بخبرات متراكمة وحكمة بالغة تقود المملكة سوق النفط العالمي بكل اقتدار، مُحققة فيه الكثير النجاحات النوعية التي أثمرت عن تأمين الطاقة لشعوب العالم بأسعار معقولة، تُرضي المنتج والمستهلك معاً، مظاهر هذه القيادة بدأت منذ عقود عدة، من خلال عضوية السعودية ودورها المحوري في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وتحالف أوبك +، إذ نجحت بالوصول بالمنظمة العالمية إلى بر الأمان، من خلال تعزيز التوازن بين معروض النفط في الأسواق والطلب عليه.

خبرات المملكة في قطاع النفط تجلت في أعمال الاجتماع الوزاري الـ113 لمنظمة «الأقطار العربية المصدرة للبترول» (أوابك) الذي عُقد بدولة الكويت، وفيه دعت السعودية الأعضاء إلى أهمية إعادة صياغة اتفاقية إنشاء المنظمة وإعادة هيكلتها وتطوير أعمالها وتغيير اسمها إلى «المنظمة العربية للطاقة (AEO)»، هذه الدعوة تعكس رغبة المملكة الجادة في النهوض بأعمال المنظمة وبرامجها، وتعزيز دورها، كأحد اللاعبين الرئيسين المؤثرين في تحديد بوصلة أسواق النفط العالمية.

اقتراح المملكة بتطوير «أوابك» لم يكن من فراغ، وإنما من رؤية سعودية ثاقبة لقطاع الطاقة العالمي بمختلف مجالاته، تستشعر فيه تحولات كبيرة ومتسارعة على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية، الأمر الذي يحتم على المنظمة العربية أن تراجع برامجها وأهدافها وآليات عملها، وتعمل على مواكبة المستجدات العالمية، حتى تتمكن من الاستفادة من الفرص الواعدة التي توفرها تحولات الطاقة.

الاقتراح السعودي من شأنه أن يدفع منظمة «أوابك» إلى الأمام، ويوسع من قاعدة أعمالها، لتشمل جميع المجالات المندرجة ضمن قطاع الطاقة والمتعلقة به. وترحيب الدول الأعضاء بالمنظمة بهذا الاقتراح يعكس الثقة في خبرات المملكة وقدرتها على تعزيز دور «أوابك»، إلى جانب توسيع نطاق عضويتها لتشمل كل الدول العربية الراغبة في الانضمام إليها، والإسهام في أهدافها، دون أن ينحصر هذا على الدول النفطية فقط.

دور المملكة سواء في منظمة «أوبك» أو «أوابك»، يؤكد ثقة العالم بأكمله في السعودية، وحكمتها وريادتها لإدارة أسواق النفط، وتنظيم إمداداته بآليات منضبطة تضمن توفر الطاقة لمن يريدها، دون استغلال أو تسلط قد يعكر صفو الاستقرار العالمي إذا ما ارتبكت امتداد النفط، هذه الريادة لا تقتصر على الطاقة الأحفورية فحسب، وإنما تمتد لمجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين، وزيادة كفاءة الطاقة، فضلاً عن جهود مكافحة التغيّر المناخي.