في شهر مارس الماضي، كتبت مقالاً استشرافياً في صحيفة الرياض، تحت عنوان "أول تريليونير في التاريخ"، توقعت فيه أن يصبح الملياردير الأميركي إيلون ماسك أول تريليونير في العالم، والآن، تتحقق توقعاتي بشكل تدريجي، فقد أعلن هذا الأسبوع عن اقتراب ثروة ماسك من حاجز النصف تريليون، وهنا يبرز السؤال حول: كيفية صناعة ماسك لهذه الثروة الاستثنائية؟ من المؤكد، أن رائد الأعمال الأشهر في العالم اليوم، استفاد من موارده المتجددة بشكل مذهل، منها حصته الهائلة في شركة "تسلا" للسيارات الكهربائية، والتي قفزت قيمتها بنسبة 70 % في عام 2024، ومعها زادت ثروة رئيسها التنفيذي إيلون ماسك بنسبة 77 %.
منذ فوز ترمب بالرئاسة، تعززت مكانة ماسك "الصديق الأول" لترمب، وقد كان الرجل صريحاً في دعمه للرئيس المنتخب، فضخ بسخاء 118 مليون دولار في حملته الانتخابية، وقد كافأه ترمب بتعيينه، على رأس "وزارة الكفاءة"، التي يراهن من خلالها سيد البيت الأبيض على عبقرية ماسك في خفض تريليوني دولار من الميزانية الفيدرالية، والواقع، أن ماسك يمتلك العديد من مقومات النجاح التي تجعله أول تريليونير، فهو الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، أكبر شركة سيارات كهربائية في العالم، وفيها تبلغ حصته 13 %، أي أكثر من 100 مليار دولار، وقد استفاد ماسك من أرباح "تسلا" القوية خلال الربع الثالث، مع 2.2 مليار دولار، وسيستفيد حتماً من النمو المتوقع لمبيعات الشركة بنسبة 30 % في عام 2025.
تتنوع مصادر الإيرادات لدى ماسك بشكل ملحوظ، فهو أيضاً الرئيس التنفيذي لشركة سبيس إكس، المتخصصة في صناعة الصواريخ الفضائية، والتي تعتبر وكالة ناسا الشهيرة أبرز عملائها، وتعتبر "سبيس إكس" الشركة الناشئة الأكثر قيمة سوقية في العالم، بنحو 350 مليار دولار، حيث يملك ماسك 42 % من الشركة، وقد أطلقت الشركة أكثر من 400 صاروخ فضائي منذ تأسيسها عام 2002، ولديها أكثر من 4 ملايين مشترك في خدمة الإنترنت الفضائي "ستارلينك"، وبعيدًا عن "سبيس إكس" و"تسلا"، ينوع ماسك مشاريعه التجارية لتشمل الإعلام الجديد، فهو المالك الفعلي لمنصة "تويتر" أو "إكس" منذ أكتوبر 2022، وحينها كان عدد المستخدمين 258 مليون مستخدم، والآن وصل العدد إلى 611 مليون مستخدم، وقد وسع ماسك أرباحه، فأضاف خدمة اشتراك مدفوعة بقيمة 8 دولارات شهريًا، لتوثيق الحسابات، ويمتلك ماسك 79 % من المنصة الشهيرة.
بالإضافة إلى ذلك، أسس ماسك شركة "إكس إيه آي" للذكاء الاصطناعي في عام 2023، والتي يمتلك فيها حوالي 60 %، وأطلق أيضاً شركة بورينج للإنشاءات، والتي تستهدف حل مشكلات الازدحام المروري عبر بناء الأنفاق، كما شارك ماسك في تأسيس شركة نيورالينك، التي صممت "واجهة الدماغ والحاسوب"، وهي عبارة عن شريحة يمكن زرعها في الدماغ، وتسمح للمستخدمين بالتحكم في أجهزة الكمبيوتر والأجهزة المحمولة الخاصة بهم باستخدام أفكارهم، كما تعمل "نيورالينك" على مساعدة المصابين بالشلل الرباعي، عبر التحكم في أجهزتهم باستخدام أفكارهم، وتقدر قيمة الشركة، التي دشنت أول تجربة بشرية لها في يناير 2024، بنحو 8 مليارات دولار، وهكذا، ومن خلال مصادر الثروة المتعددة، والتي تتدثر برداء الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الفائقة والذكاء الاصطناعي، يتقدم ماسك بسرعة الصاروخ نحو انتزاع لقب أول تريليونير في التاريخ.