عاماً بعد آخر، تؤكد رؤية 2030 أنها كانت الحل العلمي الأمثل، في تحقيق كل تطلعات القيادة الرشيدة، وأحلام الشعب السعودي، ببناء مملكة حديثة، على مرتكزات صلبة ومستدامة، عبر إعادة توظيف مقدرات الدولة وإمكاناتها بطريقة صحيحة، تثمر عن وطن قوي وشامخ، يزدهر وينمو، وتبقى الشواهد على ذلك كثيرة ومتعددة، وصولاً إلى شاهد إعلان الميزانية العامة المتوقعة للمملكة للعام 2025.

جاءت أرقام الميزانية الجديدة للمملكة، متواكبة مع الجهود الكبيرة التي يبذلها ولاة الأمر، من أجل دعم أركان الاقتصاد الوطني، وتعزيز رفاهية المواطن، والارتقاء بمعيشته، ويشير إلى ذلك حجم الإيرادات المتوقع بـ 1.184 تريليون ريال، وإجمالي النفقات الذي يصل لـ1.2585 تريليون ريال، مع عجز مالي يبلغ 101 مليار ريال، في إشارة صريحة إلى أن المملكة مستمرة في إنفاقها بسخاء على مشاريع الرؤية بوتيرة ثابتة، لا تتأثر بما يشهده العالم من اضطرابات جيوسياسية، أربكت الاقتصادات الكبرى، وقلصت نموها.

وما يلفت الأنظار إلى ميزانيات الدولة المعلنة في السنوات الماضية، أنها تحقق معدلات نمو ضخمة في الناتج المحلي، وصولا إلى ميزانية العام المقبل، الذي يُقدر أن تسجل فيه المملكة ثاني أسرع معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصادات الكبرى خلال العام المقبل عند 4.6 %، مدفوعة باستمرار ارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية، هذا النمو مستمر خلال السنوات القادمة، ما يحقق هدفاً رئيسياً سعت إليه الرؤية ببناء اقتصاد مستدام، لا يعتمد على دخل النفط.

وترسخ الميزانية الجديدة للمملكة بأرقامها ومخصصاتها، كل علامات التقدم والنمو الاقتصادي المأمول، التي سعت لها الرؤية منذ العام الأول من إعلانها في 2016، ويتوج هذا الترسيخ، حديث سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، الذي رسم سموه صورة مشرقة لمستقبل هذا الوطن، من خلال النجاح في بناء اقتصاد وطني قوي وفاعل، يتمتع بتنويع مصادر الدخل، من نافذة إيجاد قطاعات اقتصادية واعدة، تساهم بقوة في تعزيز الدخل القومي، بعيداً عن دخل النفط، وهو ما نجحت فيه الرؤية على أرض الواقع بدرجة كبيرة أذهلت جميع المتابعين للمشهد الاقتصادي السعودي، ويشهد على ذلك نمو الاقتصاد غير النفطي، ومساهمته في الناتج المحلي بنسبة وصلت إلى 52 % خلال العام الجاري (2024)، وهذه النسبة مرشحة للزيادة مستقبلا.

حديث سمو ولي العهد، حدد بكل دقة، التزامات الدولة خلال المرحلة المقبلة، باستمرار الإنفاق الحكومي على المشاريع التنموية التي جاءت بها الرؤية، والاستراتيجيات الوطنية، مع العمل الجاد على جذب الاستثمارات، وتحفيز الصناعات، ورفع نسبة المحتوى المحلي والصادرات غير النفطية، وتحفيز القطاع الخاص وتشجيعه على زيادة مساهمته في المشاريع الاستثمارية؛ مع استمرار جهود الحكومة بالعمل وفق التخطيط الممنهج على المديين المتوسط والطويل، وهذا كفيل بتعزيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، ويبقى الرائع في كل هذه التطلعات، حرص الدولة على أن تحتاط لكل التطورات والتحديات والأزمات الاقتصادية الإقليمية والعالمية؛ من أجل ضمان تحقيق مستهدفاتها، مع الحفاظ على المكتسبات الاقتصادية والاستدامة المالية.