مثل هذا القطار سمةٌ بارزةٌ للمدن الكبرى، ويليق بالرياض؛ نظراً لحجمها وأهميتها ومستقبلها المشرقِ -إن شاء الله تعالى-، ومن شأنه أن يحل إشكالات الزحام الذي أضحى ظاهرة تؤرق سكان مدينة الرياض، وأن يُضفي عليها طابعاً حضريّاً مميزاً، لا سيّما مع ما تنتظره البلادُ من استضافةِ مناسباتٍ عالميةٍ مهمةٍ، من أهمِّها استضافةُ كأسِ العالمِ 2034م..

جودةُ الحياةِ أملٌ يراوِدُ المجتمعاتِ، وهمٌّ يؤرِّقُ الإنسانَ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ؛ وأساسٌ متينٌ ترسو عليه الدولُ العُظمى؛ لأنه عبارةٌ عن تحقُّق مصالحِ الفرد والمجتمع، سواءٌ كانت ضروريّة أو حاجيّة أو تكميليّة، مع مراعاةِ رتبةِ كلٍّ منها، ومع الدُّؤوبِ على انتقال عيشة المجتمع من الحسنِ إلى الأحسن، وعدم الوقوف عند إنجازٍ معيّنٍ؛ ليكون هو السقفَ الذي يحدُّ التطلُّعاتِ، وبناءً على ذلك ظلت العناية بجودة الحياة هدفاً منشوداً لقيادتنا الرشيدة في دولتنا المباركةِ المملكة العربيّة السُّعوديةِ، وهو هدفٌ تدورُ عجلةُ تحقُّقه على مدار الوقتِ، فلا ينفكُّ المجتمعُ يلمسُ أثراً جديداً حميداً من آثاره، ومن أحدثها افتتاح قطار الرياض الذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -أيّده الله- يوم الأربعاء 25 جمادى الأولى ‏‏1446هـ، الموافق 27 نوفمبر 2024م، وقد تجسّد في هذا المشروع ما عهدناه من المملكة من مزاحمتها العالمَ الراقي بمنكبٍ ضخمٍ، فكان هذا المشروع أحدَ أضخم مشروعات النقل العام في العالم، مميَّزاً بطبيعته الدقيقة وجودة مواصفاته وتقنيته العالية، ‏وانسجامه مع الخصائص الاجتماعية والبيئية والعمرانية لمدينة الرياض وسكانها، ولي مع انطلاق هذا المشروع المبارك وقفات:

الأولى: حرص سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله تعالى- على كل ما يعود على الوطن والشعب السعودي بالنفع والتيسير والراحة، وبذلهما في سبيل ذلك الغالي والنفيس، وهذا بسبب ما يدركانه من تحملهما مسؤولية عظيمة كانا وما زالا أهلاً لها، ففي كل مجالات الحياة نرى ما يسطرانه من بذلٍ وعطاءٍ متمثلٍ في جلب أصناف المصالح وتكميلها، وفي درء أصناف المفاسد وتقليلها، والهدف الأسنى وراء ذلك التقدُّمُ المستمرُّ بالمملكة السعودية لتبقى في مصافِّ الدولِ العُظمى؛ ولتكون مدنها من أفضل المدن صلاحيةً للعيشِ الكريم، ومن أمثلة ذلك قطار الرياض فمثل هذا القطار سمةٌ بارزةٌ للمدن الكبرى، ويليق بالرياض؛ نظراً لحجمها وأهميتها ومستقبلها المشرقِ -إن شاء الله تعالى-، ومن شأنه أن يحل إشكالات الزحام الذي أضحى ظاهرة تؤرق سكان مدينة الرياض، وأن يُضفي عليها طابعاً حضريّاً مميزاً، لا سيّما مع ما تنتظره البلادُ من استضافةِ مناسباتٍ عالميةٍ مهمةٍ، من أهمِّها استضافةُ كأسِ العالمِ 2034م، وهنا أنتهز هذه الفرصة لأهنئ قيادتنا ووطننا بإنجاز فرصة استضافته، ولا غبار على أن الصورة المتكاملة لمشروع النقل العام بمدينة الرياض من أفخم ما تستقبل به المملكة العالم بعد عشر سنوات بإذن الله تعالى.

الثانية: إن هذا العمل الجليل هو بذرةٌ بذرها سيدي خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله تعالى-، وهو من بركات توجيهاته عندما كان رئيساً للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ‏وتولى رعايتها سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس إدارة الهيئة الملكية لمدينة الرياض، الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله تعالى-، فسقى غراسها بمعينِ العطاءِ السخيِّ، وأضاءَ دربَ القائمين عليها بآراءٍ نيّرةٍ، وليس هذا بمستغربٍ من سموِّه؛ فإنَّ الوطنَ مغتبطٌ معزَّزٌ بجهوده، والمجتمع محظوظٌ برؤيته العظيمة 2030م، وقد ظهرت شخصيته القيادية، وحنكته الفذة من خلال منجزات هذه الرؤية، وما تحقق للمملكة به بعد الله تعالى، من إنجازاتٍ نوعيّةٍ، واجتياز تحديات صعبةٍ، ومكافحة السلوكيات السيئة التي تُقوِّضُ البلدانَ من فسادٍ ورشوةٍ واستغلالِ سلطة،ٍ وردِّ مكايد أعداء الوطن في نحورهم، وتجنيب البلاد تبعاتِ الآراء الهدّامة، والأحزاب المشؤومة، وغير ذلك من الإنجازات العظيمة التي نحمد الله تعالى على تيسيرها لسموّه.

الثالثة: إننا في منطقة الرياض ما زلنا ننعم بآثار إمارة سيدي خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله تعالى- لمنطقة الرياض، وسيره بها سيرة حسنة صارت مثالاً يُحتذى لجميع أمراء المناطق، ولم تكن عنايته لمنطقة الرياض لتتراجعَ بسبب تقلدُّه الملكَ، واضطلاعه بهذه المسؤولية الكبرى، بل تجددت رعايته لمنطقة الرياض بتعيينه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أميراً لمنطقة الرياض، وبذلك يكون قد وضع إمارة هذه المنطقة في يدٍ أمينةٍ تُكملُ ما بدأ، وتحرسُ ما شيّد، وتدأبُ في التطوير والابتكار، ولا تدّخرُ جهداً في الارتقاء بهذه المنطقة المباركة، فسموه من خيرة أكفاء رجال الوطن، ويتمتع بخبرةٍ طويلةٍ، ودرايةٍ كبيرةٍ، وسياسةٍ عظيمةٍ وقد نهجَ نهجَ سلفه، وحذا حذوه، في إحقاق الحق، وإزهاق الباطل، وقمعِ الظالمِ، ونصرِ المظلومِ، فصار خير خلفٍ لخير سلف، يُعينه في ذلك نائبه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز، وهو الرجلُ المناسبُ في المكانِ المناسبِ، فلا عجب أن تتكلّلَ هذه الجهود بالنجاحِ في ظلِّ القيادةِ الرشيدةِ، والإمارةِ العظيمة.