ترجل سلطان البازعي عن كرسي هيئة المسرح والفنون الأدائية بعد أن ساهم في ترسية قواعدها وشد أسسها، وقُدمت خلال فترة رئاسته مبادرات وفعاليات وبرامج وأفكار وجوائز؛ جوائز التميز ومبادرة تطوير المهارات، والمسرح المدرسي، وقُدم العرض الأوبرالي زرقاء اليمامة ومهرجان الخليج المسرحي في دورته الرابعة عشرة لأول مرة في المملكة العربية السعودية وغيرها كثير. ترك البازعي بصمة وابتسامة؛ بصمة إنجاز لافت، وابتسامة خلق رفيع عرفنا به الأخوين البازعي سعد وسلطان بالترتيب العُمري –مع حفظ المقامات والألقاب-، وبالمقابل جاء إلى هيئة المسرح صاحب بصمة وابتسامة أيضا؛ محمد حسن علوان، خلق رفيع، وإنجازات سجلتها هيئة الأدب والنشر والترجمة. المترجم المعتمد، وبرنامج ناقد، والمعتزلات الكتابية، والوكيل الأدبي وبرنامج الشريك الأدبي وغيرها كثير.
والشريك الأدبي قد يكون هو الظاهرة الثقافية التي أعادت تشكيل المشهد الثقافي، ولعلي لا أبالغ إن قلت إنها أصبحت –أي فكرة الشريك الأدبي- ظاهرة اجتماعية أيضا، فإعادة تشكيل المفاهيم في الذهنية الاجتماعية، وتبديد التصورات تجاه الأشياء ومن ثم إعادة منحها أشكال وتصورات أخرى؛ يعتبر من مكونات الظواهر الاجتماعية، وهذا ما نجح فيه برنامج الشريك الأدبي، فالصورة الذهنية للمقهى ارتبطت بأشكال وقوالب محددة لم تفلح جميع التطورات في شكل المقهى ومحتواه في تغيير جوهري في هذه الصورة إلى أن جاء الشريك الأدبي الذي أعاد تشكيلها وبلورة التصورات التي خرجت من نمطية امتدت لفترة طويلة إلى تصورات مرنة وواعية.
والسؤال هنا أو لنقل المؤمل هنا أن تصاغ الفكرة ذاتها بما يتناسب مع عنصر المسرح، وليصبح الشريك الأدبي الشريك المسرحي الذي يعيد تشكيل الصورة الذهنية عن المسرح في تصورات بعضنا، والتي ذهبت إلى شكل واحد من أشكال المسرح المتعددة والمتنوعة، وليكون هذا البرنامج رديفا لسابقه –الشريك الأدبي-، ومعززا للدور التشاركي بين هيئات وزارة الثقافة المختلفة التي تنتظم في عقد ثقافي واحد يزين جيد الجسد الثقافي الواحد.
الشريك المسرحي ليس فكرة هلامية بعد أن رأينا فكرة الشريك الأدبي روح تتنقل بين مقاهي المدينة الواحدة وبين مدن ومناطق المملكة العربية السعودية المختلفة، وفي كل مكان تترك بصمة نجاح وحضور لا فت، وتعيد بعث الحياة الثقافية في كل محطة تنتقل إليها.
المسرح كان في يوم من أيام الثقافة السعودية محطة التقاء عناصر المسرح البشرية والأدبية والفنية والحضارية، وكان حياة ترفل بالحياة، وكان المسرح في المدرسة وفي الجامعة وفي ميادين الحياة الاجتماعية جزء من تركيبة فنية متحلقة حول المناشط الرياضية والترفيهية والتوعوية، وكان المسرح جزء من الابتسامة ومشكل من مشكلات التاريخ والفهم والوعي.
فهل نحن على موعد مع شريك مسرحي ينفض ما تبقى من غبار كان يحتاج لمدة طويلة لنفضه عن مسرحنا السعودي؟