.9 % مقارنة بالميزانية المعتمدة، في حين يُتوقع أن يبلغ إجمالي النفقات، 1,345 مليار ريال بارتفاع تبلغ نسبته 7.5 % مقارنة بالميزانية المعتمدة.
أما فيما يتعلق بأهم المستهدفات المالية العامة للعام المالي المقبل 2025، فيتوقع أن يبلغ إجمالي الإيرادات للعام 2025 حوالي 1,184 مليار ريال، وإجمالي النفقات 1,285 مليار ريال، وتحقيق عجز مالي متوقع يبلغ (-101) مليار ريال.
تَجدر الإشارة، إلى أن ميزانية العام المالي المقبل، تَهدف إلى المحافظة على المركز المالي للمملكة وتحقيق الاستدامة المالية من خلال الحفاظ على مستويات مستدامة من الدين العام واحتياطيات حكومية جيدة، تعزز من قدرة المملكة على التعامل مع الصدمات.
بيان الميزانية يشير إلى أن رصيد الدين العام من المتوقع أن يصل إلى 1,300 مليار ريال، ما نسبته 29.9 % من الناتج المحلي الإجمالي، والذي يُعد ضمن السقف المستهدف للدين العام والذي حدد في وقت سابق بنسبة 40 %، في حين من المتوقع أن تبلغ الاحتياطيات الحكومية مبلغ 390 مليار ريال.
وبالنسبة للتطورات المالية العامة على المدى المتوسط، فقد كَشف بيان الميزانية، أن يستمر عجز الميزانية خلال الفترة 2025-2027 ليصل إلى أقصاه في عام 2027 إلى -140 مليار ريال، ما نسبته -3 % من الناتج المحلي الإجمالي، في حين ستواصل الإيرادات تصاعدها على المدى المتوسط لتصل إلى 1,289 مليار ريال في عام 2027، والإنفاق إلى 1,429 مليار ريال، وبالنسبة للدين فمن المتوقع أن يصل رصيده إلى 1,570 مليار بنهاية عام 2027، مشكلاً ما نسبته 33.3 % من الناتج المحلي الإجمالي.
ومن بين المستهدفات المالية للميزانية العامة للعام 2025، رفع كفاءة وفاعلية الإنفاق الحكومي والتوسع في الإنفاق التحولي، ودعم استمرارية استكمال الأعمال، والمبادرات والإصلاحات الهادفة إلى تمكين القطاع الخاص، والمحافظة على الاستدامة المالية والاستقرار الاقتصادي، وتحقيق التنمية الشاملة في جميع القطاعات.
وفيما يتعلق بتوجهات الإنفاق العام التوسعي على المدى المتوسط، فسيشمل الإستراتيجيات القطاعية والمناطقية، والمشاريع الكبرى، وبرامج رؤية السعودية 2030.
وأخيراً بالنسبة لأبرز المخاطر المالية العامة للعام 2025 على المدى المتوسط، تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، تقلبات أسواق النفط العالمية، الإشكاليات الجيوسياسية وتأثيرها على سلاسل الإمداد، وبقاء أسعار الفائدة العالمية مرتفع لفترة أطول من المتوقع.
ولكن ورغم ذلك، فإن الاقتصاد السعودي لديه القدرة على مواجهة تلك التحديات سواء المحلية أم العالمية، وذلك بتوفر احتياطيات حكومية قوية، ومستويات مستدامة من الدين العام، ومساهمة التوسع في الإنفاق الحكومي التحولي في دعم الأنشطة غير النفطية، ومرونة في إعادة ترتيب أولويات الإنفاق على المدى المتوسط، بما في ذلك المبادرات والإصلاحات الهيكلية الداعمة لتعزيز الإيرادات غير النفطية.
أخلص القول؛ إن بيان الميزانية العام للدولة للعام المالي المقبل 2025، إلى جانب أنه أكد على متانة الاقتصاد الوطني رغم التحديات الاقتصادية، إلا أنه اتسم بالوضوح تعزيزاً لترسيخ ثقافة الشفافية والإفصاح المالي، بتسليطه الضوء على أهم المؤشرات المالية والاقتصادية والتحديات والمخاطر المحتملة وقدرة الاقتصاد الوطني على مواجهتها والتعامل معها.
كما أن بيان الميزانية أكد على استمرار نهج الدولة في تنمية الأنشطة غير النفطية التي حققت نمواً إيجابياً بلغت نسبته 4.2 % حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاي، ما يعكس نجاح جهود التنويع الاقتصادي، حيث استمر هذا الزخم لتشكل الأنشطة غير النفطية حوالي 52 % من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي؛ نتيجة للنمو المستمر في القطاعات الواعدة مثل السياحة، والترفيه، والنقل، والخدمات اللوجستية، والقطاع الصناعي.
كما وتم التأكيد على تخصيص مبالغ ضخمة لقطاعات التعليم والصحة والتنمية الاجتماعية والخدمات البلدية، التي بلغت 526 مليار ريال، مع استمرار نهج المملكة في التركيز على الإنسان والحفاظ عليه وتوفير جميع سبل العيش الكريم، وتحسين جودة حياته والخدمات المقدمة له.
وشكّل تطوير البنية التحتية ركيزة أساسية في إستراتيجية الإنفاق الحكومي، إذ تهدف المملكة إلى ترسيخ مكانتها بين الدول بوصفها مركزاً لوجستياً عالمياً يربط القارات الثلاث عن طريق مواصلة الاستثمار في المشاريع لتحديث وتوسيع شبكات النقل، والمطارات، والموانئ.
كما وتستكمل الحكومة جهودها في تعزيز استدامة المالية العامة وتحقيق المستهدفات التنموية الشاملة، عبر المراجعة الدورية لتقديرات أسقف النفقات على المدى المتوسط وفق المستجدات المالية والاقتصادية المحلية والعالمية في مشروع التخطيط المالي طويل المدى.