لم يستغرق الوقت مني سوى سبع دقائق حتى وصلت راجلاً إلى أقرب محطة مترو لمنزلي، وما هي إلا لحظات وأنا أمخر عباب الخط الأزرق، من شمال العاصمة نحو جنوبها، وبقدر بهجتي بهذا المنجز الوطني، بقدر رغبي مشاركتكم لمحات ولقطات من مترو الرياض الوليد في شهره الأول.

لم يتوقع أشد المتفائلين هذا الإقبال الواسع في بدايات إطلاق المترو، ولكن يبدو أن تطوّر ثقافة المجتمع، وازدحام الرياض قد جعل النجاح حليف المشروع منذ اللحظة الأولى.

تحية تقدير وثناء لفتياتنا وشبابنا في خدمة العملاء داخل المحطات، لم أجدهم سوى مبتسمين ومبادرين، فأمسوا الصورة المشرقة للمترو.

شكراً للجهات الحكومية والخاصة التي بادرت بتوفير حافلات نقلٍ ترددي، بين مقراتها ونحو أقرب محطة مترو، الأمر عززته الهيئة الملكية لمدينة الرياض باتفاقها مع إحدى شركات النقل، لتوفير النقل المجاني لما لا يزيد قطره على 3 كليو متر، كل ذلك يرسّخ ثقافة النقل العام، ويضاعف من آثاره الاقتصادية والاجتماعية.

لركوب المترو آداب وأعراف، يفترض بنا نحن المسلمين أن نكون الأكثر التزاماً بها، فما بالك ولدينا الأخلاق العربية الأصلية.

لا بد أن تبادر إدارة المترو باستغلال فرص التواصل داخل المقطورات وفي المحطات وحماها، فلك أن تتصور سهولة استخدام الشاشات الإلكترونية، ومدى تأثير انتشارها في القطارات على الركاب، كون مستوى ومدة الاهتمام يعد مرتفعاً داخل القطارات، إذ يمكن استغلالها لإبراز المناسبات الوطنية والترويج للخدمات والمنتجات.

نظافة محطات ومقطورات المترو رائعة، لكن ذلك لم يكتمل بنظافة المنطقة المحيطة، التي يقع عاتقها على الأشخاص أنفسهم، فلا يعقل أن ترمي ما معك على الأرض قبل أن تدخل!

لا أروع من قصص من اختصر عليهم المترو الوقت والجهد، بدلاً من إضاعة الوقت في ازدحام الطريق والوقت المستهلك، ناهيك عن صعوبة إيجاد موقف للسيارة، بالتأكيد المترو غيّر حياتهم وجوّدها.

المحطات الرئيسة آيات في الإبداع المعماري، وإضافة نوعية للعاصمة، فشكراً لكل من أبدع وأنجز.

من المهم أن يقوم "المرور" بحل تحدي ركن الركاب سيارتهم أمام المنازل والعمائر القريبة من المحطات، خاصة والبعض يرمي سيارته دون أن يدرك أنه يضايق السكان، بل وقد يغلق مخرجاً قد يكلف حياة إنسان، أو يسد باب رزق.

لفتت نظري مبادرة شبابية رقمية، بعنوان "دليل مترو الرياض"، وهي مدونة تجمع لك الأماكن التي تستطيع الوصول لها مشياً من محطات المترو، من حدائق ومطاعم، ومقاهٍ ومجمعات وأنشطة.

حتماً أن الهيئة الملكية لمدينة الرياض تدرس تطوير مسارات المترو وزيادتها، وكلي أمل أن تُشرك فئات المجتمع في دراستها، وأن تكون مرتبطة بالمشاريع الجديد كالدرعية والمربع الجديد، وأن يزداد عدد المحطات الرئيسة، ومواقف السيارات.

نجاح مترو الرياض يجعلنا أكثر تفاؤلاً بنجاحه في المدن الأخرى الأكثر حاجة، كما في مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة.