يعيش الاقتصاد الوطني حاليا أزهى عصوره، التي يتمتع فيها بالنمو المستدام، وتنوع مصادر الدخل، عبر الارتكار على قواعد علمية، جاءت بها رؤية 2030، لتدرجه ضمن أكبر الاقتصادات العالمية المؤثرة في محيطيها الإقليمي والدولي، وما كان للاقتصاد أن يحقق هذه النجاحات، لولا حرص القيادة الرشيدة على إحداث تغيير إيجابي في مفاصل الدولة، من خلال تنفيذ خطط وبرامج نموذجية، شملت كل القطاعات، وفي مقدمتها الاقتصاد، الذي يظل شاهداً على نجاح الرؤية وقدرتها على تأسيس وطن راسخ، قادر على تحقيق التطلعات، ومواجهة التحديات.

ويمكن وصف ميزانية المملكة المتوقعة للعام 2025، بأنها إحدى ثمار الرؤية، ويشير إلى ذلك، الأرقام القياسية التي اشتملت عليها بنود الميزانية، إذ تُقدر فيها الإيرادات العامة للدولة بـ 1.184 تريليون ريال، وإجمالي النفقات بـ 1.2585 تريليون ريال، وتعكس هذه الأرقام جهوداً كبيرة، بذلها ولاة الأمر، من أجل نمو الناتج المحلي عاماً بعد آخر، فضلاً عن حرصهم على الاستمرار في الإنفاق العام، من أجل تنفيذ مشاريع الرؤية التنموية، التي ستدعم الاقتصاد الوطني عقب الانتهاء منها، والدخول حيز العمل والإنتاج، الأمر الذي يقلص العجز المالي في الميزانية، ويحوله إلى فائض مالي، يمكن استثماره في مسارات أخرى.

وحمل حديث سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن الميزانية الجديدة، الكثير من التفاؤل بشأن مستقبل الوطن والمواطن، حيث أكد سموه استمرار مساهمة الإنفاق الحكومي، من أجل تنويع الاقتصاد، والتركيز على تمكين القطاعات الواعدة، إضافة إلى خطط تعزيز جذب الاستثمارات الأجنبية، وتحفيز الصناعات الوطنية، فضلاً عن رفع نسبة المحتوى المحلي والصادرات غير النفطية، والاستمرار في كامل برامج تحقيق الرؤية، والاستراتيجيات الوطنية، ولم ينس سموه دور القطاع الخاص، وأهمية تحفيزه على زيادة مساهمته في المشاريع الاستثمارية؛ مع الأخذ بعين الاعتبار كل التطورات والتحديات الاقتصادية الإقليمية والعالمية؛ لضمان تحقيق مستهدفاتها مع الحفاظ على المكتسبات الاقتصادية والاستدامة المالية.

ما يلفت النظر في أرقام الميزانية ومساراتها، هو التوازن الحكيم في الإنفاق بكفاءة على القطاعات الاقتصادية ذات الأثر الكبير على الاقتصاد الوطني، لتحقيق هدف رئيسي، لطالما سعت إليه الرؤية من اليوم الأول من إعلانها، وهو بناء اقتصاد قوي، يتميز بتنوع مصادر الدخل، مع تقليص نسبة الاعتماد على دخل النفط المتذبذب وفق ما يشهده العالم من أحداث واضطرابات، وحتى الآن يبقى ما حققته الرؤية في هذه المسار، أمراً مذهلاً، يتحدث عنه المتابعون والمراقبون للاقتصاد السعودي، بالوصول إلى دخل القطاع غير النفطي إلى 52% من إجمالي الدخل المحلي.

وتؤكد مخصصات الميزانية الجديدة، استمرار الدولة ـ رعاها الله ـ على الاستثمار في الإنسان السعودي، باعتباره الركيزة الإساسية لأي ميزانية تعلنها الدولة، ويظهر ذلك في ضخامة مخصصات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، فضلاً عن الجهود لتوفير الوظائف المناسبة لكل مواطن ومواطنة، وهو ما نجحت فيه الدولة بشكل رائع، تراجعت معه نسبة البطالة إلى 7.1%.

نجاح المملكة في إعلان هذه الميزانية بأرقامها القياسية تلك، ما كان لها أن تتحقق لولا عمليات الإصلاح الاقتصادي والمالي التي وجه بها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، والتزمت بها الجهات الحكومية، من أجل تهيئة المناخ لتنفيذ برامج الرؤية بحذافيرها، في مشهد أكد للجميع بأن القيادة السعودية، ومعها المواطن، حريصان على إحداث التحولات الإيجابية التي جاءت بها الرؤية الطموحة.