كنت سوف أقصر هذا المقال على المطالبة بتوعية مستحقي الضمان الاجتماعي بمميزاتهم وحقوقهم التي يكفلها لهم النظام، وما أكثرها -ولله الحمد- في هذا العصر الذهبي، والذي لا ينكر ذهبيته إلا جاحد ولا يحسن قياس ما شهده من تطور سريع وعلاج ناجع ناجح للكثير من أوجه القصور فيما يخص مستحقي الضمان الاجتماعي إلا من عايش المعاناة السابقة لذوي الدخل المحدود مع التسجيل كمستحق ضمان ويرى ويقارن كيف كنا وكيف أصبحنا في هذا الصدد.
لقد عايشت أوضاع المحتاجين ككاتب صحفي مهتم بشؤون احتياجات المواطنين وخدماتهم ومحاولة إيصالها للمعنيين بخدمتهم خاصة منهم فئة المواطنين شديدي الحاجة مثل: المرضى ومستحقي الضمان والعجزة والمرضى النفسيين والهائمين والمستهلك وضحايا الأخطاء الطبية، ومن أكثر ما شد انتباهي (آنذاك) البيروقراطية الإعجازية والتعقيد الشديد في طرق تسجيل الأسر المستحقة للضمان والتي تشتمل على متطلبات ثبوتية ورقية عديدة ومتعددة صعبة جداً على أرملة أو معلقة أو مطلقة تعول عدداً من الصغار أو حتى أسرة لها عائل يحتاج من يعوله ويتولى أموره، ومن ضمن تلك المتطلبات ورقة من عمدة غير معروف ولا موجود وتدعيمها بشهادة من إمام مسجد وتقرير من جمعية خيرية لا تعتمد الزيارة بل الأوراق التي قد لا تتوفر أو يصعب الحصول عليها إلا بمراجعة دوائر هي أكثر بيروقراطية سلبية، وأذكر أنني قد تساءلت في أكثر من مقال وحوار متلفز قائلاً (كيف لمعلّقة حرمها زوجها ورقة طلاق أو مطلقة بكلمة وطليقها يريد تعقيدها أن تحصل أيًا منهما على دفتر العائلة أو عقد الإيجار أو شهادات الميلاد؟!).
أما كيف أصبحنا -ولله الحمد-، فإن كل ما تحتاجه الأسرة أو أي فرد منها هو أن يدخل إلكترونياً وعن بعد عبر منصة النفاذ الوطني ويسجل كمستحق لحساب المواطن أو استحقاق الضمان فيحصل عليه بمنتهى السهولة والستر ولست في حاجة للتفصيل، فالكل يعرفون الآن أننا أكثر وطن في العالم أجمع يدير مواطنه والمقيم فيه كل شؤونه عن بعد وبيسر وسهولة، ويبقى أن أُذَكِّر أن هذا التطور العظيم في آلية تحديد المستحقين كشف عن الفساد العظيم الذي ارتكب في تسجيل أغنياء كمستحقين وهو أمر منشور لكن التذكير به واجب.
أقول كنت سوف أقصر هذا المقال على المطالبة بتوعية مستحقي الضمان الاجتماعي بمميزاتهم وحقوقهم التي يكفلها لهم النظام، حتى تشرفت بالحديث هاتفياً ومطولاً مع المواطن الذي يحق لنا أن نفخر بأمثاله وهم كثر، المهندس خالد بن عبدالله الحقيل الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للنقل الجماعي ورئيس الاتحاد العالمي للنقل والمواصلات العامة ومناصب عالمية أخرى يصعب حصرها هنا، وكان سبب تواصلي مع سعادته الاستفسار عن وضع أرملة من مستحقي الضمان تحتاج لتردد هي وإحدى بناتها على والدتها المريضة في جازان بواسطة حافلة النقل وتحتاج لدفع نحو 280 ريالاً لتذكرة الذهاب فقط ومثلها لابنتها، فهل لمستحقي الضمان تخفيض لا تعرفه هذه المرأة فحصلت منه على بشائر وأخبار سعيدة كثيرة قد تعلن من الهيئة في حينها، ولكن الأهم في موضوع تلك المرأة وغيرها أن التذكرة التي تشتريها عند السفر مباشرة بمبلغ 170- 280 ريالاً يمكنها الحصول عليها عبر موقع الشركة إلكترونياً قبل موعد الرحلة بثلاثة أيام بمبلغ 29 ريالاً فقط، وهذا توفير كبير وخير من أي تخفيض ولم تكن تعلمه تلك الأرملة ولا ابنتها!.
تلك المعلومة الغائبة المعلنة في موقع الشركة وتطبيقها وحساباتها في مواقع التواصل جعلتني أعيد النظر في مطالبتي وأجعلها عامة بالمطالبة بتكثيف توعية المواطن والمقيم بالفرص والمميزات التي يوفرها هذا الوطن المعطاء ليس فقط عبر حسابات التواصل الاجتماعي التي قد لا يدخلها الجميع ولكن عبر برامج التلفزيون والإذاعة واللوحات الإرشادية في الطرق، وبالنسبة لمستحقي الضمان، الذين هم الأكثر حاجة فإن على الأخصائيات الاجتماعيات في الجمعيات الخيرية والمستشفيات ومراكز الرعاية الأولية توعيتهم دورياً بحقوقهم، كما أن رسائل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية يجب أن تشتمل على توعيتهم بكل ما يستجد من حقوقهم وتذكيرهم بالقديم منه دورياً.