تُعد مشاركة المملكة في المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" لعام 2024 خطوة استراتيجية تعكس التزامها بتعزيز التنمية المستدامة وترسيخ مكانتها كقوة اقتصادية عالمية. منذ انطلاق المنتدى في عام 1971، أصبح منصة دولية تجمع صناع القرار من الحكومات وقطاع الأعمال والأوساط الأكاديمية لمناقشة التحديات العالمية ووضع حلول مشتركة.
بدأت المملكة مشاركتها في المنتدى منذ أوائل الثمانينات، مستهدفة تعزيز دورها كأحد أكبر منتجي النفط في العالم. ومع مرور الوقت، تطورت هذه المشاركة لتصبح أكثر شمولاً، خصوصاً مع إطلاق رؤية السعودية 2030، حيث باتت المملكة تُسلط الضوء على التنويع الاقتصادي والاستثمارات في القطاعات الجديدة مثل الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، والسياحة.
في هذا السياق، شاركت صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان بن عبدالعزيز، سفيرة خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأمريكية، في المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" لعام 2024 كعضو في وفد المملكة برئاسة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان. في تصريحاتها، أكدت الأميرة ريما أن مشاركة المملكة في المنتدى تعكس مكانتها ودورها الريادي على الساحة العالمية. كما أبرزت دور رؤية 2030 في تحقيق إنجازات ملموسة على الصعيد الدولي، مشيرة إلى أن هذه الرؤية رسّخت نهجًا جديدًا للمملكة، مما عزز مكانتها القيادية في المنطقة والعالم.
وقدمت الأميرة ريما شكرها وامتنانها لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على دعمهما المستمر، مؤكدة أن المملكة باتت نموذجًا رائدًا في مجالات الاستدامة والتنمية الاقتصادية. تُبرز تصريحاتها التزام المملكة بتعزيز حضورها الدولي والمساهمة الفعالة في مناقشة التحديات العالمية، بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030.
إلى جانب ذلك، شهد المنتدى تصريحات مهمة من مسؤولين سعوديين آخرين. أكد وزير الاستثمار، المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح، أن دول الخليج نجحت في اجتذاب استثمارات أجنبية مباشرة بضعف متوسط المعدلات العالمية. وأشار إلى أن الاستثمار الأجنبي لا يتعلق برأس المال وحسب، بل يجلب المعرفة والوصول إلى الأسواق والتكامل العالمي، مما يعزز الاقتصاد المحلي.
من جانبه، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية، بندر بن إبراهيم الخريف، أن مشاركة المملكة في المنتدى تؤكد دورها المهم في مواجهة التحديات العالمية، خاصة فيما يتعلق بسلاسل الإمداد وبناء القدرات ودورها المحوري في التحول نحو الحياد الصفري. وأشار إلى أن رؤية المملكة 2030 تتقاطع مع العديد من القضايا العالمية المهمة، مثل التغير المناخي والتنمية المستدامة والابتكار، وأن المنتدى يُعدّ فرصة للتواصل مع اللاعبين المهمين في القطاع الخاص حول العالم لتعزيز الحراك الاقتصادي والتنموي في المملكة.
في كل دورة من المنتدى، تستغل المملكة الفرصة لعرض مشاريعها الطموحة مثل "نيوم"، و"مشروع البحر الأحمر"، ومبادرة "السعودية الخضراء"، وذلك لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعزيز التعاون الدولي. تُعد هذه المشاريع نقطة جذب للشركات العالمية والمستثمرين الباحثين عن فرص في الأسواق الناشئة.
إلى جانب الطموحات الاقتصادية، يُعد "بيت السعودية"، الذي يتم تنظيمه في "دافوس"، نافذة تفاعلية تعرض من خلالها المملكة ثقافتها ومشاريعها الوطنية الكبرى. في النسخة الأخيرة، أبهرت المملكة الحضور بعروض تسلط الضوء على تطلعاتها لتصبح مركزًا رئيسيًا لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط.
ختاماً، تُجسد مشاركة المملكة العربية السعودية في المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" دوراً محورياً في صياغة مستقبل الاقتصاد العالمي. بفضل رؤية 2030 وخططها الاستراتيجية المدروسة، تتحول المملكة من دولة تعتمد على النفط إلى قوة اقتصادية متكاملة تُحدث فرقاً حقيقياً على الساحة الدولية. من خلال مبادراتها الطموحة، مثل مشاريع الطاقة النظيفة والابتكار التكنولوجي، لا تكتفي المملكة بمواجهة التحديات العالمية، بل تسعى أيضاً إلى قيادة الجهود الدولية نحو التنمية المستدامة. إن دور السعودية في "دافوس" لا يعكس فقط التزامها بمسؤولياتها العالمية، بل يُبرز أيضاً رؤيتها الواضحة لتكون شريكاً استراتيجياً رئيسياً يُلهم الدول الأخرى للارتقاء بمعايير التعاون الاقتصادي والتنمية المستدامة.